"صقر المخابرات يتحول للدبلوماسية، وأبرز رموز نهضة تركيا الاقتصادية يقود الفريق الاقتصادي، وقائد الجيش وزيراً للدفاع، وابنة أردوغان الروحية تصبح وزيرة"، هكذا يمكن وصف العناوين العريضة لـ"حكومة أردوغان الجديدة" التي شهدت تغييرات واسعة في تركيبتها، تضمنت تعيين شخصيات قوية مع توجه بأن تكون حكومة قومية غير خاضعة للمساومات الحزبية.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مساء السبت 3 يونيو/حزيران 2023، عن تشكيلة حكومته الجديدة بعد انتهاء مراسم تنصيبه لولاية جديدة؛ إثر فوزه في الانتخابات الرئاسية، والتي ضمت في غالبيتها وجوهاً جديدة، ولكنها تضم أسماء بارزة ومشهورة بقوتها في الملفات المعنية بها، خصوصاً في وزارات الدفاع والخارجية والمالية.
وتضم الوزارة 17 وزيراً، من بينهم 15 وزيراً جديداً، في أكبر حملة تجديد للمناصب الوزارية، وفقط حافظ وزيرا السياحة محمد نوري إرصوي والصحة فخر الدين كوجا على موقعيهما.
وأصبح العديد من أبرز الوزراء السابقين أعضاء في البرلمان مثل وزير الدفاع خلوصي آكار، ووزير الداخلية سليمان صويلو، ووزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو، حيث استعان الرئيس التركي بهم لخوض الانتخابات البرلمانية الصعبة التي تمكن فيها التحالف الحاكم من الاحتفاظ بالسيطرة على البرلمان، رغم تراجع مقاعد حزب العدالة تحديداً..
أعضاء حكومة أردوغان الجديدة
وفيما يلي أعضاء الحكومة التركية الجديدة:
نائب رئيس الجمهورية: جودت يلماز
وزير الخارجية: هاكان فيدان
وزير الداخلية: علي يرلي قايا
وزير الدفاع الوطني: يشار غولر
وزير التجارة: عمر بولات
وزير الخزانة والمالية: محمد شيمشك
وزير الطاقة والموارد الطبيعية: ألب أرسلان بيرقدار
وزير النقل والبنية التحتية: عبد القادر أورال أوغلو
وزير الصحة: فخر الدين قوجة
وزير الثقافة والسياحة: محمد نوري أرصوي
وزير الشباب والرياضة: عثمان أشقين باك
وزير الصناعة والتكنولوجيا: محمد فاتح قجر
وزير الزراعة والغابات: إبراهيم يومقلي
وزير التربية الوطنية: يوسف تكين
وزير البيئة والتخطيط العمراني والتغير المناخي: محمد أوز حسكي
وزير العدل: يلماز تونج
وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية: ماهينور أوزدمير غوكطاش
وزير العمل والضمان الاجتماعي: وداد إشيق هان
ولوحظ تراجع حضور القيادات الكبيرة في حزب العدالة والتنمية لصالح التكنوقراط، في مقابل حضور "أسماء ثقيلة" مثل رئيس جهاز الاستخبارات السابق هاكان فيدان في منصب وزير الخارجية، كما عاد محمد شيمشك وزير المالية الأسبق والملقب بصديق الأسواق، إلى المنصب نفسه.
رجل الظل يخرج إلى العلن
من أبرز الوزراء الجدد هاكان فيدان رئيس جهاز الاستخبارات التركية سابقاً الذي تولى منصب وزير الخارجية، وهو من مواليد العاصمة أنقرة سنة 1968، تخرج في المدرسة الحربية بمدرسة اللغات في القوات البرية عام 1986، ونال بكالوريوس في العلوم السياسية والإدارية من جامعة ميريلاند الأمريكية، وماجستير ودكتوراه من جامعة بيلكنت بأنقرة/قسم العلاقات الدولية، وعمل في وحدات التدخل السريع التابعة لحلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO). كما عمل في صفوف فرع جمع المعلومات السريعة بألمانيا، ومسؤول السياسة الخارجية وقضايا الأمن في رئاسة الوزراء، وعضواً في مجلس إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ثم عمل ممثلاً خاصاً لرئيس الجمهورية ونائباً لرئيس جهاز الاستخبارات، كما تولى عام 2003 منصب رئاسة وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا)، واستمر في منصبه حتى عام 2007.
شغل منصب نائب رئيس جهاز الاستخبارات التركية في أبريل/نيسان 2010، ثم شغل منصب رئيس جهاز المخابرات طوال 13 عاماً منذ مايو/أيار 2010، وبذلك كان أول رئيس شاب يشغل هذا المنصب، حسبما ورد في تقرير لموقع "الجزيرة.نت".
ولعب فيدان دوراً بارزاً في الملفات المهمة خلال السنوات الماضية، بدءاً من دوره في التصدي للانقلاب في صيف عام 2016، والذي يسبقه دور يعتقد أنه قام به في تحجيم الميول الانقلابية السابقة بالجيش التركي.
كما لعب دوراً مهماً في ملفات السياسة الخارجية وأهمها سوريا، والتي انتقلت فيها تركيا من شفا المواجهة مع روسيا إلى التنسيق معها بعد مجيء القوات الروسية إلى سوريا، وضربها لمدينة حلب، مما مثّل هزيمة للثورة السورية، ولكن سرعان ما شاركت تركيا وروسيا وبصورة أقل إيران، في عملية الآستانا للتسوية السياسية في سوريا والتي وإن لم تؤد إلى تسوية سياسية تعيد اللاجئين، وتحقق إصلاحات سياسية في سوريا، فإنها وفرت الحماية للمنطقتين اللتين تحكمهما المعارضة السورية الحليفة لأنقرة، كما لم تتوانَ تركيا عن الدخول في مواجهة مع جيش النظام السوري عندما حاول بدعم من موسكو، ضرب المعارضة السورية في إدلب عام 2020.
وأدى كل ما سبق إلى تعزيز نفوذ أنقرة في الملف السوري، وتنسيقها مع موسكو، وبصورة أقل طهران، وهو ما ساعد تركيا على التعامل مع الملف الأخطر بالنسبة لها وهو الإدارة الكردية الذاتية، التي تقول أنقرة إن مؤسسيها يمثلون فرعاً سوريّاً لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً في تركيا والغرب.
كما مكن ذلك تركيا من إعادة نصف مليون لاجئ لشمال سوريا، حسب التصريحات التركية الرسمية.
وفي الملف الليبي، فاجأ أردوغان الجميع عام 2019، بتوقيعه اتفاقاً للدفاع المشترك مع حكومة الوفاق الليبية، المعترف بها دولياً، لتساعد أنقرة، هذه الحكومةَ على التصدي لهجوم أمير الحرب الليبي خليفة حفتر، على العاصمة طرابلس، مما أدى إلى هزيمة قواته، بل كادت قوات حكومة الوفاق تدخل مدينة سرت التي يسيطر عليها حفتر، وتوقفت بعد تهديدات من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالتدخل.
كما حققت تركيا نجاحات في العديد من الملفات المرتبطة بالجوانب العسكرية والاستخباراتية مثل مساعدة أذربيجان على هزيمة أرمينيا في حرب القوقاز عام 2020، وكذلك الدور التركي في العراق.
الآن، تحوُّل هاكان فيدان من دور رجل الظل إلى رئيس الدبلوماسية التركية يبدو أمراً مثيراً للانتباه، خاصةً أن أردوغان سبق أن رفض قبل سنوات، استقالته من رئاسة المخابرات وأن يترشح للبرلمان، بالنظر إلى دوره المهم للغاية في ذلك المنصب.
وقد يكون هذا التحول نابعاً من أن كثيراً من الملفات التي تولاها هاكان فيدان قد انتقلت من خانة العمل الاستخباراتي السري وشبه السري، أو على الأقل البعيد عن الأضواء، إلى خانة العمل الدبلوماسي، مثل العلاقات مع مصر التي بدأت عملية المصالحة معها عبر لقاءات استخباراتية ثم تكللت بالإعلان عن ترتيبات لعودة السفراء، ومشاركة وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في حفل تنصيب الرئيس التركي.
وينطبق الأمر على الملف السوري، حيث بدأ بلقاءات أمنية وعسكرية بين الجانبين السوري والتركي، قاد خلالها فيدان عملية المحادثات الاستخباراتية مع النظام السوري، والتي وصلت فيما بعد إلى مستويات أرفع على صعيد وزراء الدفاع والخارجية برعاية روسية.
في ظل سعي أنقرة المعلن للتطبيع مع الأسد، يتوقع أن يحظى هذا الملف بدفعة بعد فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خاصةً أن رئيس النظام السوري بشار الأسد، يبدو أنه كان يراهن على فوز المعارضة، في الوقت ذاته يُعتقد أن الروس يضغطون عليه للتطبيع مع تركيا في ظل المصالح المتشابكة بين موسكو وأنقرة والتي باتت أكبر من الملف السوري والأسد كثيراً.
فعلى الرغم من أن فيدان رجل استخبارات قوي، ومؤسس الهيكلية الجديدة لجهاز الاستخبارات التركي الذي وصل لمستويات رفيعة في عهده، فإنه قاد العديد من المحادثات الأمنية الحساسة الخارجية، سواء مع النظام السوري أو مصر وليبيا وحتى الإمارات قبل أن تتحول إلى المستوى الدبلوماسي.
بمعنى آخر، كان فيدان رجل استخبارات ودبلوماسية في آن واحد، وإدارته المباشرة للعديد من الملفات على صعيد السياسة الخارجية تسهّل عليه عملية إدارة حقيبته الوزارية الجديدة.
وزير المالية يقود الفريق الاقتصادي، الأسواق تحبه وأيد أردوغان في الانتخابات
أما تعيين محمد شيمشك في منصب وزير المالية والخزانة، فهو يشير إلى تغير النهج الاقتصادي للحكومة، بالنظر إلى منهج الرجل القائم على المقاربة التقليدية في إدارة الاقتصاد، حسب الباحث المتخصص في الشأن التركي سعيد الحاج لـ"الجزيرة نت".
ورجح الباحث أن يكون شيمشك اتفق ضمنياً مع الرئيس أردوغان على فترة انتقالية تدريجية، إلا أنه يحمل فكرة التغيير ويتمتع بمصداقية في الأسواق، سواء في الداخل أو الخارج، موضحاً أن تعيينه في هذا المنصب يعكس إعطاء أردوغان الأولوية للتحدي الاقتصادي في السنوات القليلة القادمة.
وبعد عمله مدة طويلة في المؤسسات المالية بالولايات المتحدة وبريطانيا، عاد شيمشك إلى تركيا لينضم إلى حزب العدالة والتنمية، ويتم انتخابه نائباً عن ولاية غازي عنتاب في البرلمان سنة 2007. وتولى شيمشك منصب وزير الدولة لشؤون الخزانة، قبل أن يتم تعيينه وزيراً للمالية في 2009، ثم تولى منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية بين عامَي 2015 و2018، في الحكومة التي ترأسها أحمد داود أوغلو.
ويوصف شيمشك بأنه مهندس السياسات المالية والاقتصادية الناجحة لتركيا، وحاصل على عدة جوائز وتكريمات دولية، بينها ترشيحه كواحد من أقوى 500 شخص على هذا الكوكب من قبل "فورين بوليسي" في عام 2013، وحصل على جائزة "وزير المالية للعام للاقتصادات الناشئة بأوروبا 2013" من قِبل مجلة Emerging Markets.
وانتُخب لعضوية البرلمان في الأعوام 2007 و2011 و2015، ممثلاً عن حزب العدالة والتنمية، وصاغ شيمشك سياسة الحزب المالية التي ساعدت تركيا على التعافي بقوة من الأزمة المالية العالمية. كما أجرى إصلاحات بعيدة المدى، حيث أسس مجلس التدقيق الضريبي، وتبسيط اللوائح الضريبية، وتعزيز حقوق دافعي الضرائب، وتقليص اقتصاد الظل.
إن الدور الرئيسي لشيمسك، الذي يحظى بتقدير كبير في الأسواق المالية كمدير تقليدي، يمكن أن يشير إلى خروج عن سياسة غير تقليدية استمرت لسنواتٍ مدعومة بأسعار فائدة منخفضة، وهو ما يقول منتقدون إنه سبب للتضخم وصاحبته سيطرة الدولة الشديدة على الأسواق، رغم أن هناك مؤشرات على تراجع التضخم مؤخراً.
وشارك محمد شيمشك في حملة أردوغان الانتخابية، وبعد فوز أردوغان في جولة الإعادة الرئاسية الأحد الماضي، هنأه شيمشك -في تغريدة عبر حسابه على تويتر- قائلاً: "أهنئ رئيسنا رجب طيب أردوغان الذي أعيد انتخابه بدعم قوي من شعبنا في مسيرته السياسية التي استمرت ربع قرن، وأتمنى التوفيق لرئيسنا في خدمته لأمتنا، وأتمنى أن يحمل العصر الجديد كل التفاؤل لبلدنا والعالم".
وقال الرئيس التركي، في خطاب النصر الذي ألقاه من المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة أمام حشد من أنصاره: "سنخصص كل ما نملك لخدمة الشعب التركي، وتضميد آثار الزلزال"، مؤكداً عزمه على خفض نسبة التضخم "كما تم تخفيض نسبة الفائدة".
كما أكد أن تركيا لا بد أن تمتلك اقتصاداً إنتاجياً، وعبّر عن فخره بعدم لجوء حكومته إلى طلب قروض من صندوق النقد الدولي، بعد أن سددت آخر ديونها عام 2013.
كان هناك حديث عن اختلاف محتمل بين أردوغان وشيمشك يتعلق بنسبة الفائدة، إذ يتمسك الرئيس بضرورة خفضها، فيما يرى وزير المالية السابق حاجة مُلحَّة لرفعها عندما تقتضي الضرورة، حسبما نقلت وسائل إعلام تركية عن الصحفي عبد القادر سلفي.
وأفادت تقارير بأن شيمشك طلب سلطات تدور في أغلبها حول السياسة النقدية، التي أصبحت تتماشى مع رؤية أردوغان منذ تولي محافظ البنك المركزي الجديد منصبه في مارس/آذار 2021.
من ناحيتها، اعتبرت وكالة بلومبرغ الأمريكية أن عودة شيمشك المحتملة، إضافة إلى تشكيل فريق يحظى بمصداقية دولية، ستكون "خطوة مشجعة للاستثمار الأجنبي قد تلقى صدى إيجابياً واسعاً".
تراجع وزراء حزب العدالة ولا حقائب لحلفائه الكبار ولكن الأولوية للتكنوقراط المسيسين
والتشكيلة الجديدة خلت من الأسماء القيادية الحزبية، عكس الحكومة السابقة، حيث كان وزراء الخارجية والداخلية والعدل قيادات بارزة في حزب العدالة والتنمية.
كما خلت من وزراء محسوبين على الأحزاب الأعضاء في التحالف الحاكم رغم أن حزب العدالة والتنمية أصبح أكثر احتياجاً لهذه الأحزاب الحليفة مثل الحركة القومية وحزب الرفاه الجديد، بعد تراجع أصواته في البرلمان، إذ لا يملك وحده الأغلبية البرلمانية.
وبموازاة ذلك، وُجد أن أكثر الوزراء الجدد جاؤوا من داخل وزاراتهم، ولذلك "يمكن وصفهم بالتكنوقراط أكثر من كونهم حزبيين".
وكحالة استثنائية، جاء نائب الرئيس الجديد جودت يلماز من قيادات الحزب، عكس نائب الرئيس السابق فؤاد أقطاي، وهذا له علاقة بأن هذه الولاية الرئاسية قد تكون الأخيرة لأردوغان، كما يقول الحاج.
وزير الدفاع هو الرجل الذي أصبح في عهده الجيش أكثر احترافية وأقل اعتماداً على أسلحة الغرب
أما في وزارة الدفاع، فيبدو أن المنهج المتبع حالياً بسبب ما فرضته الأوضاع بعد محاولة الانقلاب في 2016، أن يكون وزير الدفاع من قيادات الجيش؛ لضمان أن يكون له نفوذ وعلاقات قوية وولاء من الضباط داخل المؤسسة العسكرية، وهو ما استدعى تعيين أكار في 2018 وغولر الآن، إضافة إلى الحاجة لوزير من خلفية عسكرية؛ لمتابعة ملفات مشاريع الصناعات الدفاعية، حسب الباحث التركي عامر سليمان.
يشار غولر وزير الدفاع الجديد هو رئيس الأركان السابق ومقرب من سلفه خلوصي أكار، وخلال السنوات الماضية، حدث تغير كبير في الجيش التركي، يعتقد أنه تم بجهود الوزير السابق خلوصي أكار ورئيس الأركان غولر، فبعد فشل انقلاب 2016، تمت عملية تطهير واسعة للضباط الانقلابيين بعد فرض حالة الطوارئ لمدة عام، وإجراء محاكمات لهم.
ولم يعد الجيش التركي يتدخل في السياسة الداخلية كما كان الأمر من قبل، وفي الوقت ذاته ازداد نشاط الجيش التركي في الخارج بشكل مباشر مثلما حدث في سوريا سواء ضد الإدارة الكردية الذاتية أو النظام السوري (إدلب 2020)؛ والنشاط شبه المباشر، مثل إرسال مستشارين وضباط أتراك لمساعدة حكومة الوفاق الليبية ضد هجوم حفتر، ودور غير مباشر مثل دور الجيش التركي في مساعدة أذربيجان ضد أرمينيا سواء عبر تزويد باكو بالسلاح أو المشورة العسكرية.
كما أصبح الجيش التركي أكثر اعتماداً على السلاح المحلي وأقل استيراداً للأسلحة من الخارج، (لم تبرم تركيا أي صفقة سلاح كبيرة خلال السنوات الماضية).
إضافة إلى ذلك أصبح الجيش التركي واحداً من أكثر جيوش العالم اعتماداً على الطائرات المسيرة ومهارة في استخدامها مثلما حدث في حرب إدلب عام 2020، والتي تعد أول معركة في التاريخ تفرض فيها الهيمنة الجوية عبر الطائرات المسيرة، ويعتقد أن تركيا لا تصدر فقط الطائرات المسيرة، بل إن الجيش التركي يقوم بتقديم المشورة لزبائن الشركات التركية حول كيفية استخدام هذا السلاح.
والي إسطنبول وزيراً للداخلية وابنة أردوغان الروحية وزيرة للأسرة
وفي ظل صعود ما يمكن وصفهم بـ"التكنوقراط المسيسين"، وهو ما يميز حكومة أردوغان الجديدة، مُنحت حقيبة الداخلية لعلي يرلي كايا والي إسطنبول، الذي يتميز باطلاعه التام على ملف مكافحة الإرهاب؛ إذ كان والياً في ولايات الشرق مثل إغدر وشرناق، حيث تقع مواجهات من وقت لآخر بين القوات التركية ومقاتلي حزب العمال الكردستاني.
ومن بين الأسماء البارزة في حكومة أردوغان الجديدة، وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية ماهينور أوزدمير جوكتاش، التي سبق أن وُصفت بأنها "الابنة الروحية" للرئيس أردوغان.
تتحدث الوزيرة أوزدمير الهولندية والإنجليزية والفرنسية بطلاقة، إضافة إلى لغتها الأم التركية، وهي من مواليد عام 1982، في العاصمة البلجيكية بروكسل لعائلة مهاجرة من ولاية قونية التركية.
حصلت أوزدمير على درجة البكالوريوس في هندسة الموارد البشرية من جامعة بروكسل ULB ودرجة الماجستير في الإدارة العامة، وعملت في تخطيط المدن وتقسيم المناطق والبيئة ومشكلة الإسكان ومكافحة التمييز في أماكن العمل.
انتخبت أوزدمير لعضوية البرلمان الأوروبي عن بروكسل لفترتين بدءاً من 2009 إلى 2019، وكانت أول نائبة محجبة تُنتخب لعضوية البرلمان الأوروبي، إلا أنها فصلت من حزبها "الديمقراطي المسيحي CDH"؛ لرفضها تعريف الإبادة الجماعية للأرمن بأنها إبادة جماعية، واستمرت في السياسة كنائب مستقل حتى انتهاء ولايتها عام 2019.
تم تعيينها سفيرة تركية لدى الجزائر في عام 2019، وهي أول سفيرة تعيّنها تركيا في شمال إفريقيا.
تؤشر التغييرات في حكومة أردوغان الجديدة إلى أنه لن يكون هناك تغيُّر كبير في السياسة الخارجية الجديدة للبلاد. أو بمعنى أدق، فإن وزير الخارجية الجديد سوف يستكمل عملية التحول في السياسة الخارجية للبلاد والتي لعب فيها دوراً عندما كان يشغل منصب رئيس المخابرات، خاصةً المصالحة مع مصر ودول الخليج والتهدئة مع الغرب، والتنسيق مع روسيا في الملف السوري، والوساطة في الملف الأوكراني.
وقد يكون أبرز تحدي لتركيا هو ملف البلقان مع تصاعد التوتر بين الصرب والألبان، وفي هذا الصدد، فإن أنقرة لديها علاقة قوية مع الصرب، إضافة لعلاقتها التاريخية مع الألبان والبوسنة والهرسك.
لكن في الملف الاقتصادي، فإن التغيير سيكون أكبر، يؤشر الفريق الاقتصادي إلى محاولة لطمأنة المستثمرين الأجانب، وجذب الاستثمارات الخارجية بالتوازي مع التهدئة في السياسة الخارجية.
ولكن في الأغلب، لن يعني ذلك عودة كاملة لسياسة رفع الفائدة لمستوياتها السابقة، حيث حفضها أردوغان من 24 إلى 8.5%، وقد يعمد الفريق الجديد إلى رفع محدود في سعر الفائدة مستفيداً من هامش الانخفاض الكبير الذي تحقق له بفضل إصرار أردوغان غير التقليدي على تخفيض الفائدة خلال السنوات الماضية، وهو ما يمثل إنجازاً عكس ما يقول المنتقدون، لأن أردوغان لو استجاب لطلبات النقاد برفع الفائدة من مستوى 24% لحلّقت الفائدة التركية في تركيا لمستويات مرتفعة مضرة بالنشاط الاقتصادي، والأهم سيؤدي ذلك إلى تفاقم الديون.
وبالتالي افتراض رفع حاد لسعر الفائدة غير منطقي، في الأغلب سنكون أمام سياسة وسط بين إصرار أردوغان على خفض الفائدة ورغبة أصحاب الأموال الساخنة في عودة أسعار الفائدة في تركيا لمستوياتها السابقة؛ ليواصلوا جني الأرباح منها.