ناقشت نخب عربية في فعاليات اليوم الثاني لمؤتمر "النظام العالمي المتغير وانعكاساته على منطقة الشرق الأوسط"، الذي انطلق في إسطنبول، السبت 3 مايو/حزيران 2023، التحول في النظام الدولي والإقليمي وانعكاسه على إسرائيل.
المؤتمر الذي نظمه منتدى الشرق في نسخته الثانية من "منتدى الإصلاح والتغيير"، أكد المشاركون في جلسته الرابعة، أن مكانة إسرائيل الاستراتيجية قلت عن السابق لا سيما على الصعيد العالمي، مشيرين إلى أن الاستبداد العربي يعد حالياً الحليف الآخر لتل أبيب في المنطقة، خاصة مع تصاعد الصراع الدولي بين الولايات المتحدة وروسيا من جهة، والتوتر مع الصين من جهة أخرى، بينما رأى آخرون أن تل أبيب صعدت في مجالات عدة لكنها فقدت بعض الامتيازات الدولية.
إذ قال الدكتور مهند مصطفى المدير العام لمركز مدى الكرمل، إن مكانة الولايات المتحدة الأمريكية الدولية كقوة مؤثرة، لا تزال هي العامل المركزي المؤثر على السياسة الداخلية والخارجية الإسرائيلية، لأن علاقات واشنطن بتل أبيب تعتبر أحد مركبات الإجماع الوطني الإسرائيلي، لافتاً إلى أن استمرار واشنطن في الهيمنة العالمية جزء من الاستقرار الإسرائيلي.
وفي عرض ورقته البحثية حول "تحولات النظام الدولي وأثرها على السياسة الداخلية في إسرائيل"، أوضح أن تل أبيب قائمة على مصلحتها في المقام الأول، فارتباط إسرائيل بأمريكا من أجل ما تمثله الولايات المتحدة من قوة مؤثرة عالمية، لذلك فإن زعزعة النظام العالمي تؤثر بشكل كبير على إسرائيل.
وتابع مصطفى: "الهيمنة الأمريكية في العقد الأخير شهدت تراجعاً على المستوى الدولي؛ الأمر الذي أدى إلى صعود تحدي الخطاب الأمريكي، بمعنى أنّ تراجع مكانة الولايات المتحدة الدولية واحد من العوامل التي تفسر تجرؤ سياسيين إسرائيليين على السياسة الأمريكية في السنوات الأخيرة، مع تأكيد بقاء التحالف مع الولايات المتحدة المركبَ الأساسي في الاستراتيجية الإسرائيلية".
كما أشار مصطفى إلى أن إسرائيل حاولت السنوات الماضية، تهميش القضية الفلسطينية على المستويين الإقليمي والدولي، وذلك من خلال عدم طرح الصراع في أي أجندة حقيقية في المحادثات، بالتزامن مع اتفاقيات التطبيع التي جرت مع دول عربية.
صعود إسرائيل في مجالات عدة
وتحدث المدير العام لمركز مدى الكرمل عن صعود إسرائيل في بعض المجالات المختلفة والذي عزز مكانتها بعض الشيء، لاسيما في المجالين التكنولوجي والعسكري خاصةً منظومة الدفاع الجوي لها، وتصدير أسلحتها للعالم.
وسلط مصطفى الضوء أيضاً على الصعود الإسرائيلي في مجال الطاقة، بعد اكتشافات النفط في البحر الأبيض ورفع مكانة إسرائيل ليس الاقتصادية بل الاستراتيجية، إضافة إلى ترسيم الحدود مؤخراً مع لبنان وتصدير الغاز إلى أوروبا عبر مصر.
وفي عرضه قال مصطفى إن إسرائيل بدأت تفقد عدداً من الامتيازات في السنوات الأخيرة، بعد نشوب الصراع الروسي الأوكراني والتوتر الدولي بين واشنطن والصين، حيث لا تستطيع تقوية علاقتها مع بكين وموسكو، لأن ذلك سيتسبب في توتر علاقتها مع واشنطن.
وأوضح أن الصراع بين روسيا والولايات المتحدة أدى إلى اتخاذ إسرائيل موقف الحياد من الأزمة الأوكرانية وعدم الرضوخ للضغط الدولي في تبني موقف فاعل بالأزمة الأوكرانية، وفي ذلك تحدٍّ إسرائيلي واضح للولايات المتحدة من جهة ولأوروبا من جهة أخرى.
العلاقات العربية الإسرائيلية
وحول العلاقات العربية الإسرائيلية في ضوء التحولات الإقليمية والدولية الراهنة، قال أحمد الجندي أستاذ الدراسات اليهودية والصهيونية بجامعة القاهرة، إن إسرائيل تمكنت خلال العقود الماضية، من تطوير علاقتها بالدول العربية إلى مستوى لم تكن تحلم به في السنوات الأولى منذ تأسيسها، لافتاً إلى أن العلاقات العربية الإسرائيلية تتسم بالدينامية، أي إنها تتفاعل تقدماً وتراجعاً بما تعيشه منطقة الشرق الأوسط من تقلبات.
كما تشهد العلاقات الإسرائيلية الأمريكية، وفقاً للجندي، توترات متكررة في الفترة الأخيرة منذ قدوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للسلطة، خاصة مع الإدارات الديمقراطية، يتزامن ذلك مؤخراً مع تراجع اهتمام الولايات المتحدة بالمنطقة في ظل تغيير أولوياتها.
تراجع مكانة إسرائيل
في السياق، قال رئيس منتدى الشرق وضاح خنفر، إن مكانة إسرائيل الاستراتيجية اليوم أقل من السابق، لا سيما مع المتغيرات في النظام العالمي، لافتاً إلى أن الصين لا يمكن أن تحل على سبيل المثال مكان الولايات المتحدة في دعمها المقدم لإسرائيل وأن تدافع عنها.
وتابع خنفر: "عملية التطبيع في المنطقة لها علاقة بضعف الدولة العربية وغياب أولويتها؛ الأمر الذي أدى إلى هذه الحالة التي نمر بها من سوء التقدير والمشهد".
كما أكد رئيس منتدى الشرق، أن الوضع في فلسطين أفضل حالياً من السابق "فلديها قدرة على الردع، حيث باتت إسرائيل محاطة بآلاف الصواريخ".
من جهته قال الكاتب الصحفي المصري فهمي هويدي، إن الاستبداد العربي هو الحليف الآخر لإسرائيل، مؤكداً أن الضعف العربي هو الضعف الحقيقي الذي يعد أخطر من الانحسار الإسرائيلي لفلسطين.
وتابع هويدي: "قضية فلسطين حقيقة لم تعد أساسية للعالم العربي، وإن إسرائيل وضعت مخططاً لها بمحاولة إلغاء الهوية العربية إلى الشرق أوسطية".