قالت صحيفة Washington Post الأمريكية، إن إيران تُسلِّح الميليشيات بسوريا من أجل مرحلةٍ جديدة في هجماتها ضد القوات الأمريكية داخل البلاد، كما تتعاون مع روسيا لوضع استراتيجية أوسع من أجل طرد الأمريكيين من المنطقة، بحسب ما قاله مسؤولون استخباراتيون وكشفته وثائق سرية مسربة.
الصحيفة الأمريكية أوضحت في تقرير لها الخميس 1 يونيو/حزيران 2023، أن إيران تتعاون مع حلفائها لتشكيل قواتٍ وتدريبها على استخدام قنابل أقوى لخرق الدروع على جوانب الطرقات، بغرض استهداف مركبات القوات الأمريكية وقتل الجنود الأمريكيين تحديداً، وفقاً لتقارير استخباراتية مسربة حصلت عليها Washington Post الأمريكية.
تهديد باندلاع مواجهات أوسع مع إيران
يقول محللو الاستخبارات الحاليون والسابقون إن هجمات الطائرات المسيّرة جرحت ستة جنود أمريكيين وقتلت مقاولاً دفاعياً بالفعل، بينما من المتوقع أن تزيد الأجهزة المتفجرة الجديدة حصيلة الضحايا الأمريكيين، مما يهدد باندلاع مواجهة عسكرية أوسع مع إيران.
يُذكر أن السلاح نفسه قد استُخدم من قبل بواسطة المتمردين الموالين لإيران، وذلك في هجماتهم المميتة ضد القوافل العسكرية الأمريكية أثناء غزو العراق. ويحمل السلاح اسم العبوة الناسفة الخارقة (العبوة الخارقة).
حيث أدار مسؤولون في فيلق القدس عملية اختبار أحد المتفجرات وأشرفوا عليها، وشهدت العملية بحسب التقارير اختراق المتفجرات لألواح الدبابة المصفحة في تجربة جرت أواخر يناير/كانون الثاني، وذلك في مدينة الضمير شرق دمشق، بحسب أحد التقارير الاستخباراتية.
بينما أشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن أن الوثيقة، التي كانت جزءاً من المواد السرية المسربة على منصة Discord، كانت مبنيةً على اتصالات تم اعتراضها بين المسلحين السوريين واللبنانيين الموالين لإيران.
فيما نصت وثيقة ثانية على إحباط إحدى المحاولات الواضحة لاستخدام تلك الأجهزة ضد القوات الأمريكية قرب الرميلان في فبراير/شباط، عندما صادر المقاتلون الأكراد ثلاث قنابل من أحد "العناصر" السورية بفيلق القدس في شمال شرقي سوريا.
تنسيق ثلاثي بين إيران وروسيا وسوريا
بينما تتحدث وثيقة أخرى عن جهود جديدة أوسع من جانب موسكو، ودمشق، وطهران لطرد الولايات المتحدة من سوريا. يُذكر أن آخر ثلاث إدارات أمريكية أبقت على وحدة صغيرة من القوات الأمريكية في سوريا؛ لمنع عودة مسلحي "الدولة الإسلامية"، وإحباط الطموحات الإيرانية والروسية، وتوفير ورقة ضغط تخدم الأهداف الاستراتيجية الأخرى.
لكن وجود القوات الأمريكية في سوريا يخلق فرصاً لصراعٍ جديد، حيث تحدثت وثيقة أخرى عن كيفية استعداد إيران مع حلفائها للانتقام من الهجمات الإسرائيلية على قواتهم، وذلك من خلال ضرب القواعد الأمريكية في سوريا.
كما تتحدث الوثائق المسربة عن خطط لحملة أوسع بواسطة خصوم الولايات المتحدة، إذ ستتضمن تعبئة المقاومة الشعبية ودعم حركة محلية لتنفيذ هجمات ضد الأمريكيين في شرق وشمال شرقي سوريا.
بينما التقى مسؤولون عسكريون واستخباراتيون من روسيا، وإيران، وسوريا في نوفمبر/تشرين الثاني 2022. واتفقوا على إنشاء "مركز تنسيق" لتوجيه الحملة بحسب تقييم استخباراتي سري تم إعداده في يناير/كانون الثاني.
غياب أي دليل على تورط روسي مباشر
لم ترد في الوثائق أي مؤشرات على تورط روسي مباشر في التخطيط لحملة التفجيرات. لكن الوثائق المسربة تشير إلى دور أكثر نشاطاً من جانب موسكو في الجهود الأوسع لمناهضة الوجود الأمريكي.
حيث قال آرون شتاين، الزميل الأقدم في Foreign Policy Research Institute، إن سياسة روسيا القائمة منذ وقتٍ طويل تعتمد على إخراج الولايات المتحدة من سوريا، لكن الأمر الجديد هو إنشاء مركز تنسيق مشترك لتحقيق ذلك الهدف.
كما أوضح شتاين أن إيران وروسيا تظنان أن بإمكانهما إدارة الصراع على الأرجح، وذلك في حال أدت هجمات الجماعات المسلحة إلى مقتل قوات أمريكية، لأن الولايات المتحدة ستكتفي على الأرجح بالرد عن طريق قصف أهدافٍ داخل سوريا.
لكن شتاين حذر من أن الهجوم الروسي على أوكرانيا، وانهيار الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، قد زادا من تقلب الأوضاع وصعوبة التنبؤ بها. كما أن أوضاع السياسة المحلية الأمريكية ستزيد صعوبة ظهور الولايات المتحدة كأنها تتراجع أمام روسيا.
أسلحة جديدة لاستهداف الجيش الأمريكي
بينما قال محمد علاء غانم، رئيس السياسة في Syrian American Council ومُعارض الأسد، إن التخطيط النشط الجديد الذي كشفته الوثائق المسربة يعني "أن هناك احتمالية قائمة لتصعيد الأوضاع".
حيث تحدثت إحدى الوثائق المسربة عن محاولات صانع قنابل من حزب الله اللبناني لاختبار نوع جديد من العبوات الخارقة في سوريا، وذلك أواخر يناير/كانون الثاني.
كما تم تقييم الجهاز الذي يبلغ قطره أقل من 12 سم على أنه قوي و"قابل للإخفاء"، بفضل حجمه الصغير وحمولته التي تبلغ 1.4 كغم من متفجرات C-4 العسكرية.
فيما نجح مقذوف القنبلة في خرق دروع دبابة بسُمك 7.6 سم وعن بعد يبلغ نحو 22 متراً، وذلك في اختبارين. بينما قالت الوثيقة إن الاختبار الثالث قد فشل.
بينما قال التقرير إن مسؤولين من فيلق القدس ساعدوا في تصميم القنبلة، وقدموا المشورة التشغيلية حول طريقة استخدامها. إذ حدد صادق اميدزاده، المسؤول في فيلق القدس، "مركبات هامفي وكوغار المصفحة الأمريكية في سوريا" باعتبارها الأهداف المختارة.
كما تحدث اميدزاده عن إرسال عناصر غير معروفة لالتقاط صور استطلاع للطرق التي تسلكها القوات الأمريكية، بحسب الوثيقة.
تحركات ميليشيات مدعومة من إيران
بينما رفض البنتاغون التعليق على الوثائق المسربة. لكن تحرُّكات الميليشيات المدعومة من إيران لتصعيد هجماتها ضد الأمريكيين -باستخدام القنابل المزروعة على الطرق- قد تأكّدت خلال مقابلات جرت مع مسؤولين حاليين، إضافة إلى مسؤول سابق مطلع على معلومات الاستخبارات الحساسة في المنطقة.
بينما قال بعض المحللين المستقلين إن سلوك إيران العدواني المتزايد يُشير إلى أن طهران قد حصلت على -أو تظن أنها حصلت على- دعم روسيا الضمني لتصعيد حملة الضغط.
كما قال فرزين نديمي، متخصص الشأن الإيراني والزميل الأقدم في Washington Institute for Near East Policy: "يزداد تقارب العلاقات العسكرية الإيرانية مع روسيا، وتتمثل إحدى نتائج ذلك في إطلاق يد الأولى داخل سوريا بصورةٍ أكبر. وبما أن إيران قد حصلت على الضوء الأخضر من الروس حسب المحتمل، فلا شك في أنهم يريدون رفع الرتم تدريجياً".
من المؤكد أن التحالف الروسي مع طهران قد ازداد قوةً منذ بداية الصراع الأوكراني، لكن قادة روسيا وإيران لديهم أفكار متضاربة حول إدارة سوريا بعد الحرب.
قد أعطت روسيا موافقتها الضمنية لإسرائيل من أجل شن ضربات جوية ضد أهداف إيرانية مفترضة داخل سوريا. حيث نصت إحدى الوثائق المسربة على أن علاقة روسيا "التبادلية" مع إيران تمثل نقطة خلاف بين الحكومتين.
كما اشتكت إيران مراراً من استبعادها من المفاوضات التي تقودها روسيا مع تركيا، وذلك في ما يتعلق بالتسوية الدائمة المقترحة للصراع.