حذّر خبراء أمنيون من أن "الحواسيب الكمومية" التي يمكنها اختراق تشفير الإنترنت، قد تكون أقرب إلينا مما نظن، مشيرين إلى أنه في حال حدث هذا، فإن أية رسائل يجري تناقلها بشكل آمن اليوم، قد تُخزن لفك تشفيرها بعد تصنيع هذه الحواسيب، معتقدين حدوث ذلك في ظرف عقد من الزمن.
تتمتع الحواسيب الكمومية بقدرة كامنة على إجراء حسابات محددة، وبسرعة أكبر بكثير من سرعة أي حاسوب ذي أساس "سيليكوني".
صحيفة The Times البريطانية قالت، الإثنين 29 مايو/أيار 2023، إن شركة IBM الأمريكية للتكنولوجيا، أعلنت الأسبوع الماضي عزمها بناء حاسوب كمومي "100 ألف كيوبت" بحلول عام 2033، بالشراكة مع جامعتي شيكاغو وطوكيو.
في حال نجحت الشركة في بناء الحاسوب، فهذا يعني أن هذه التكنولوجيا التي طال انتظارها قد تصبح مفيدة أخيراً، في الخير والشر.
يقول جاي غامبيتا، نائب رئيس "تكنولوجيا الكم" في شركة IBM: "إمكانية ظهور نظام كهذا بإمكانه فك التشفير في ظرف السنوات العشر المقبلة… مرتفعة نسبياً".
وفيما تُخزن أجهزة الحواسيب الاعتيادية المعلومات وتعالجها على شكل "بتات bits"، يرمز لها بـ1 أو 0، فإن أجهزة الحواسيب الكمومية تعتمد على البت الكمومي "الكيوبتات qubits" التي تستغل التأثيرات الميكانيكية الكمومية، حتى إنها بشكل أو آخر، تستخدم جميع الأرقام الموجودة بينهما.
أكبر هذه الحواسيب في الوقت الحالي، يمكنها العمل على بضع مئات من هذه الكيوبتات، لكنها لا تكفي للاستفادة منها، أما الحواسيب الأكبر، فلها القدرة على إحداث ثورة في بعض المجالات، مثل اكتشاف الأدوية وعلوم المواد.
من بين الأشياء التي يمكنها فعلها أيضاً، من الناحية النظرية، فك تشفير الإنترنت، وبحسب الصحيفة البريطانية، فإنه في الوقت الحالي، يعتمد جزء كبير من حركة المرور الآمنة على الإنترنت، بما يشمل تطبيقات المراسلة، على نظام يُعرف باسم تشفير المفتاح العام، وهو يعتمد على مسائل رياضية يسهل إجراؤها في اتجاه واحد ولكنها تكون شديدة الصعوبة في اتجاه آخر.
غير أن الحواسيب الكمومية الضخمة ستكون قادرة على فعل ذلك بسهولة نسبياً، وبالتالي فك الجزء الأكبر من التشفير، وقد وضعت الحكومة الأمريكية مجموعة من معايير التشفير "الآمنة من الكمومية" لكنها لم تنفذ على نطاق واسع حتى الآن.
الخصوصية مُهددة
يُحذر خبراء الأمن من أن هذه المشكلة ستتفاقم، كلما اقتربنا من هذه الحواسيب، فعلى الرغم من أن أي رسائل ترسل على تطبيقات مثل واتساب غير قابلة للاختراق في الوقت الحالي، ولا تُخزن مركزياً، إلا أنه يمكن اعتراض هذه الرسائل وتخزينها تحسباً لليوم الذي يمكن قراءتها فيه.
من جانبها، نبّهت وكالة التصنيف "موديز" الأسبوع الماضي إلى أن الشركات "غير مستعدة " للتهديدات التي تشكلها الحوسبة الكمومية، وقال متحدث باسم المركز الوطني للأمن السيبراني في المملكة المتحدة، إنه رغم "تقوية بعض الاتصالات الحكومية لحمايتها من الخصوم المحنكين، ستكون بعض البيانات السرية التي بإمكان الخصوم جمعها الآن عرضة للخطر في المستقبل".
غير أن صعوبات صنع حاسوب كمومي مفيد لا تزال هائلة، حيث يقول غامبيتا إنه بالنظر إلى استهلاك الطاقة في الوقت الحالي، سيحتاج حاسوب بقوة 100 ألف كيوبت إلى محطة طاقة نووية.
من جانبه، قال كريستوف بيتي، الباحث الأمني في جامعة برمنغهام إنه من الضروري البدء في تنفيذ "خوارزميات لا يمكن للحواسيب الكمومية اختراقها"، وأضاف أن "تحديث كل المنظومة سيستغرق وقتاً طويلاً. وعلينا أن نتحرك من الآن حتى لو لم تظهر الحواسيب الكمومية إلا بعد 30 عاماً".