قبيلة عصمت (Asmat) هي إحدى القبائل البدائية التي تعيش في جزر صغيرة على الجانب الجنوبي من الجزء الغربي من جزيرة غينيا الجديدة، وهي من أشهر قبائل آكلي لحوم البشر التي تقطن مقاطعة بابوا في إندونيسيا.
كانت "عصمت" معزولة وغير معروفة حتى عام 1623، عندما اكتشفها لأول مرة، مجموعة من الأشخاص كانوا على ظهر سفينة يقودها جان كارستينز، وهو تاجر هولندي، فكانت تلك اللحظة أول احتكاك بين أفراد "عصمت" والأوروبيين، ومنذ تلك اللحظة ظلّ فراد عصمت يعيشون بنفس النظام الاجتماعي إلى غاية الثمانينيات من القرن الماضي، أين انتصر التمدن على طريقة عيش القبيلة.
وتجمع قبيلة عصمت 12 مجموعة فرعية عرقية مختلفة لها صلات لغوية وثقافية وإحساس بالهوية المشتركة، تعيش في المنطقة ذاتها، وإلى غاية ثمانينيات القرن الماضي كانت هذه المجموعات السكانية النائية تعيش وفق نظامٍ وتقاليد غريبة، فأفراد قبيلة عصمت يعبدون الخشب ويأكلون لحوم أعدائهم، والأغرب من ذلك أنهم يقدسون الجماجم، قبل أن يفرض التحضر والتمدن على أفراد القبيلة العيش بطريقة شبه عصرية كما سبق ذكره.
يعتقدون أن أصل الإنسان من الخشب ويعيشون على الصيد
وفقاً لـafrikbuzz، لدى أهالي قبيلة "عصمت" اعتقاد راسخ بأنهم نشأوا من الخشب، وأن أصلهم من الخشب، لذلك فالخشب مقدس عند أفراد عصمت، ففي العصور القديمة قام أفراد القبيلة بنحت معظم وسائلهم من الخشب، كما تعتبر "عصمت" من أفضل الشعوب التي نحتت الخشب في العصر الحجري، والعديد من منحوتاتهم موجودة في المتاحف حول العالم الآن.
وعلى الرغم من أنهم معروفون على نطاق واسع بجودة المنحوتات الخشبية الخاصة بهم، فإنهم عُرفوا أيضاً بممارساتهم التقليدية الغريبة المتمثلة في صيد الغزاة، وأكل لحومهم، وهي الطقوس الغريبة التي ظلت لغزاً بين الباحثين..
في "عصمت"، يتشارك الرجال والنساء في متاعب الحياة، فالنساء في "عصمت" لا يقتصر دورهن على تربية الأطفال وإنجابهم فقط، ولكن يشاركن في الحياة الخارجية لتوفير المتطلبات اليومية للأسرة، والرجال يحرصون على ممارسة الصيد وأيضاً الزراعة.
وتتحدث قبيلة عصمت ما يقرب من خمس لهجات: "ساحل كازوارينا، وعصمت، ويوساكور عصمت، ووسط عصمت، وشمال عصمت، وسيتاك".
يأكلون لحوم أعدائهم ويقدسون الجماجم
من العادات الغريبة والمخيفة التي تشتهر بها قبيلة عصمت، طقوس التعامل مع أعدائهم بعد مطاردتهم، والتي تشمل: "تقشير لحم جماجم الأعداء قبل شيهم وأكلهم، واستخدام الجماجم فيما بعد كوسادة للنوم، وكذلك تستغل كطاولة لتناول الطعام عليها".
وأحد الأسباب الرئيسية وراء هذه الطقوس الغريبة لقبيلة عصمت، هو إثبات الولاء للقبيلة النائية واستعراض القوة من أجل بسط السيطرة وقذف الرعب في نفوس القبائل الأخرى المنافسة، كما يعود تركيزهم على جمجمة الإنسان أكثر من جسده إلى أن "عصمت" يعتبرون الرأس جزءاً مقدساً ويشبهونه بـ"ثمرة الشجرة" التي يقدسونها في الأصل.
ولم يصطد أفراد قبيلة عصمت الجماجم فحسب، بل كانوا يعبدونها أيضاً، إذ يجرّد أفراد القبيلة جماجم الموتى من الدماغ، ويقومون بإغلاق العينين وجزء الأنف؛ لمنع الأرواح الشريرة من دخول الجسد أو الخروج منه، كما يعبدون أيضاً الشجر، بحكم تقديسهم للخشب واعتقادهم أنّ أصلهم من الشجر.
يأخذون أسماءهم من الموتى
وهناك طقوسٌ غريبةٌ في تعامل قبيلة عصمت مع الأسماء، فقد كانوا يسمون أطفالهم بأسماء أشخاصٍ متوفين، سواء كانوا من قبائلهم أو من أعدائهم.
وفي بعض الأحيان لا يتم إعطاء اسم لطفل قبيلة عصمت إلا بعد عشر سنوات من ولادته، وذلك بعد أن تكون قبيلته قد شرعت في قتل رجل من قرية معادية قريبة لأخذ اسمه.
وعند اصطياد عدوهم، كان عليهم معرفة اسم الرجل الذي قتلوه، ثم جلب جمجمته إلى القرية، حينها فقط يمكن لفرد قبيلة عصمت الحصول على الاسم.
وحتى اليوم، لا يزال أفراد قبيلة عصمت يعيشون في عزلةٍ نسبياً ولا تزال تقاليدهم الثقافية الأكثر أهمية قوية، على الرغم من أن تفاعلهم مع العالم الخارجي قد تزايد خلال العقود الماضية.
إذ تلقى العديد من أبناء القبيلة تعليماً عالياً في أجزاء أخرى من إندونيسيا وبعضها في أوروبا.