اعتبر وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، الجمعة 19 مايو/أيار 2023، أن "الإرهاب الإسلامي السني" أبرز تهديد لبلاده وأوروبا، الأمر الذي أثار انتقاداً من قبل ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبروا أن "الإرهاب مصدره سياسات حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون".
وقال دارمانان لوكالة الأنباء الفرنسية، الجمعة، خلال زيارته الولايات المتحدة الأمريكية: "أتينا لنذكّرهم بأنه بالنسبة إلى الأوروبيين ولفرنسا، الخطر الأول هو الإرهاب الإسلامي السنّي، وأن التعاون لمكافحة الإرهاب بين أجهزة الاستخبارات ضروري للغاية".
وتابع دارمانان: "بينما قد تكون للأمريكيين رؤية وطنية أكثر للأزمات (مثل) التفوق العرقي الأبيض وعمليات إطلاق النار الجماعية المتكررة والتآمر، يجب أن لا ينسوا ما يبدو لنا في أوروبا بمثابة التهديد الأول: الإرهاب السني".
كما أشار إلى معاودة الخطر المرتبط بـ"الإرهاب الإسلامي" الذي يستهدف فرنسا وجيرانها الأوربيين، من دون أن يقدم تفاصيل إضافية.
في السياق ذاته، أعرب الوزير الفرنسي عن أسفه "لرحيل الأمريكيين من أفغانستان" وانسحاب فرنسا من منطقة الساحل الإفريقي، متحدثاً عن "إعادة تشكيل خلايا لتنظيم الدولة الإسلامية في المشرق؛ مما يجعل من هذه التهديدات الخارجية في ضوء الأحداث التي ستنظمها فرنسا، محطات لمخاطر كبيرة من اعتداءات إرهابية".
والتقى دارمانان مسؤولين أمريكيين، وزار مقر تدريب لعناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي"، وبحث في نيويورك مع مفوّضة شرطة المدينة كيشانت سيويل، سبل حفظ الأمن والنظام خلال الأحداث الكبرى.
ومن بين هذه الأحداث ما تستعد فرنسا لاستضافته، مثل كأس العالم للرغبي في سبتمبر/أيلول المقبل، وزيارة البابا فرنسيس لمدينة مرسيليا في الشهر ذاته، والحدث الأهم وهو دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس منتصف عام 2024.
اختتم دارمانان زيارة استمرت يومين وشملت واشنطن ونيويورك ومقر الأمم المتحدة، هدفت إلى تعزيز التعاون بين الشرطة والقضاء في فرنسا والولايات المتحدة الملحوظ في اتفاق وقعه البلدان عام 2016، ويطال مجالات مكافحة "الإرهاب" والجرائم الكبرى.
يأتي ذلك، بينما انتقد نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تصريحات الوزير الفرنسي، معتبرين أنها تعكس تحامل بلاده على المسلمين، فيما أشار آخرون إلى أن "الإرهاب مصدره سياسات حكومة الرئيس إيمانويل ماركون".
إذ علق رضا هشام: "فرنسا بهذا الموقف السلبي المستنكر تغضب الشارع السني في العالم، هل ستحتج الدول الإسلامية على صيغة التعميم العدائية للوزير الفرنسي".
كما غرد أبو حسن طاهر: "طباخ السم آكله، مع تغيير العبارة بـ(الإرهاب الدموي) من ذبح وسبي وتهجير… بعد أن شجعت أوروبا هذه الممارسات في سوريا والعراق بداعي خلق الضد النوعي للشيعة، باتت أوروبا اليوم تترقب خائفةً ما جنته وخططت له… اعتراف خطير على لسان وزير الداخلية الفرنسي"
ومنذ توليه حقيبة الداخلية في صائفة 2020، أصبح الوزير جيرالد دارمانان الواجهة العامة لحملة الإجراءات المشددة التي تثير مشاعر عدائية تجاه المجتمع المسلم في فرنسا.
وهذه الأفكار صاغها جده لأمه، المسلم الجزائري الذي يدعوه "بطل جمهورية"، لأنه قاتل إلى جانب الفرنسيين خلال "حرب الاستقلال"، وأهدى له مقالاً عام 2016 عن العلمانية والإسلام.
ويدعى الوزير باسمه الكامل: جيرالد موسى دارمانان، وهو ابن جيرارد الذي كان مدير مقهى في مدينة فالنسيان، شمال فرنسا، وهو من أصول يهودية مالطية، وأمه كانت عاملة نظافة من أصول جزائرية، حيث كان والدها جندياً متطوعاً في الجيش الفرنسي.
وكان دارمانان قد قال في أول تغريدة له بعد إعلان تعيينه بمنصب وزير الداخلية: "إنه شرف كبير، لحفيد مهاجرين مثلي، أن يُعين وزيراً للداخلية في بلد جميل كفرنسا".
وخلال أيامه الأولى بالمنصب، قال دارمانان في اجتماع مع الشرطة، إنه يريد "منع شرائح معينة في المجتمع من العودة إلى البربرية"، وهي عبارة عادةً ما يستخدمها اليمين المتطرف للإشارة إلى الجاليات العربية والإفريقية بشكل مباشر.
وفي سن الثلاثين أصبح جيرالد دارمانان نائباً عن اليمين المحافظ، وفي العام 2014 فاز بالانتخابات البلدية وأصبح عمدة لمدينة توركوان حيث عرف بجديته وطريقته المباشرة حتى في انتقاد زملائه من حزب اليمين المحافظ.
وقد سطع نجم دارمانان على الساحة الوطنية باعتباره خليفة الرئيس اليميني السابق نيكولا ساركوزي، فانتقد ماكرون خلال حملته الانتخابية، قائلاً إنه لا بد أن يخجل من وصفه استعمار فرنسا للجزائر بجريمة ضد الإنسانية وَوَصفه بأنه "سُمّ" للوطن.