توصلت دراسة علمية جديدة، أجراها باحثون من جامعة "نوتنغهام ترنت" البريطانية، إلى أن بقايا البكتيريا التي تتسرب إلى جسم الإنسان من الأمعاء، تُلحق الضرر بالخلايا الدهنية وتؤدي إلى زيادة الوزن، وشملت الدراسة العشرات من الأشخاص المصابين بـ"السمنة المفرطة".
الباحثون وجدوا أن بقايا الميكروبات، والمعروفة باسم "السموم الداخلية" (endotoxins)، قادرة على دخول مجرى الدم، والتأثير مباشرةً في كيفية عمل الخلايا الدهنية، وفقاً لما أوردته صحيفة The Guardian البريطانية، الأحد 21 مايو/أيار 2023.
أشار الباحثون إلى أن النتائج التي توصلوا إليها، والتي نُشرت مؤخراً في دورية BMC الطبية، تساعد في إلقاء الضوء على الكيفية التي تتسبَّب بها السموم الداخلية، في زيادة السمنة والأمراض المرتبطة بها، مثل مرض السكري من النوع الثاني.
لفت الباحثون أيضاً إلى أن التدخلات الطبية لإنقاص الوزن، مثل جراحة علاج البدانة "يمكن أن تقلل الضرر الذي تسببه السموم المعوية لخلايانا الدهنية، وهو أمر قد يفضي في النهاية إلى تحسن كبير في صحتنا".
تُعرف السموم الداخلية بأنها مواد سامة موجودة داخل جدران الخلايا البكتيرية، وتتحرر منها عند تمزقها أو تفككها، وتعد السموم الداخلية في أصحاب الأمعاء الصحية جزءاً من دورة حياة الميكروبات التي تؤثر تأثيراً مهماً في صحة الإنسان عموماً.
أما عند الأشخاص من أصحاب السمنة المفرطة، فإن حاجز القناة الهضمية يكون أكثر هشاشة، ويمكن أن تتسرب منه السموم الداخلية إلى الدم، ومن ثم إلى أجزاء أخرى من الجسم.
عمد الباحثون في الدراسة إلى تتبع الحالة الصحية لـ156 شخصاً، منهم 63 شخصاً صُنفوا بأنهم ممن يعانون السمنة المفرطة، وكانت الغاية من البحث استيعاب دور السموم الداخلية في زيادة خطر الإصابة بالسمنة ومرض السكري من النوع الثاني.
بدأ الفريق بجمع عينات دم ودهون من المشاركين، وبعضهم من أصحاب السمنة المفرطة وممن خضعوا لجراحات علاج السمنة، ثمَّ فحص الباحثون نوعين من الخلايا الدهنية: الخلايا البيضاء التي تخزن الطاقة، والخلايا الدهنية البنية التي تستخدم الطاقة وترتبط بالنشاط الأيضي.
وجد الباحثون أن الخلايا الدهنية البيضاء المشتقة من المصابين بالسمنة كانت أقل عرضة للتحول إلى خلايا دهنية بنية، إذا ما قيست بالخلايا الدهنية للنُّحفاء.
أيضاً ذهب الباحثون إلى أن هذا من المحتمل أن يكون بسبب المستويات المرتفعة من السموم الداخلية الموجودة في دم المشاركين المصابين بالسمنة، كما وجد فريق الباحثين أن جراحات علاج السمنة قللت من كمية السموم الداخلية في دم المشاركين، وقد ارتبط ذلك بتحسُّن الصحة الأيضية للخلايا الدهنية.
من جانبه، قال كبير الباحثين، البروفيسور مارك كريستيان، من كلية العلوم والتكنولوجيا بجامعة نوتنغهام ترنت، إن "بقايا ميكروبات الأمعاء التي تدخل مجرى الدم تقلل من قدرة الخلايا الدهنية الطبيعية على القيام بوظيفتها ونشاطها الأيضي، وهو أمر يتفاقم مع زيادة الوزن، ويُسهم في زيادة خطر الإصابة بمرض السكري".
أضاف كريستيان: "يبدو أنه مع زيادة الوزن تصبح مخازن الدهون لدينا أقل قدرة على الحدِّ من الضرر الذي قد تسببه بقايا ميكروبات الأمعاء للخلايا الدهنية"، موضحاً أيضاً أن "السموم الداخلية من القناة الهضمية تقلل من نشاط التمثيل الغذائي للخلايا الدهنية وقدرتها على التحول إلى (الخلايا الدهنية البنية) التي يمكن أن تساعد في إنقاص الوزن".
نوه كريستيان إلى أن الهدف من الدراسة هو تسليط الضوء على أهمية الترابط بين الأمعاء والدهون، بوصفها أعضاء داخلية مؤثرة في صحة التمثيل الغذائي للإنسان، وأضاف أن هذه الدراسة تلفت إلى أن الحاجة للحد من تلف الخلايا الدهنية الناجم عن السموم الداخلية أكثر أهمية في أصحاب الوزن الزائد، لأن السموم الداخلية تؤدي إلى تقليل التمثيل الغذائي الخلوي الصحي، ومن ثم تزيد من السمنة والأضرار الصحية الناجمة عنها.