اندلعت أعمال عنف واقتتال راح ضحيته مدنيون إثر اشتباكات لقوات الدعم السريع في دارفور مع الجيش، بعد عودة مئات من عناصرها إلى الولاية غرب السودان بعد أن طالت عليهم المعارك في العاصمة الخرطوم، إلا أن الأهالي بدارفور يشتكون بعد عودة هذه العناصر بسبب التوتر الأمني الحاصل منذ رجوعهم.
وكانت مصادر كشفت في تقرير سابق لـ"عربي بوست" عن "هروب المئات من قوات الدعم السريع من جبهات القتال في الخرطوم، الأمر الذي أغضب قادتها، وأمرت بوقف ذلك ولو بالقوة، ما أدى إلى مقتل العديد من المنسحبين العائدين باتجاه دارفور".
بحسب مراسل "عربي بوست"، شهدت مدينة نيالا في ولاية جنوب دارفور غربي السودان، الخميس والجمعة والسبت، (18 و19 و20 مايو/أيار 2023)، اشتباكات عسكرية دامية أدت لمقتل العشرات من المدنيين، الذين لقوا مصرعهم جراء العمليات العسكرية في وسط أحياء المدينة.
وأفاد شهود عيان لـ"عربي بوست" بأن "الاقتتال يأتي بعد أسابيع من هُدوء الأوضاع في دارفور، بعد أن أحكم الجيش سيطرته منذ الأيام الأولى للأزمة في السودان على مدن وحاميات عدة، ولكن مع عودة عناصر الدعم السريع إلى هذه المناطق، اندلعت من جديد أعمال العنف والاشتباكات مع أفراد الجيش، ما أدى إلى وقوع قتلى مدنيين أيضاً".
صرف الرواتب
عن أسباب أخرى للاشتباكات الدامية، قالت مصادر عسكرية إنها اندلعت بسبب صرف الجيش الرواتب لمنسوبيه مقابل عدم صرفها لعناصر الدعم السريع في دارفور، في حين قامت الأخيرة بقطع الطريق أمام إمدادات الجيش عقب قرارات عبد الفتاح البرهان الأسبوع الماضي، وتعليمات وجهها لبنك السودان المركزي بحظر حسابات الدعم السريع في الداخل والخارج.
وأضافت أن "عناصر ارتدت ملابس مدنية كانت على ظهر دراجات نارية ساندت الهجوم على مقر قيادة الجيش وأحياء المدينة، وتبين أنها من قوات الدعم السريع في دارفور، وكانت مسلحة، وهدفت إلى نهب الأسواق والبنوك، إلا أن عناصر الفرقة الخامسة مشاة- نيالا، تصدت لهم بالقوة وأجبرتهم على التراجع والانسحاب".
تابع مصدر من الجيش السوداني، بأنه مع انتشار قوات المشاة لتمشيط الأحياء السكنية بالمدينة لتوفير الأمن فيها، هاجمهم عناصر من قوات الدعم السريع في دارفور، ما أدى لسقوط جرحى وقتلى من الطرفين.
قتلى من عائلة واحدة
عائلة مكونة من 4 أشخاص كانت ضحية الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في نيالا في دارفور، وتحدث "عربي بوست" مع قريبهم "السيد الصادق"، الذي أوضح أن جدته "حليمة" (50 عاماً) وعمه حيدر (37 عاماً) وعمه حامد (35 عاماً) قُتلوا جميعاً الخميس، 18 مايو/أيار 2023، بقذيفة سقطت فوق منزلهم بحي الامتداد في نيالا، وسط الاشتباكات العنيفة المستمرة في دارفور.
وقال الصادق (23 عاماً) إنه يعتقد أن هذه الأحداث المؤسفة التي حدثت لعائلته ليست جديدة على أهله في دارفور، فهم ذاقوا المر من ويلات الحرب مراراً وتكراراً، معبراً عن حزنه لفراق أقاربه.
الصادق، الذي بدأ يحكي قصته بحزنٍ، قال إن "طبيعة الصراع في منطقته أنه ليس بصراعٍ قبلي أبداً كما يعتقد البعض، بل صراع الدولة ضد المواطنين العُزل؛ لأنه صراع لا ناقة لنا فيه ولا جمل"، مشدداً على أن ما يجري في دارفور الآن من اشتباكات يمثل حقيقة الأحداث في دارفور.
مع تفجر الأوضاع في جنوب دارفور، قال الجيش في بيانٍ سابق عبر صفحته الرسمية: "إن مجموعات من الميليشيا المتمردة في نيالا قامت بمهاجمة قواتنا، إلا أنهم أجبروا على الفرار بعد أن أنزلت بهم قوات الفرقة (١٦) مشاة عقاباً حاسماً، وكبّدتهم خسائر كبيرة"، وفق البيان.
في حين حاول "عربي بوست" أخذ تعليق من مصادر في الدعم السريع، إلا أنه لم يتلقَّ رداً.
لكن هذه القوات أصدرت بياناً أعلنت فيه السيطرة على عدد من ولايات دارفور، في حين صدر بيان آخر من الجيش ينفي صحة ذلك.
ولم تنشر أي جهة رسمية حتى الآن أي إحصاءات رسمية بعدد القتلى والجرحى في نيالا ودارفور خلال اليومين الماضيين.
في حين توقعت مصادر محلية مطلعة، اتساع وتيرة الصراع في الولايات خاصة "الغربية"، بعد اشتداد المعارك في الخرطوم، وانسحاب قوات الدعم السريع منها باتجاه دارفور.
ومنذ 15 أبريل/نيسان 2023، يشهد السودان اشتباكات واسعة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، إثر خلافات بينهما، ما أسفر عن وقوع العديد من القتلى والجرحى، وتسبب بأزمة إنسانية حادة.
في 13 مايو/أيار 2023، أعلنت السعودية عن اتفاق أوّلي بين طرفي النزاع في السودان، يحمل اسم "إعلان جدة"، بهدف التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار بينهما لقرابة 10 أيام، بمراقبة أمريكية سعودية دولية، ثم مشاورات أخرى لوقف دائم، إلا أن الاقتتال لا يزال مستمراً حتى الآن.
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.