القمة العربية 2023 في السعودية تحمل الرقم 32 من القمم العادية والـ50 بشكل عام. هذا التقرير يرصد تاريخ اجتماعات الزعماء العرب منذ البداية في مصر قبل 77 عاماً.
تحتضن مدينة جدة السعودية، الجمعة 19 مايو/أيار، القمة العربية على مستوى القادة في دورتها العادية رقم 32، وذلك في وجود متغير كبير يتمثل في رفع الجامعة العربية التجميد عن مقعد سوريا بعد نحو 12 عاماً، والسماح لها بالحضور، وتقديم المملكة دعوة لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، للمشاركة.
لكن عودة سوريا وحضور بشار الأسد لن يكون القضية الوحيدة التي ستكون على أجندة القمة؛ إذ من المتوقع أن يهيمن الصراع في السودان على المناقشات، حيث سيحضر القمة مبعوثون من طرفي الاقتتال، الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان والدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، إضافة إلى القضية الفلسطينية وملفات عربية كثيرة شائكة، بحسب تقرير لوكالة الأناضول.
القمة الأولى في مصر والثانية في لبنان
يعود تاريخ أول قمة عربية إلى عام 1946 وأقيمت في مصر، ومنذ ذلك التاريخ أقيمت 31 قمة عادية و14 قمة عربية طارئة و4 قمم عربية اقتصادية اجتماعية تنموية؛ مما يجعل قمة جدة القمة العادية رقم 32 والـ50 بتاريخ العمل العربي تحت مظلة الجامعة العربية على مدى 77 عاماً.
كانت ضربة البداية من خلال قمة "أنشاص" الطارئة التي انعقدت بمصر عام 1946، وكانت قضية فلسطين والاستقلال من الاستعمار في صدارة المباحثات بين زعماء 7 دول عربية؛ هي مصر والسعودية والأردن واليمن والعراق ولبنان وسوريا، وهي مجموعة الدول التي أعلنت تأسيس جامعة الدول العربية قبل تلك القمة الأولى بعام واحد.
وكانت تلك القمة العربية هي الوحيدة خلال أربعينات القرن الماضي ولم تصدر عنها قرارات وإنما بيان ختامي، أكد على عروبة فلسطين وتقديم الدعم للدول العربية الواقعة تحت الاستعمار الأوروبي حتى تنال استقلالها.
وخلال فترة الخمسينات، عقدت قمة عربية واحدة وكانت طارئة كرد فعل على العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، واستضافتها العاصمة اللبنانية بيروت، وأصدرت بياناً ختامياً يؤكد على دعم مصر ضد عدوان بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وتأييد نضال الجزائر للاستقلال عن فرنسا.
توقفت القمم العربية مرة أخرى لنحو 9 سنوات، ثم أقيمت خمس منها خلال أقل من سنوات. كانت الأولى في تلك الحقبة هي قمة القاهرة 1964 في مصر، وكانت أول قمة عربية عادية تركزت على السعي لإنهاء الخلافات بين الدول العربية، وتلتها في العام نفسه قمة عربية أخرى استضافتها مدينة الإسكندرية وكان لها موضوع واحد هو التأكيد على دعم فلسطين.
وجاءت بعد ذلك قمة الرباط عام 1965، والتي صدرت عنها قرارات تدعم خطة عربية تهدف إلى الدفاع عن قضية فلسطين على المستوى الدولي.
قمة "اللاءات الثلاثة"
وخلال عام 1967، أقيمت قمة عربية طارئة استضافتها العاصمة السودانية الخرطوم، وذلك في أعقاب الهزيمة التي لحقت بمصر وسوريا والأردن أمام إسرائيل، واحتلال فلسطين بالكامل وسيناء المصرية والجولان السورية ومناطق أردنية.
اشتهرت قمة الخرطوم تلك بقمة "اللاءات الثلاثة"، حيث أطلقت ثلاث لاءات ضد إسرائيل هي: لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف. وشهد عام 1969 قمة الرباط في المغرب، والتي كانت كيفية مواجهة إسرائيل بندها الوحيد أيضاً.
وشهد عقد السبعينات من القرن الماضي 5 قمم عربية عادية إضافة إلى قمتين طارئتين جاءت على النحو التالي: 1- قمة القاهرة الطارئة 1970 في مصر: دعت لإنهاء مواجهات عربية بين الأردنيين والفلسطينيين.
2- قمة الجزائر 1973: دعت لانسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة. 3- قمة الرباط 1974 في المغرب: أكدت أهمية توحيد الموقف العربي. 4- قمة الرياض الطارئة 1976 في السعودية: قمة سداسية خصصت لبحث الحرب الأهلية في لبنان. 5- قمة القاهرة 1976 في مصر: استكملت بحث حل الأزمة اللبنانية.
6 – قمة بغداد 1978 في العراق: رفضت اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، وتم تعليق عضوية القاهرة ونقل مقر الجامعة من أرضها لتونس. 7- قمة تونس 1979: تجديد إدانة اتفاقية "كامب ديفيد".
أما عقد الثمانينات فيمكن وصفه بفترة القمم العربية الطارئة؛ إذ شهد قمتين عاديتين و5 قمم طارئة، تركزت على مقاطعة مصر بسبب اتفاق السلام مع إسرائيل، وعلى إدانة إيران؛ حيث شهدت تلك الفترة اندلاع ثورة الخميني والحرب العراقية الإيرانية، وجاءت على النحو التالي:
1- قمة عمان العادية بالأردن 1980، ونتجت عنها قرارات تؤكد على مواصلة رفض اتفاقية كامب ديفيد. 2 – قمة فاس العادية بالمغرب 1981: رفض خطة عربية لحل أزمة الشرق الأوسط. 3- قمة فاس الطارئة بالمغرب 1982: بحث إقرار مشروع عربي للسلام مع إسرائيل.
4- قمة الدار البيضاء الطارئة بالمغرب 1985: رفض إرهاب إسرائيل. 5- قمة عمان الطارئة في الأردن 1987: إدانة إيران لاحتلالها جزءاً من الأراضي العراقية. 6 – قمة الجزائر الطارئة 1988: أكدت دعم الانتفاضة الفلسطينية، والعراق ضد إيران. 7- قمة الدار البيضاء الطارئة بالمغرب 1989: مصر تستعيد عضويتها وتجديد أهمية دعم الانتفاضة الفلسطينية.
وشهد عقد التسعينات عودة العرب إلى مصر، واندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى واحتلال العراق للكويت، وأقيمت خلال تلك الفترة 3 قمم طارئة، كانت أبرز قراراتها تأييد "الانتفاضة" الفلسطينية وإدانة "العدوان" العراقي على الكويت، وجاءت على النحو التالي:
1- قمة بغداد الطارئة في العراق مايو/أيار 1990: تأييد استمرار الانتفاضة الفلسطينية. 2- قمة القاهرة في مصر أغسطس/آب 1990 الطارئة: إدانة "العدوان" العراقي على الكويت. 3 – قمة القاهرة الطارئة في مصر 1996: دعوة إسرائيل للانسحاب من الأراضي العربية المحتلة.
القمم العربية خلال القرن الحادي والعشرين
مع بداية القرن الحادي والعشرين، شهد انعقاد القمم العربية استقراراً؛ لتتحول إلى حدث سنوي، بل شهدت بعض الأعوام أكثر من قمة واحدة، بين العادية والطارئة والاقتصادية.
وشهدت الفترة من 2000 حتى 2010 انعقاد 9 قمم عادية وقمة طارئة وقمة اقتصادية اجتماعية، جاءت على النحو التالي: 1 – قمة القاهرة الطارئة في مصر 2000: قررت إنشاء صندوق تمويلي لدعم القدس. 2- قمة عمان في الأردن 2001: إدانة انتهاكات إسرائيل.
3- قمة بيروت 2002 في لبنان: أقرت "مبادرة السلام العربية" السعودية وتتضمن إقامة دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. 4 – قمة شرم الشيخ 2003 في مصر: ضرورة احترام سيادة العراق إثر غزو أمريكي له.
5- قمة تونس 2004: التمسك بالعمل العربي المشترك. 6 – قمة الجزائر 2005: التمسك بمبادرة السلام. 7- قمة الخرطوم 2006: رفض الحلول المنفردة من الجانب الإسرائيلي بشأن السلام. 8- قمة الرياض 2007 في السعودية: حث إسرائيل على قبول مبادرة السلام. 9- قمة دمشق 2008 في سوريا: دعم سيادة العراق.
10- قمة الكويت الاقتصادية والتنموية (ینایر/كانون الثاني 2009): دعوة لتحقيق تكامل عربي ضد الأزمة المالية العالمية. 11- قمة الدوحة 2009 في قطر: دعم القضية الفلسطينية.
وخلال العقد الثاني من القرن الجديد (2010- 2022)، انعقدت 10 قمم عربية عادية، و3 قمم اقتصادية وقمة واحدة طارئة، جاءت على النحو التالي: 1- قمة سرت 2010 في ليبيا: أكدت أهمية العمل العربي المشترك ووضع خطة تحرك لإنقاذ القدس.
2 قمة شرم الشيخ الاقتصادية والتنموية (يناير 2011) في مصر: تأكيد الالتزام بمواصلة دعم فلسطين. 3- قمة بغداد 2012 في العراق: كانت مؤجلة منذ 2010 بسبب الثورات العربية وانتهت بتجميد عضوية سوريا.
4- قمة الرياض الاقتصادية والتنمویة (ینایر/كانون الثاني 2013) في السعودية: اعتماد اتفاقية موحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية. 5- قمة الدوحة مارس/آذار 2013 في قطر: منحت المعارضة السورية مقعد النظام.
6- قمة الكويت 2014: التمسك بقيام دولة فلسطينية. 7- قمة شرم الشيخ 2015 في مصر: أقرت تشكيل قوة عسكرية مشتركة. 8- قمة نواكشوط 2016 في موريتانيا: تدعيم شرعية المؤسسات اليمنية ضد الحوثيين. 9- قمة الأردن 2017: رفض الانتهاكات الإسرائيلية بفلسطين.
10- قمة الظهران السعودية 2018: عدم شرعية الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل. 11- قمة بیروت الاقتصادية والتنموية في يناير/كانون الثاني 2019 بلبنان: تأكيد المسؤولية على دعم القدس، وبحث الأمن الغذائي العربي. 12- قمة تونس في مارس/آذار 2019: رفض تدخلات إيران في المنطقة. 13- قمة مكة الطارئة في مايو/أيار 2019 بالسعودية: رفض تدخلات إيران وهجمات الحوثيين الموالين لها ضد السعودية.
تأجيل بسبب كورونا.. وعودة سوريا
توقفت القمم العربية خلال عامي 2020 و2021 بسبب جائحة كورونا، ثم أقيمت قمة الجزائر في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وكان من أبرز مخرجاتها التمسك بحقوق الشعب الفلسطيني، وضرورة القيام بدور عربي جماعي بشأن الأزمة السورية.
وتقام القمة العادية لعام 2023 في جدة بالسعودية، وهي القمة التي تشهد عودة لمقعد دمشق ومساعي لتصفير الأزمات المتعددة التي تعاني منها المنطقة، وسبقتها اجتماعات تحضيرية على مستوى المندوبين الدائمين للدول العربية، وأخرى وزارية لتجهيز قضايا القمة ومخرجاتها.
وفي 7 مايو/أيار الجاري، أعلنت الجامعة العربية عودة دمشق لمقعدها بالجامعة بعد تجميد دام نحو 12 عاماً، و"التأكيد على ضرورة اتخاذ خطوات فاعلة نحو حلحلة الأزمة وفقاً لمقاربة خطوة مقابل خطوة"، عقب حراك عربي قادته السعودية ومصر والأردن، لوضع خريطة حل للأزمة السورية.
كما عملت السعودية على تصفير الأزمة السودانية، عقب الاشتباكات المسلحة قبل نحو شهر بين الجيش وقوات الدعم السريع، واستضافت طرفي النزاع بجدة ضمن محادثات تستهدف وقفاً مرحلياً ودائماً لإطلاق النار.
ومن المنتظر خلال عام 2023 أن تنعقد الدورة الخامسة للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية المقرر عقدها في العاصمة الموريتانية نواكشوط، يومي 6-7 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.