عند كل ركن يختفي أحدهم! سودانيون يتعرّضون للاختطاف، وبحث مكثف من العائلات والمنظمات

عربي بوست
تم النشر: 2023/05/18 الساعة 10:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/05/18 الساعة 10:24 بتوقيت غرينتش
عناصر من قوات الدعم السريع في الخرطوم، السودان/ رويترز

بين احتجاز البعض أو الاختفاء، يتعرّض السودانيون للاختطاف من قبل قوات الدعم السريع، بعدما يغامرون بالخروج من منازلهم للحصول على الطعام أو الدواء في العاصمة، بل يتعرض آخرون للقتل، ولا تتمكن عائلاتهم من استعادة جثثهم، وذلك منذ اندلاع الاقتتال بين قوات محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان في منتصف أبريل/نيسان الماضي.

فالاحتجاز قد تعرّض له المواطن كمال علي عثمان، حيث أرسل رسالة نصية إلى عائلته يقول فيها إنَّ قوات الدعم السريع أوقفته، في إحدى نقاط تفتيشها في طرق العاصمة السودانية الخرطوم.

وبعد دقائق، حُذِفَت الرسالة النصية من هاتفه، ولم يصل منه أي خبر منذ ذلك الحين، بحسب صحيفة The Guardian البريطانية، الخميس، 18 مايو/أيار 2023.

كان عثمان، البالغ من العمر 60 عاماً، عائداً إلى منزله بعدما أعطى بعض الأدوية لوالده في منطقة أخرى بالخرطوم. ولم تتمكن عائلته من تأكيد معلومة أنَّ والدهم يخضع للاستجواب إلا من خلال الاتصال بمصدر من قوات الدعم السريع. وبرغم مرور أسبوعين على اختفائه، لم يسمعوا شيئاً أكثر من ذلك.

وعائلة عثمان هي من بين كثيرين نشروا صوراً ومعلومات تواصل على الشبكات الاجتماعية خلال الشهر الماضي، في بحث يائس عن أحبائهم الذين فُقِدوا في الأسابيع التي تلت بدء النزاع. واختفى كثيرٌ من الناس بعدما غامروا بالخروج من منازلهم للحصول على الطعام أو الدواء.

ووجد أحد الأقارب، الذي ذهب للبحث عن عثمان، سيارته متوقفة في منطقة تحتفظ فيها قوات الدعم السريع بمركباتها.

أشقاء في مواجهة بعضهم البعض في اشتباكات السودان/ رويترز
أشقاء في مواجهة بعضهم البعض في اشتباكات السودان/ رويترز

 "مبادرة المفقودين"

وفُقِد ما لا يقل عن 190 شخصاً منذ 15 أبريل/نيسان، وفقاً لمبادرة المفقودين، وهي منظمة تطوعية تأسست بعدما هاجمت قوات الدعم السريع اعتصاماً سلمياً للمطالبة بحكم مدني في عام 2019؛ مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 120 شخصاً وفقدان المزيد.

ولم يتوقف عمل المنظمة قط، حيث استمر الناس في الاختفاء، خاصة بعد الانقلاب العسكري في عام 2021.

بدورها، قالت فاديا خلف، المؤسسة المشاركة لمنظمة "مبادرة المفقودين": "لم يتوقف عملنا؛ لأنَّ العنف لم يتوقف قط. ولم تكن المدينة آمنة على الإطلاق، وكانت الدولة بأكملها محاطة بقوات في كل مكان، سواء قوات الدعم السريع أو الجيش. في كل يوم، وعند كل زاوية، يختفي أحدهم بعد كل احتجاج".

وتبدأ عملية البحث ببلاغ من العائلات، ثم يستخدم أعضاء المنظمة جهات الاتصال الخاصة بهم للتحقيق. وهي عملية طويلة تُثقِل كاهل المشاركين فيها.

وأوضحت فاديا أنَّ الوضع "مرهق للغاية على الجميع – الفريق والعائلات والأقارب- ويجعلك مكتئباً، وفي النهاية تشعر بالإرهاق، وبأنك لا تستطيع فعل أي شيء بعد الآن. بل يُثقِل قلبك وعقلك جداً".

وأضافت: "لم تكن على نفس النطاق من قبل. هذه حرب، لا توجد دولة ولا حكومة ولا شرطة. والقصف في كل مكان – المستشفيات والمصانع والمنازل والمساجد. نشعر بالضياع. وأنا لا أتحدث عن المفقودين فقط، فالوضع برمته ساحق حقاً".

اشتباكات مستمرة في السودان
اشتباكات مستمرة في السودان

"مهمة شاقة"

وعلى الرغم من المهمة الشاقة، واصل فريق عمل المنظمة جهوده على مدار الساعة ويحقق نجاحاً؛ إذ تمكن من إعادة 25 شخصاً إلى عائلاتهم حتى الآن. وقالت فاديا: "في الواقع نجد أشخاصاً كل يوم أيضاً، إنه شعور جيد حقاً وسط هذه الفوضى".

ومثل عثمان، فُقِد صديق إسماعيل محمد طاهر بعدما اعتقلته قوات الدعم السريع في أواخر أبريل/نيسان. وكان قد غادر منزل العائلة، كما كان يرد على المكالمات قبل إغلاق هاتفه.

وبعد 5 ساعات من محاولات الوصول إليه عبر الهاتف إلى الخرطوم، نشرت ابنته سارة صديق، التي تعيش في مانشستر مع أختها، على الشبكات الاجتماعية طلباً للمساعدة. وفي النهاية، وردت معلومات حول مكان احتجازه. وباعتبارهم مواطنين بريطانيين، اتصلت الأسرة بوزارة الخارجية البريطانية.

وعقب اتصال أسرة صديق بالسفير البريطاني في السودان، غايلز ليفر، أُطلِق سراح والدهم.

ومنذ ذلك الحين، تحاول سارة صديق مساعدة الآخرين في العثور على الأشخاص المفقودين، وتقديم الدعم والمشورة. 

إذ قالت سارة: "آمل أن أتمكن من مساعدة أكبر عدد ممكن من الأشخاص. إنها تجربة مخيفة، وقد كنت محظوظة بما يكفي للحصول على مساعدة أختي، لكن كثيراً من الناس يمرون بهذا بمفردهم".

تحميل المزيد