ذكرت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية في تقرير لها الثلاثاء 16 مايو/أيار 2023، أن الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022 فتح الباب أمام الإمارات للتقارب وبشكل كبير مع روسيا والصين، وهي الخطوة التي وضعت علاقة رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بالولايات المتحدة الأمريكية موضع اختبار.
ففي مقابلات نادرة، قال كبار مسؤولي الإمارات إن رئيس البلاد لا يرى أن العلاقة الوثيقة مع الولايات المتحدة تمنع أي علاقات مع موسكو أو بكين. بل يقولون إن مثل هذه العلاقات يمكن أن تساعد واشنطن.
توتر بين الولايات المتحدة والإمارات
فيما قال مسؤول بارز في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إن البيت الأبيض شاهد الشيخ محمد بن زايد بينما يحقق نجاحات في السنوات الأخيرة مع روسيا والصين، مما أدى إلى توتر العلاقات بين الإمارات والولايات المتحدة. وقد حذره مسؤولون أمريكيون من أن التعاون الوثيق للغاية مع هذين البلدين على صعيد الشؤون العسكرية والاستخباراتية يهدد العلاقات مع أمريكا.
قال المسؤول إن الشيخ محمد بن زايد استشار مسؤولين أمريكيين حول روسيا والصين بصورة أكبر خلال الأشهر الأخيرة، وإن علاقات واشنطن معه تتحسن. على سبيل المثال، تحدث رئيس الإمارات مع مسؤولي الولايات المتحدة والأمم المتحدة قبل زيارة روسيا وبعدها، وتحدث لاحقاً مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
في حين خيّم تنامي العلاقات مع الصين على صفقة بيع مقاتلات إف-35 للإمارات، واحتجت الولايات المتحدة على اختيار البلاد شركة هواوي تكنولوجيز الصينية لبناء شبكتها من الجيل الخامس.
تحذيرات أمريكية للإمارات
كذلك وجه المسؤولون الأمريكيون تحذيرات متكررة إلى الإمارات من مساعدة موسكو في التهرب من العقوبات، نظراً إلى أن الروس يتدفقون إلى دبي لتجارة النفط، وشراء العقارات، وإخفاء الأموال. وعاقبت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي شركات إماراتية سهلت تجارة النفط الروسي، وأمدت موسكو بقاعدة صناعية.
لكن ارتفاع أسعار النفط وازدهار سوق العقارات، الذي نتج بصورة جزئية عن الأثرياء الروس، أدى إلى توسع الاقتصاد الإماراتي. يقول مسؤولون أمريكيون وإماراتيون إن الشيخ محمد صاغ سياسة خارجية أكثر استقلالاً، بينما كان يشاهد تأرجح السياسة الأمريكية بين أربع إدارات أمريكية متتالية.
من جانبها، قالت دينا إسفندياري، محللة شؤون الشرق الأوسط لدى مجموعة الأزمات الدولية، ومؤلفة كتاب عن الإمارات: "تغيرت لهجة العلاقة. لم تعد علاقةً تمسك فيها واشنطن بالهاتف وتخبر أبوظبي بما يجب أن تفعله، وتتبعها أبوظبي فحسب". وأوضحت: "الجانب الآخر من ذلك أن الإمارات أحياناً لن تحصل على ما تطلبه من الولايات المتحدة، لأنها لم تفعل ما يريده الأمريكيون".
تذبذب الثقة بين الإمارات والولايات المتحدة
يقول المسؤولون الإماراتيون إنهم لا يشعرون بالثقة في الالتزام الأمريكي منذ الهجمات التي ضربت حقول النفط السعودية في 2019 وناقلات النفط في مياه الخليج التي أُلقي فيها باللوم على إيران، ولم تُقابَل بأي رد معلن.
من جانبه،قال سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، الذي يشرف على السياسة الصناعية والمناخية، إن الإمارات تريد أن تزدهر العلاقات مع الولايات المتحدة، ولكن ليس على حساب البلاد الأخرى، وذكر بقوله ذلك الهند وأوروبا وروسيا والصين.
في حين بدأ الشيخ محمد بن زايد في تعميق العلاقات مع الصين قبل سنوات، لكن التقارب بين البلدين تزايد خلال جائحة كوفيد 19، عندما فتحت الإمارات حدودها، في حين أن غالبية دول العالم أغلقت الحدود.
قال مسؤولون إماراتيون إن الإمارات أنتجت أقنعة وجه عن طريق آلات مستوردة من الصين، وأدوات اختبارات PCR بالشراكة مع كبرى شركات علم الوراثة في الصين، وأنتجت لقاحات بالتعاون مع شركة سينوفارم الصينية، التي كانت أكثر استعداداً للتعاون من الشركات الغربية.
يصل حجم التجارة بين الإمارات والصين إلى أكثر من 70 مليار دولار، وتمتد إلى ما هو أبعد من النفط، وصولاً إلى القطاع المالي والتكنولوجي والتبادل الثقافي. كذلك تماشت مصالح الإمارات مع مصالح روسيا.
فضلاً عن الموقف الذي اتخذته الإمارات من حرب روسيا في الأمم المتحدة، رداً على رفض أمريكا تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، تضع الصناديق الاستثمارية الإماراتية مليارات الدولارات في روسيا، ويستثمر الشيخ محمد بن زايد بنفسه في علاقات شخصية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فقد عقد معه مقابلات بصورة منتظمة خلال العقدين الماضيين.
في حين قال المستشار الإماراتي أنور قرقاش إن الشيخ محمد بن زايد كان "متأنياً جداً جداً في بناء هذه العلاقة مع روسيا".