لا شكَّ أنّه من النادر في الوقت الحالي العثور على منزل لا يوجد فيه جهاز ميكروويف، فهذا الجهاز استطاع أنّ يحتل مكاناً أساسياً له في مطابخنا، لأنه يوفر علينا الجهد والوقت في آن معاً.
ولكن في الوقت ذاته، تكثر الأحاديث حول أضرار الميكروويف، بعضها يقول إنه يسبب مرض السرطان، والبعض الآخر يحذّر من تسببه في إتلاف الأنسجة البشرية، فما صحة هذه المعلومات؟
ما حقيقة أضرار الميكروويف، وكيف يعمل؟
الميكروويف هو جهاز منزلي مصمَّم لتسخين الطعام بسرعة باستخدام إشعاع كهرومغناطيسي خاص، يسخن الأشياء من الداخل، كما أنه يختصر الوقت للمهام التي تستغرق وقتاً مثل إذابة الزبدة أو تسخين الماء.
وعلى عكس الأفران التقليدية، تقوم أفران الميكروويف بطهي الطعام من الداخل بدلاً من الخارج.
ووفقاً لما ذكره موقع PartSelect الكندي، المتخصص في صناعة المنتجات الكهربائية، فإنّ الميكروويف يعمل عن طريق إرسال موجات كهرومغناطيسية بتردد 2.24 غيغا هرتز وطول موجي 12.2 سم عبر الطعام.
وهذا بدوره يتسبب في اهتزاز جزيئات الماء في الطعام، ويؤدي الاحتكاك الناتج مع جزيئات الماء الأخرى إلى تسخينها، هذه هي الطريقة التي يطبخ بها الطعام من الداخل في الميكروويف.
وهذا هو السبب أيضاً في عدم طهي الأطعمة المجمّدة والأطعمة الجافة (مثل الأرز) بكفاءة، إذ لا تستجيب الرطوبة المجمّدة والأشياء التي تفتقد الرطوبة بسرعة أو بشكل موحد لإشعاع الميكروويف.
ولضمان طهي الطعام بشكل أكثر توازناً، تتميز العديد من أفران الميكروويف بلوح زجاجي دوار لتحريك الطعام أثناء التسخين.
ما هو إشعاع الميكروويف؟
الموجات الدقيقة هي شكل من أشكال الإشعاع "الكهرومغناطيسي"، أي إنها موجات من الطاقة الكهربائية والمغناطيسية تتحرك معاً عبر الفراغ.
يمتد الإشعاع الكهرومغناطيسي على نطاق واسع من موجات الراديو الطويلة جداً إلى أشعة جاما القصيرة جداً، ويمكن للعين البشرية اكتشاف جزء صغير فقط من هذا الطيف الذي يسمى الضوء المرئي، وهو مختلف عن طيف الراديو أو الأشعة السينية.
يُعد الضوء المرئي في الميكروويف وإشعاع التردد اللاسلكي (RF) أشكالاً من الإشعاع غير المؤيّن الذي لا يحتوي على طاقة كافية الإلكترونات من الذرات.
على سبيل المثال، فإنّ الأشعة السينية التي يُعرف أنها مؤذية للإنسان، هي شكل من أشكال الإشعاع المؤين، والتي يؤدي التعرض لها إلى تغيير الذرات والجزيئات والتسبب في تلف الخلايا في المواد العضوية.
وبالتالي، نستنتج أنّ الأشعة الموجودة في الميكروويف غير المؤينة لا تؤدي إلى تلف الخلايا في المواد العضوية، وفقاً لما ذكرته إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA).
وتتميز أشعة الميكروويف بأنها تنعكس بالمعدن؛ تمر عبر الزجاج والورق والبلاستيك والمواد المماثلة؛ ويمتصها الطعام.
أما وفقاً لما ذكره موقع WebMD الطبي الأمريكي، فإنه على الرغم من أن طعامك يمتص طاقة الميكروويف، فإنه لا يجعلها "مشعة" أو "ملوثة"، وبالتالي فإنه لا ضرر من استخدام الميكروويف وتناول الطعام المطبوخ به.
هل أفران الميكروويف آمنة؟
الموقع الطبي الأمريكي، أكّد أنّ إشعاع فرن الميكروويف لا يسبب السرطان، لأنّ الإشعاع الوحيد غير المؤين الذي يسبب السرطان هو الأشعة فوق البنفسجية وهو إشعاع غير موجود في الميكروويف.
ولكنه قد يسبب حروقاً مؤلمة إذا ما تعرض لها شخص ما، وأنه كلما ابتعدنا عن مصدر الإشعاع قل تأثير طاقة الميكروويف، وأنّ جميع الأفران مبنية أيضاً بنظام إقفال قياسي يعمل على إيقاف فرن الميكروويف عند فتح الباب.
ويمكن لإشعاع الميكروويف أن يسخن أنسجة الجسم بنفس الطريقة التي يسخن بها الطعام، ومع ذلك، فإن هذه الحروق تحدث فقط عندما تتعرض لمستويات عالية من إشعاع الميكروويف.
العينان والخصيتان هما أكثر المناطق التي تتأثر بأشعة الميكروويف
ووفقاً لإدارة الغذاء والدواء فإنّ هناك منطقتان من الجسم، وهما العينان والخصيتان، معرضتان بشكل خاص لتسخين الترددات الراديوية، نظراً لقلة تدفق الدم فيها نسبياً لتحمل الحرارة الزائدة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن عدسة العين حساسة بشكل خاص للحرارة الشديدة، ويمكن أن يؤدي التعرض لمستويات عالية من الموجات الدقيقة إلى إعتام عدسة العين.
لكن هذه الأنواع من الإصابات – الحروق وإعتام عدسة العين – يمكن أن تحدث فقط بسبب التعرض لكميات كبيرة من إشعاع الميكروويف.
وبالتالي، يجب على المستهلكين اتخاذ الاحتياطات المنطقية، فيما يتعلق بالتعامل مع الأطعمة والمشروبات الساخنة.
هل الإصابات الإشعاعية ناتجة عن أفران الميكروويف؟
معظم الإصابات المتعلقة بأفران الميكروويف ناتجة عن الحروق المرتبطة بالحرارة من الحاويات الساخنة أو الأطعمة المحمومة أو انفجار السوائل. معظم الإصابات ليست ذات صلة بالإشعاع، ومع ذلك، كانت هناك حالات نادرة جداً للإصابة الإشعاعية بسبب ظروف غير عادية أو خدمة غير مناسبة.
بشكل عام، تحدث إصابات إشعاع فرن الميكروويف بسبب التعرض لكميات كبيرة من إشعاع الميكروويف المتسرّب من خلال الفتحات مثل الفجوات الموجودة في أختام فرن الميكروويف، وبالتالي فإنّ الخلل حينها يكون من الشركة المصنعة وليس من الميكروويف لأن لوائح إدارة الغذاء والدواء لصناعة الميكروويف مصممة لمنع هذه التسريبات الإشعاعية عالية المستوى.
نصائح حول كيفية التشغيل الآمن لفرن الميكروويف
- اتبع دليل تعليمات الشركة المصنعة لإجراءات التشغيل الموصى بها، واحتياطات السلامة لطراز الفرن الخاص بك.
- استخدم أدوات طهي آمنة للاستخدام في الميكروويف، تم تصنيعها خصيصاً للاستخدام في فرن الميكروويف.
- لا تقم بتشغيل فرن الميكروويف إذا لم يغلق الباب بإحكام، أو إذا كان مثنياً أو ملتوياً أو تالفاً بأي شكل آخر.
- توقف عن استخدام فرن الميكروويف إذا استمر في العمل مع فتح الباب.
- كإجراء وقائي إضافي للسلامة، لا تقف في مواجهة الفرن مباشرة (ولا تسمح للأطفال بالقيام بذلك) لفترات طويلة من الوقت أثناء تشغيله.
- لا تسخن الماء أو السوائل في فرن الميكروويف لفترة أطول من الموصى بها في تعليمات الشركة المصنعة.
- يجب عدم تشغيل بعض الأفران عندما تكون فارغة.
- نظف تجويف الفرن بانتظام والحافة الخارجية للتجويف والباب بالماء ومنظف مُعتدل.
ممنوعات الميكروويف
قبل أن ندخل في قائمة الأشياء التي لا يجب وضعها في الميكروويف، تجدر الإشارة إلى أنَّ كل جهاز يختلف قليلاً عن الآخر، ويمكنك العثور على كل ما تحتاج لمعرفته حول الميكروويف الخاص بك في دليله، وستجد هناك مخططاً تفصيلياً لما لا ينتمي إلى جهازك تحديداً، وإذا فقدت دليلك، فحدد نوع الميكروويف وطرازه، ثم ابحث عنه عبر الإنترنت.
1- أوراق الألومنيوم
أكثر الأغراض المنزلية شيوعاً التي يجب ألا تضعها في الميكروويف هي رقائق الألومنيوم.
إنه معدن رقيق للغاية، وبالتالي عند تعرّضه لإشعاع الميكروويف، سيعكس الطاقة بدلاً من امتصاصها، وفقاً لما ذكرته شبكة Food Network الأمريكية.
هذا، بدوره يمكن أن يخلق شرارات يمكن أن تدمر الجهاز، أو الأسوأ من ذلك، يمكن أن يتسبب بإشعال حريق فيه، لذلك تأكد من إزالته تماماً قبل إعادة تسخين طعامك.
2- أي نوع من المعادن أو الفولاذ المقاوم للصدأ
يمكن أيضاً أن تتسبب الألواح ذات الحواف المعدنية اللامعة وأكواب السفر المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ في نشوب حريق، إذا تم وضعها داخل الميكروويف.
علاوة على ذلك، ستمنع هذه الأواني طعامك ومشروباتك من التسخين؛ لأنه، كما هو الحال مع رقائق الألومنيوم، سوف يرد المعدن الحرارة من الميكرويف بدلاً من السماح للطعام بامتصاصها.
3- بلاستيك الاستخدام لمرة واحدة
لا ينبغي أبداً وضع الأكياس والحاويات البلاستيكية، مثل علب الزبادي في الميكروويف؛ لأنها قد تحتوي على بيسفينول أ، المعروف أكثر باسم BPA.
ويمكن أن تذوب هذه المواد بسهولة داخل الجهاز وتطلق مادة BPA في طعامك والتي ربطتها الأبحاث بمجموعة متنوعة من المشكلات الصحية.
4- أكواب وصحون مصنوعة من الستايروفوم
الستايروفوم (المعروف أيضاً باسم رغوة البوليسترين) ليس ضاراً بالبيئة فحسب، بل يذوب بسرعة أيضاً إذا تعرّض للإشعاع، وبالتالي هو من ممنوعات الميكروويف.
مثل البلاستيك، يمكن أن يطلق الستايروفوم مواد كيميائية خطيرة في طعامك ويحتمل أن يسبب أمراضاً طويلة المدى مثل السرطان.
5- الأكياس الورقية
هناك أكياس معينة صُممت خصوصاً للاستخدام في الميكروويف، مثل أكياس الفشار، لكن فيما عدا ذلك ليس من الآمن وضع الأكياس الورقية في الجهاز.
يمكن أن تطلق الأكياس أو حاويات الطعام الورقية السموم في الأطعمة، ويمكن أن تشتعل فيها النيران بسهولة إذا أصبح الطعام ساخناً جداً.
ولا تنسَ أن حاويات الطعام الورقية تلك غالباً ما تحتوي على مقبض رفيع من الأسلاك المعدنية يمكن أن يخلق شرارات ونيراناً قد تدمر الميكرويف فيصبح غير صالح للاستخدام مجدداً.
6- أطباق وأكواب قديمة
إذا كان لديك بعض الأدوات المنزلية القديمة فلا تستخدمها؛ لأنها من ممنوعات الميكرويف، إذ يمكن أن تحتوي هذه الأطباق والأكواب على الرصاص أو مكونات أخرى قد تتسرب إلى الطعام عند تسخينها إلى درجات حرارة عالية، كما يجب أيضاً تجنب أي أطباق مطلية بالذهب أو الفضة.
7- الماء العادي
على عكس الماء المغلي على موقدك، فإنَّ الماء الذي يُسخَّن إلى ما بعد درجة الغليان في الميكروويف لن يصدر بالضرورة فقاقيع.
ومع ذلك، عند إزعاج سطح هذا الماء الذي يبدو هادئاً -إما عن طريق التقاطه أو سكب شيء بداخله- يمكن أن ينفجر السائل بعنف؛ مما قد يؤدي إلى إصابتك وأي شخص قريب منك.
ووفقاً لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية، فإنَّ إضافة مواد مثل القهوة سريعة الذوبان أو السكر إلى الماء قبل التسخين سيقلل كثيراً من هذا الخطر.
8- الفلفل الحار النيء
تسخين الفلفل الحار النيء هو أيضاً من ممنوعات الميكرويف، إذ إنه يطلق مادة الكابسيسين (المركب الذي يمنحه المذاق الحار) في الهواء، وستنفخ مروحة ميكروويف الكابسيسين مباشرة في وجهك عند الفتح؛ مما قد يشكل خطورة على عينيك ورئتيك.
9- البيض
يمكن أن يكون طهي بيضة كاملة بقشرتها في الميكروويف خطيراً وفوضوياً، إذ يمكن أن تولد عملية التسخين السريع الكثير من البخار داخل البيضة، مما قد يؤدي إلى انفجارها في فوضى البيض.
10- البروكلي
قد يكون هذا بمثابة مفاجأة، ولكن وفقاً لمجلة علوم الأغذية والزراعة الأمريكية، فإن طهي البروكلي في الميكروويف يمكن أن يدمر مغذياته، لذلك جرب تبخيرها أو سلقها برفق للحفاظ على سلامتها الغذائية ولونها!
11- الصلصات غير المغطاة
الطعام الأكثر شهرة والمسؤول عن الميكروويف الفوضوي هو صلصات المعكرونة المصنوعة من الطماطم.
إذ إنّ الصلصات الساخنة غير المغطاة ستصدر فقاعات وتنفجر متناثرة في كل مكان من الجزء الداخلي من الميكروويف؛ مما قد يؤدي إلى إتلاف الجزء الداخلي للجهاز.
12- تشغيله من دون وجود أي شيء داخله!
إذا قمت بتشغيل الميكرويف دون أي شيء، فقد تتسبب في تعطيله. نظراً لعدم وجود شيء لامتصاص الموجات الدقيقة، مثل الطعام، فإن المغنطرون -الشيء الذي يجعل الميكروويف يعمل- ينتهي به الأمر بامتصاص الموجات الدقيقة ويدمر نفسه بشكل أساسي.
تصنيع الرادارات في الحرب العالمية الثانية كانت وراء اختراع الميكروويف
خلال بداية الحرب العالمية الثانية، قامت بريطانيا بالعمل على صناعة رادارات عسكرية أقوى، مقارنة بتلك المستعملة سابقاً، ذات التردد الأقل، على يد العالم الفيزيائي البريطاني السير جون تورتون راندال.
فانتقل راندال رفقة مجموعة من الباحثين البريطانيين إلى الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل العمل على تصنيع هذا الرادار الجديد، وتم التعاقد مع شركة "رايثون" الأمريكية، سنة 1940، وكان المهندس الأمريكي ذاتي التعليم بيرس سبنسر من بين المهندسين العاملين على تصنيع هذا الجهاز الجديد.
وفي أحد أيام سنة 1946، كان المهندس سبنسر منهمكاً في تصنيع أحد أجهزة الرادار هذه، لكنه قرر التوقف عن العمل قليلاً، بعد أن تسلل الجوع إلى معدته، فقام بإخراج قطعة شوكولاتة من جيبه، ليجد أنها قد ذابت بالكامل.
وهنا طرح على نفسه عدة تساؤلات، حول السبب وراء ذوبان قطعة الشوكولاتة، في الوقت الذي كان موجوداً بداخل غرفة العمل وهي باردة بعض الشيء.
قرر المهندس بيرس سبنسر البحث في سبب ذوبان الشوكولاتة، وكان أول ما خطر بباله هو تأثرها بموجات المنبعثة من أجهزة الرادار، فقرر القيام بعدة تجارب للتأكد من فكرته.
فقام بإحضار بذور الذرة وعرّضها للإشعاع المنبعث من الأجهزة التي يقوم بتصنيعها، فتحولت إلى فشار، ثم أخضع بيضة لنفس التجربة، فقام بوضعها داخل غلاية شاي بها ثقب، ووجه تلك الفتحة في اتجاه صمام إلكتروني يقوم بتشغيل الرادار، إلا أنها انفجرت بفعل الإشعاعات المنبعثة منه.
وبعد عدة تجارب، اكتشف أن السبب وراء طهي أو تسخين الطعام بشكل سريع هو موجات الميكروويف القصيرة.
قام سبنسر بعد ذلك بالعمل على صناعة جهاز جديد، يعمل بالموجات القصيرة، عن طريق وضع مولد الأمواج القصيرة داخل صندوق معدني يمنع عبور الأشعة من أجل ضمان سلامة من يستعمله، وشرع في وضع أنواع مأكولات مختلفة داخله، لملاحظة التغيرات التي تطرأ عليها، وكان بذلك أول جهاز ايكروويف يتم تصنيعه داخل شركة "رايثون" الأمريكية.
بعدما تأكد المهندس سبنسر من اختراعه، قدّمه لشركة "رايثون" التي يعمل بها، سنة 1947، إذ قامت بالموافقة على إنتاج هذا النوع الجديد من الأفران، الذي يعمل بطريقة مختلفة، من خلال موجات الميكروويف.
وتمت تسمية الجهاز الجديد حينها باسم مختلف هو "رادارينج"، نسبة لجهاز الرادار التي كان السبب في هذا الاكتشاف، وتم إنتاج أول جهاز في الأسواق سنة 1953، إذ كان يبلغ ارتفاعه 1.8 متر، ووزنه 340 كيلوغراماً، ويستهلك 3 أضعاف الطاقة التي تستخدمها أفران الميكروويف الحالية، فيما وصل ثمنه إلى أكثر من 3 آلاف دولار أمريكي.
وبعد أن حصل على حقوق ملكية جهاز "الميكروويف"، الذي تكلفت شركة "رايثون" بإنتاجه، حصل المهندس الأمريكي بيرس سبنسر على دولارين فقط، من طرف الشركة، وذلك لتكون بمثابة دفعة رمزية له على اختراعه.