دقت منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر، بعد أن كشفت في تقرير نشرته الثلاثاء 9 مايو/أيار 2023، تقريراً كشف عن أرقام صادمة، إذ قال إن أكثر من 4.5 مليون امرأة وطفل يموتون كل عام خلال الحمل والولادة ، أي ما يعادل حالة وفاة واحدة كل 7 ثوانٍ في العالم.
وأشار التقرير إلى أن معظم حالات الوفاة ناتجة عن أسباب يمكن تفاديها أو علاجها إذا توفرت الرعاية المناسبة، إذ أفاد التقرير بأنه "لن يكون إنقاذ حياة 7.8 مليون شخص ممكناً إلا من خلال تغطية عالية للتدخلات المنقذة للحياة، إلى جانب الجودة والإنصاف في الرعاية المستمرة، منذ فترة قبل الحمل إلى فترة بعد الولادة".
"وفيات بشكل غير مقبول"!
وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن بيانات الاتجاهات عن التقدم العالمي في الحد من وفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة والإملاص، تكشف بعض التباطؤ خلال العقد الماضي. وكانت المكاسب التي تحققت بين عامي 2000 و2010 أسرع مما كانت عليه في السنوات بعد 2010.
وأفاد التقرير إلى أن التقدم العالمي في الحد من الوفيات المبكرة للنساء الحوامل والأمهات والأطفال حديثي الولادة، توقف لمدة 8 سنوات بسبب انخفاض الاستثمارات في صحة الأم والوليد (حديث الولادة).
الدكتور أنشو بانيرجي المسؤول بمنظمة الصحة العالمية قال: "لا تزال النساء الحوامل والأطفال حديثو الولادة يموتون بمعدلات عالية بشكل غير مقبول في جميع أنحاء العالم، وقد تسببت جائحة كوفيد-19 في مزيد من الانتكاسات، لتزويدهم بالرعاية الصحية التي يحتاجون إليها"، وأضاف: "إذا كنا نرغب في رؤية نتائج مختلفة، يجب أن نفعل الأشياء بشكل مختلف. هناك حاجة الآن إلى استثمارات أكثر ذكاء في مجال الرعاية الصحية الأولية، حتى تتمتع كل امرأة وطفل- بغض النظر عن المكان الذي يعيشون فيه- بأفضل فرصة للصحة والبقاء على قيد الحياة".
وأدت جائحة كورونا، وتزايُد الفقر، وتفاقُم الأزمات الإنسانية إلى تكثيف الضغوط على النظم الصحية المرهقة، وأكدت منظمة الصحة أن عدم توفر التمويل وقلة الاستثمار في الرعاية الصحية الأولية يدمر احتمالات البقاء على قيد الحياة. على سبيل المثال، في حين أن الخداج (الولادة المبكرة قبل الأوان) هو الآن السبب الرئيسي لجميع وفيات الأطفال دون سن الخامسة على مستوى العالم، فإن أقل من ثلث البلدان أفاد بوجود عدد كافٍ من وحدات رعاية الأطفال حديثي الولادة لمعالجة الأطفال الصغار والمرضى.
البلدان الأكثر تضرراً
وفي البلدان الأكثر تضرراً في إفريقيا، جنوب الصحراء الكبرى ووسط وجنوب آسيا، فإن أقل من 60% من النساء- في المناطق التي بها أكبر عبء لوفيات المواليد والأمهات- يتلقين 4 فحوصات ما قبل الولادة من أصل 8 توصي بها منظمة الصحة العالمية.
وقالت الدكتورة جوليتا أونابانجو، مديرة القسم الفني في صندوق الأمم المتحدة للسكان: "إن وفاة أي امرأة أو فتاة صغيرة أثناء الحمل أو الولادة هي انتهاك خطير لحقوق الإنسان الخاصة بهن، كما أنها تعكس الحاجة الملحة لتوسيع نطاق الوصول إلى خدمات الصحة الجنسية والإنجابية الجيدة، كجزء من التغطية الصحية الشاملة والرعاية الصحية الأولية، لا سيما في المجتمعات التي شهدت فيها معدلات وفيات الأمهات انخفاضاً أو حتى ارتفعت خلال السنوات الأخيرة".
وشددت على ضرورة وضع نهج تحويلي قائم على حقوق الإنسان والنوع الاجتماعي لمعالجة وفيات الأمهات والمواليد، واستئصال العوامل الأساسية التي تؤدي إلى نتائج سيئة لصحة الأم، مثل عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية والتمييز والفقر والظلم.
توصيات منظمة الصحة
وأنهت الصحة العالمية تقريرها بتوصيات قالت فيها إنه لزيادة معدلات البقاء على قيد الحياة، يجب أن تحصل النساء والأطفال على رعاية صحية جيدة، وبأسعار معقولة، قبل الولادة وأثناءها وبعدها، كما تقول منظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للسكان، بالإضافة إلى الحصول على خدمات تنظيم الأسرة.
كما أشارت إلى أن هناك حاجة أيضاً إلى وجود مزيد من العاملين الصحيين المهرة، وخاصة القابلات، إلى جانب الأدوية والإمدادات الأساسية والمياه الصالحة للشرب وخدمات الكهرباء الموثوقة.
كما شدد التقرير على أن التدخلات يجب أن تستهدف بشكل خاص النساء الأكثر فقراً، ومن يعشن في أوضاع صعبة، اللاتي من المرجح ألا يحصلن على الرعاية المنقذة للحياة.
وتشمل التدخلات التخطيط والاستثمارات الأفضل، كما يتطلب تحسين صحة الأمهات والمواليد معالجة العادات الضارة والتحيزات وعدم المساواة الجنسانية.
وتظهر البيانات الحديثة أن حوالي 60% فقط من النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عاماً يتخذن قراراتهن بأنفسهن، فيما يتعلق بالصحة والحقوق الجنسية والإنجابية.
واستناداً إلى الاتجاهات الحالية، لن تتمكن أكثر من 60 دولة من تحقيق أهداف الحد من وفيات الأمهات والمواليد التي تشملها أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.