14 ترخيصاً للتعدين وصفقات أسلحة.. لماذا يثير الاتفاق بين الإمارات ودولة إفريقية قلقاً دولياً؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2023/05/03 الساعة 09:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/05/03 الساعة 09:46 بتوقيت غرينتش
الشيخ محمد بن زايد رئيس الإمارات/ Getty Images

وقّعت الإمارات وجمهورية الكونغو الديمقراطية اتفاقية كبرى للتعدين تشمل 14 ترخيصاً، فلماذا تثير قلقاً دولياً؟ وما علاقة روسيا بالقصة؟ وهل تحمل الاتفاقية جوانب أخرى بخلاف التعدين؟

موقع Africa Intelligence الفرنسي نشر تقريراً حول الاتفاق بين الرئيس الإماراتي، الشيخ محمد بن زايد، ونظيره الكونغولي، فيليكس تشيسكيدي، على الملامح النهائية لصفقات أسلحةٍ واستخراج المعادن من مناجم التعدين في الدولة الإفريقية.

ما تفاصيل الاتفاق بين الإمارات والكونغو الديمقراطية؟

ولا تزال تفاصيل اتفاقية التعدين الكبرى بين جمهورية الكونغو الديمقراطية والإمارات العربية المتحدة قيد النقاش، لكن موقع Africa Intelligence الفرنسي كشف أن كينشاسا قدَّمت لأبوظبي قائمةً تضم 14 ترخيصاً.

ويأتي مقترح الكونغو استجابةً لطموحات التعدين الإماراتية، وتقع كل التراخيص في مقاطعة التعدين السابقة كاتانغا -الواقعة جنوب شرق البلاد. حيث أعربت أبوظبي عن اهتمامها عبر مجموعة Primera Group، التي أسسها رجلا الأعمال سيبتين علي بهاي وأجاي باثيا نيابةً عن حكومة الإمارات.

ولا تزال اختيارات كينشاسا للتراخيص رهن المفاوضات المكثفة، حيث إن بعض التراخيص تخص شركة Gécamines الحكومية. بينما تتمتع بعض التراخيص الرئيسية بحالات حساسة على نحوٍ خاص، وتظل ملكيتها غير واضحة.

رئيس الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسكيدي/ رويترز

إذ استهدفت الحكومة الكونغولية الأصول التي يعتبرها أصحابها غير مستغلة في سجل تعدين الكونغو، ومنها الترخيص 591 المملوك لشركة Swanmines التابعة لمجموعة Eurasian Resources Group الكازاخية -ومقرها في لوكسمبورغ.

وكانت السلطات الكونغولية قد أرسلت إشعاراً في مطلع العام الجاري حول نيتها سحب ترخيص Eurasian Resources Group، بينما قررت المجموعة منذ ذلك الحين أن ترفع المسألة إلى محكمة التحكيم الدولية في باريس، بحسب ما كشف عنه تقرير سابق لموقع Africa Intelligence.

هل هناك صفقة أكثر طموحاً يريدون إبرامها؟

ضمَّت القائمة المقدمة إلى أبوظبي مجموعة من التراخيص الخاصة بشركات تعدين رائدة أخرى، منها 3 تراخيص لـKipushi Corporation التابعة لـIvanhoe Mines، وهي شركة يملكها الملياردير الأمريكي-الكندي روبرت فرايدلاند.

وتواصل الموقع الفرنسي مع الكونغولي لويس واتوم، رئيس مجلس إدارة Kipuco، الذي قال إنه لم يتلقَّ أي معلومات بخصوص نية السلطات الكونغولية. يُذكر أن واتوم يشغل كذلك منصب رئيس غرفة المناجم في اتحاد شركات الكونغو.

ويجري حالياً تجديد صلاحية التراخيص المذكورة في سجل تعدين الكونغو، بعد انتهاء صلاحيتها مطلع عام 2020. وتضم القائمة ترخيصاً آخر قد يثير المتاعب، وهو الترخيص الخاص بشركة Interactive Energy Russia المملوكة لرجل الأعمال الروسي المسن والغامض، روبن كاتسوباشفيلي.

وإثارة المتاعب هنا إشارة إلى وجود روسي في الكونغو الديمقراطية، من خلال عناصر شركة فاغنر، حيث كانت كينشاسا قد دخلت في مفاوضات مع ممثلي شركة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة، حيث عُقد الاجتماع في أوائل فبراير/شباط 2021 في العاصمة الكونغولية، انتهت بتوقيع اتفاق بشأن نشر أفراد من الشركة الروسية في الكونغو.

وعلى الرغم من أن أعداد المنتمين لشركة فاغنر، الذين تم نشرهم في الكونغو أو طبيعة الخدمات المحددة التي يقومون بها، فإن الوجود الروسي في إفريقيا يتوسع بشكل لافت خلال الفترة الأخيرة، بحسب التقارير الغربية.

المرتزقة الروس روسيا فاغنر
مرتزقة فاغنر الروس/رويترز

ومن المفهوم أن النقاشات بين كينشاسا وأبوظبي لا تزال جارية، وأن قائمة التراخيص النهائية لم تتحدد بصورةٍ حاسمةٍ بعد. علاوةً على أن الاتفاق الحالي قد يمهد الطريق أمام اتفاق أكثر طموحاً، نظراً لطموحات الإمارات الأوسع نطاقاً في قطاع التعدين الكونغولي.

كانت الإمارات قد وضعت أعينها على شركة Société aurifère du Kivu et du Maniema الحكومية المتعثرة تحديداً، إذ وقع الرئيس الكونغولي في يونيو/حزيران 2021 على مذكرة تفاهم مع شركة Dither في كيغالي، من أجل معالجة الذهب الذي تُنتجه Société aurifère du Kivu et du Maniema، وذلك أملاً في مساعدة الأخيرة على استرداد عافيتها.

لكن تدهور العلاقات الدبلوماسية بين الكونغو ورواندا أدى إلى تعليق تنفيذ تلك الاتفاقية، وذلك على خلفية الأزمة الأمنية التي اندلعت بسبب تمرد حركة 23 مارس/آذار. وبهذا أصبحت الساحة مفتوحةً أمام أطراف أخرى للتدخل.

مصنع معالجة في منطقة "بوتيت نورد"

في هذه الأثناء، هناك مشروع ضخم آخر تجري دراسته في منطقة بوتيت نورد بمقاطعة كيفو الشمالية، حيث من المحتمل إنشاء وحدة معالجة للمعادن الاستراتيجية -الكاسيتريت والكولتان والفولفراميت- بموجب شراكةٍ كونغولية إماراتية.

ولم يتأكد بعد الموقع النهائي للمشروع، لكن الاحتمالات تشير إلى تشييد المصنع بالقرب من مناجم روبايا، حيث يجري تعدين الكولتان صناعياً بواسطة شركة Société minière de Bisunzu المملوكة لإدوارد موانغاشوشو.

وهناك العديد من الحفارين الحرفيين الذين يعملون بالقرب من الموقع، الذي يتمتع بدوره بأهمية استراتيجية، ويبدو أنه يثير اهتمام الإمارات. ويخضع موانغاشوشو للمحاكمة حالياً أمام المحكمة العسكرية العليا في الكونغو بسبب علاقاته المزعومة مع متمردي حركة 23 مارس/آذار.

أما داخل مكتب الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي، فيتولّى مستشاره الخاص كاهومبو ماندونغو بولا إدارة العلاقة مع أبوظبي. ويحظى بولا بثقة تشيسكيدي والرئيس الإماراتي محمد بن زايد على حدٍّ سواء، كما يتمتع باتصال مباشر مع الأخير.

وتضم قائمة معارفه الإماراتيين في مجال التعدين علي الراشدي، رئيس مجلس إدارة Emiral Resources. يُذكر أن رجل الأعمال الروسي بوريس إيفانوف هو مؤسس تلك الشركة، التي تعمل في قطاع الذهب بدول السودان وموريتانيا وغانا.

بينما يعمل الراشدي بشكلٍ رئيسي لحساب "الشركة العالمية القابضة" التي يملكها طحنون بن زايد آل نهيان، شقيق محمد بن زايد ومستشار الأمن القومي الإماراتي. كما يعمل في قطاع الاستخراج مع وسيط الذهب الحرفي السابق سيبتين علي بهاي، الذي عيّنه لقيادة Primera Group إلى جانب أجاي باثيا.

طائرة شحن من الإمارات إلى مطار ندجيلي

وفي هذا السياق، يتابع المجتمع الدولي عن كثب إعادة التقارب التي بدأها تشيسكيدي بين الكونغو والإمارات. حيث يشعر الدبلوماسيون الأجانب بالقلق حيال الجانب العسكري من تلك الشراكة، التي بدأت بالفعل دون أن تتضح حدودها أو نطاقها الحقيقي حتى الآن. بينما تبرع الإماراتيون بنحو 30 عربة مدرعة لجمهورية الكونغو الديمقراطية في أكتوبر/تشرين الأول عام 2021.

ونما إلى علم موقع Africa Intelligence أن هناك طائرة شحن من المقرر أن تكون قد حطت داخل مطار ندجيلي الثلاثاء، 2 مايو/أيار 2023، وتحمل على متنها معدات عسكرية. وأما عن الوجهة النهائية للطائرة فهي مدينة كيسانغاني. يُذكر أن الطائرة مستأجرة من شركة الشحن الجوي الإماراتية "ماكسمس للطيران"، وهي شركة متخصصة في نقل المعدات العسكرية.

ودخل السفراء الغربيون والأمم المتحدة في حالة تأهب خلال الأسابيع الأخيرة، وذلك بسبب خطة بين كينشاسا وأبوظبي لتجنيد أفراد عسكريين خاصين، بهدف نشرهم في مناطق المعارك ضد الجماعات المسلحة، وخاصة متمردي 23 مارس/آذار. وصرّحت السفارة الأمريكية في كينشاسا لموقع Africa Intelligence أواخر مارس/آذار بأنها "تلقت معلومات حول توقيع الحكومة لعقد مع شركة Academi الخاصة لتقديم خدمات الحماية".

حفار ينزل إلى منجم كوبالت، جمهورية الكونغو الديمقراطية، وهو المعدن الذي يدخل في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية الحديثة/ Getty

وتتخصص الشركة المذكورة في الأمن الخاص، لكنها تشتهر أكثر باسمها السابق Blackwater، حيث أسسها الأمريكي إريك برنس، الذي ترك الشركة قبل نحو 13 عاماً. واستحوذت شركة Triple Canopy الأمريكية على Blackwater في عام 2014، وضمتها تحت مظلة مجموعة Constellis Group. بينما رفضت Academi الرد على طلبات الاستفسار من الموقع.

هل ستكون Academi حاضرةً داخل جمهورية الكونغو الديمقراطية قريباً؟ يتداول الدبلوماسيون الغربيون ووكلاء الأمم المتحدة معلومات حول احتمالية وصول جنود خاصين جدد، لينضموا إلى جنود الفيلق الأجنبي الفرنسي سابقاً تحت قيادة الروماني هوراتيو بوترا.

وفي مذكرةٍ سرية بتاريخ 17 أبريل/نيسان، تحدّث مركز تحليلات البعثة المشترك التابع لبعثة الأمم المتحدة في الكونغو عن "خطط محتملة لنشر شركات عسكرية كولومبية خاصة". كما أوردت المذكرة فرضية التجنيد قصير أو متوسط الأجل للأفراد العسكريين الخاصين من كولومبيا، وذلك عبر الهياكل المرتبطة بالحكومة الإماراتية وشركات جنوب إفريقية.

ولم تتحدد هوية شركة المقاولات العسكرية بعد، لكن أحد المصادر رفيعة المستوى داخل الدولة الكونغولية أكد أنها Academi. ورغم ذلك، جرى تعليق المشروع نتيجة الانتقادات والمخاوف الداخلية، بالإضافة إلى ضغوطات بعض السفراء الغربيين.

تحميل المزيد