تسود حالة من الفوضى في السودان؛ حيث ينهب المقاتلون الشركات والمنازل ويهرب المدانون من السجن، وذلك منذ اندلاع القتال قبل 10 أيام بين الجيش بقيادة اللواء عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، قائد قوات الدعم السريع، والذي تسبب في انهيار الوضع الأمني في السودان تماماً.
ففي أم درمان المدينة المطلة على النيل الأبيض على الضفة الأخرى من العاصمة الخرطوم، أكد شهود عيان روية مسلحين مجهولين يقتحمون سجناً ويطلقون سراح كل من بداخله، بحسب موقع Middle East Eye البريطاني، 22 أبريل/نيسان 2023.
دلل على إطلاق سراح السجناء بالمدينة، أحد أقرباء محمد آدم، أحد المحتجين المؤيدين للديمقراطية -المُلقَّب بـ"توباك"، تيمناً بمغني الراب- والمتهم بقتل عميد في الشرطة، إنه كان من بين المُحرّرين، لكنه اختفى منذ ذلك الحين.
إلى ذلك، اتهم الجيش السوداني، قوات الدعم السريع، التي تتقاتل معه حالياً، بمهاجمة السجن لنشر الفوضى، رغم أنَّ قوات الدعم السريع تنفي أنها كانت وراء الهروب من السجن.
وقُتِل أكثر من 400 شخص في أعمال العنف، التي اندلعت في 15 أبريل/نيسان، حيث فشل البرهان ودقلو، في الاتفاق على صفقة سياسية انتقالية في أعقاب الانقلاب العسكري الذي قادوه عام 2021.
ويفر آلاف الأشخاص من الخرطوم إلى محافظات آمنة، ولا سيما ولاية الجزيرة الواقعة على بُعد 200 كيلومتر إلى الجنوب من العاصمة.
وسيطر كلا الفصيلين على مراكز الشرطة والمباني الرسمية الأخرى في محاولة للسيطرة على الشوارع والمواقع الاستراتيجية.
ولحقت أضرار بالمستشفيات وأُجبِرَت على الخروج من الخدمة واستُخدِمَت كقواعد عسكرية. ويقول الأطباء إنَّ 60 مستشفى من أصل 74 في الخرطوم متوقفة عن العمل حالياً، مع تضاؤل الأدوية والإمدادات الأخرى سريعاً في المستشفيات المتبقية.
سرقة تحت تهديد السلاح
وعقب الاشتباكات الدامية منذ 10 أيام، لا سيما في العاصمة السودانية الخرطوم، صار النهب جزءاً من الحياة اليومية.
في بحري، وهي مدينة تقع شمال الخرطوم مباشرةً، قال التاجر ماضي النور إنَّ مسلحين يرتدون زي قوات الدعم السريع سرقوا كل ما يمكنهم حمله من السوق بجوار المحطة المركزية.
وأضاف ماضي النور: "أتيت إلى سوق البحري يوم الإثنين (17 أبريل/نيسان) لجمع المواد والممتلكات والبقالة وأشياء أخرى باهظة الثمن لتخزينها في مكان آمن، لكنني وجدت السوق منهوباً بالكامل وجزءاً منه محروقاً. كان الفاعل قوات الدعم السريع؛ فقد رأيت سياراتهم تحيط بالسوق".
وفي حادث آخر، أوقف مسلحون مجدي عثمان، وهو صاحب متجر في منطقة العامرات، لكنه لم يتمكن من الفرار. وأخبر صديقٌ له موقع Middle East Eye أنه قُتِل أمام متجره يوم الأربعاء 19 أبريل/نيسان.
وقال صديق عثمان: "كان يخطط لمغادرة الخرطوم. لكن بعدما جمع أمواله وأغلق المتجر أوقفه بعض المسلحين وطلبوا منه أن يعطيهم كل ما لديه. حاول الهرب، لكنهم أردوه قتيلاً بالرصاص على الفور".
فراغ أمني
ومنذ اندلاع العنف بالسودان، اختفت الشرطة، وحوّل الجيش وخاصة قوات الدعم السريع مراكز الشرطة المهجورة إلى قواعد عسكرية، إذ يمكنها استيعاب الكثير من الجنود والعديد منها تحيطه أسوار. حتى أنَّ قوات الدعم السريع سيطرت على مبنى وزارة الداخلية في وسط الخرطوم.
إذ قال مصطفى عبد العظيم، ضابط شرطة متقاعد وخبير أمني، إنَّ الصراع أوجد فراغاً أمنياً، نظراً لأنَّ الشرطة قوة مدنية ولا يمكنها مواجهة قتال بهذا الحجم.
وأضاف: "بسبب هروب الشرطة من المدينة انتشرت العصابات والمجرمون الآخرون، ويصعب احتواؤهم".
وحذّر الخبير الأمني: "إذا استمر هذا الأمر، فسيكون له عواقب وخيمة. أعتقد أنَّ الأمن ضروري، حتى أكثر من الغذاء؛ لذلك آمل أن يسمح الجانبان للشرطة بأداء وظيفتها".