أحدهم دفع مئة ألف دولار رسوماً! طلاب دوليون يقعون ضحايا لـ”وهم” التعليم في أستراليا

عربي بوست
تم النشر: 2023/04/23 الساعة 22:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/04/23 الساعة 22:28 بتوقيت غرينتش
علم أستراليا - getty images

قالت صحيفة The Guardian البريطانية في تقرير نشرته الأحد 23 أبريل/نيسان 2023، إن المواطن الباكستاني محمد إحسان كان يظن أن تأشيرة الطالب الأسترالية سوف تكون تذكرته للحصول على تعليم عالي المستوى في مؤسسة مرموقة، تليها وظيفة ذات راتب كبير. لكنه استيقظ من الأوهام فوجد نفسه يقيم في غرفة توشك أن تكون خالية من مستلزمات المعيشة، ومُعلمه يتحدث الإنجليزية بالكاد.

بعد ما يقرب من 10 سنوات على وصوله إلى أستراليا، يعمل إحسان سائقاً لسيارة تابعة لشركة أوبر، ويشغل وظائف أخرى مؤقتة، ولا يزال يأمل في الحصول على إقامة دائمة. ويقول إنه دفع أكثر من 100 ألف دولار في رسوم تسجيل ابتدائية (تُدفع مقدماً) إلى مؤسسات أسترالية، للانضمام إلى دورات تدريبية كان وكلاء هذه المؤسسات قد وعدوه بأنها تؤهله للعمل بوظائف رائعة. ويقول إحسان: "لقد خسرت جميع الفرص في الالتحاق بمسار مهني مستقر، وكثيرون غيري سيُستدرجون ويُستغلون بالطريقة ذاتها".

Uber driver Muhammad Ihsan in Launceston, Tasmania, Australia

خديعة يقع فيها طلاب دوليون في أستراليا

إحسان ليس إلا طالباً واحداً من طلاب دوليين كثيرين وقعوا في شباك عالم الوكلاء الأجانب غير الرسمي، وهو عالم يقوم على أشخاص تتعهدهم شركات خاصة بالعمولات الكبيرة إذا تمكنوا من اجتذاب الطلاب الدوليين إلى دورات ضعيفة المستوى، مع وعود للطلاب بأن يحصلوا على وظائف للعمل بدوام كامل، والتأهيل لمسار يُفضي إلى الحصول على وثائق الإقامة الدائمة.

وصل إحسان إلى أستراليا في عام 2013 بتأشيرة طالب لإكمال درجة الماجستير في التكنولوجيا الحيوية وعلم الأحياء الحاسوبي في إحدى جامعات ملبورن.  لكن عندما وصل إلى أستراليا، وجد نفسه في دورة دراسية تضم 90 طالباً، منهم طالبان أستراليان فقط، ومعظم الملتحقين بالدورة من الطلاب الهنود. وقال إحسان إن الوكلاء كثيراً ما يسجلون الطلاب في الدورات، ويُدرجونهم في مؤسسات مختلفة للحصول على مزيد من العمولات.

لطالما استعانت الجامعات الأسترالية بالوكلاء الأجانب لسداد رسوم التسجيل بالجامعات عن الطلاب القادمين من خارج البلاد ومساعدتهم في عمليات التقديم والإقامة. لكن بعض الوكلاء صاروا متهمين برشوة الطلاب الدوليين بأجهزة كمبيوتر محمولة، ونماذج دورات سهلة، ووعود كاذبة عن المستقبل الذي ينتظرهم بعد التخرج.

Uber driver Muhammad Ihsan in Launceston, Tasmania, Australia

تحقيق بالبرلمان الأسترالي حول ملف الطلاب الأجانب

عادت القضية إلى دائرة الاهتمام هذا الأسبوع في سياق تحقيق يجريه البرلمان الأسترالي بشأن المخالفات في قطاع الطلاب الدوليين، فقد زعم فيل هانيوود، الرئيس التنفيذي لرابطة التعليم الدولية في أستراليا، أن نظام التعليم الدولي في أستراليا أصبح يشبه "مخطط بونزي للنصب"، إذ يحصل الوكلاء في الخارج على عمولة تصل إلى 50% من المؤسسات المستقلة لتوجيه الطلاب من جنوب آسيا إلى دورات ذات مؤهلات اعتماد ضعيفة لا تتناسب مع مواهبهم ولا مهاراتهم.

قال هانيوود لموقع Guardian Australia الأسترالي: "يجب تنظيم هذه الإجراءات"، "فقد ظلت هذه المؤسسات تفلت من العقاب طيلة عقدين، رغم أن تنظيم الإجراءات ليس بالأمر الذي يصعب القيام به".

في سياق متصل، فقد حاولت الحكومة في عام 2012 إصلاح قطاع الوكلاء الأجانب بفتح الباب لتسجيل تطوعي عام، وكانت الغاية من هذا الإجراء فرض قيود أكبر لمساءلة الوكلاء الذين تستعين بهم المؤسسات التعليمية لجذب الطلاب. لكن هانيوود قال إن هذا الإجراء باء بالفشل، وتحول الأمر إلى "سباق نحو الانحدار" في سوق شديدة التنافسية ورغبة متزايدة في حصد الأرباح.

أشار هانيوود إلى أن الجامعات العامة تعرض على الوكلاء عمولة تبلغ 15% في حدِّها الأقصى مقابل الخدمات التي يقدمونها للمتقدمين للالتحاق بهذه الجامعات. لكن نسبة العمولة تزداد زيادة كبيرة في المؤسسات التعليمية الخاصة، لتبلغ نحو 30%، ثم ارتفعت إلى 50% خلال جائحة كورونا لما تسبب إجراءات الإغلاق في تعطيل السوق.

علم أستراليا – getty images

وصول الآلاف إلى أستراليا للتعلم

في السياق ذاته، كشفت أحدث البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاءات الأسترالي أن عدد الطلاب الوافدين لا يزال أقل بنسبة 22.5% مما كان عليه قبل جائحة كورونا،  لكن هناك زيادة في نسب الالتحاق بالمؤسسات التعليمية الخاصة. وتشير البيانات إلى وصول نحو 6270 أجنبياً بتأشيرات طلابية للالتحاق بمؤسسات خاصة في شهر فبراير/شباط، بزيادةٍ بلغت 6 أضعاف على نظيرتها في المدة ذاتها خلال العام الماضي.

تكتظ تطبيقات الوسائط الاجتماعية، مثل تيك توك، بإعلانات الوكلاء الذين يقدمون دورات وتعهدات بـ"مسارات إلى الإقامة الدائمة" في مجالات عدة، مثل التمريض والنجارة، ويبيعون الوعود الكاذبة بتوفير تأشيرات طويلة الأجل للطلاب المتقدمين.

من جانبها، قالت غابرييلا فايس، التي تعمل في هيئة إدارة الأزمات المعنية بطلبات القبول من الطلاب الدوليين في نيو ساوث ويلز، إن كثيراً من الطلاب "يُباعون الأوهام" من الوكلاء في بلدانهم الأصلية بشأن السفر إلى أستراليا. وغالباً ما يخدعونهم بـ"معلومات مضللة" عن التكاليف القليلة للإقامة، وعدد ساعات العمل التي يسمح بها القانون للحاصلين على تأشيرة طالب.

تحميل المزيد