كان من بين ما كشفت عنه وثائق البنتاغون المسربة تأكيد أن قيادة الموساد، جهاز المخابرات الإسرائيلي، شجع موظفي الجهاز والمواطنين الإسرائيليين على المشاركة في الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي تعصف بالبلاد منذ شهر مارس/آذار الماضي.
بينما نفى مسؤولون بارزون في وزارة الدفاع الإسرائيلية صحة ما ورد في وثائق البنتاغون المسربة الخاصة بالمخابرات الأمريكية، وفق ما ذكرته صحيفة The New York Times الأمريكية، السبت 8 أبريل/نيسان 2023، كما علق مكتب نتنياهو، الأحد 9 أبريل/نيسان، على ما جاء في تقرير الصحيفة الأمريكية.
بينما قال مسؤولون أمريكيون بارزون إن مكتب التحقيقات الفيدرالي يعمل على تحديد مصدر هذه الوثائق المسربة. وأقر المسؤولون بأن هذه الوثائق موجزات استخباراتية وعملياتية قانونية جمعتها هيئة الأركان المشتركة لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، بالاستعانة بتقارير من أجهزة الاستخبارات الحكومية، وبأن واحدة من هذه الوثائق على الأقل خضعت لتعديلات مختلفة عن الأصل في وقت لاحق.
دور الموساد في الاحتجاجات بإسرائيل
حسب وثائق البنتاغون المسربة، وهي عبارة عن تقييم منسوب إلى المخابرات المركزية الأمريكية يعود تاريخه إلى 1 مارس/آذار، شجع قادة الموساد "مسؤولي الموساد والمواطنين الإسرائيليين على الاحتجاج على الإصلاحات القضائية التي اقترحتها الحكومة الإسرائيلية الجديدة، وشمل ذلك عدة دعوات صريحة للتنديد بالحكومة الإسرائيلية".
بحسب الوثائق، تم الحصول على هذه المعلومات من خلال استخبارات الإشارات. وكثير من هذه الوثائق المسربة صُنفت بأنه لا يسمح بمشاركتها إلا بين وكالات الاستخبارات الأمريكية فقط.
فيما قال مسؤولون استخباراتيون إسرائيليون حاليون وسابقون إن قوانين الموساد وتقاليده الراسخة بعدم التحيز تحول دون مشاركة قيادته في أزمة سياسية بشكل مباشر. ورداً على طلب للتعليق، قال مكتب رئيس الوزراء، الذي يتبعه الموساد، إنه يدرس هذه التقارير.
معارضة التعديلات القضائية
على أنه تجدر الإشارة إلى أن بعض موظفي الموساد طلبوا وحصلوا على إذن للمشاركة في المظاهرات كمواطنين عاديين. وسمح رئيس الموساد، ديفيد بارنيا، بالتشاور مع المدعي العام الإسرائيلي، للموظفين الصغار بالمشاركة طالما أنهم لا يعرّفون أنفسهم بأنهم أعضاء في الجهاز، وفقاً لمسؤول دفاعي مطلع على سياسة الموساد.
ووقع عدة مئات من موظفي الموساد السابقين، من ضمنهم خمسة رؤساء سابقين، بياناً في مارس/آذار يعارض التعديلات القضائية الشاملة التي تروجها الحكومة.
ولم يتخذ الموساد نفسه يوماً موقفاً من أي جدل سياسي أو اجتماعي في إسرائيل. وهو أيضاً، عكس الشاباك، المعني بالأمن الداخلي، يعمل حصراً خارج البلاد.
على أن المعلومات الواردة في وثائق البنتاغون المسربة تتداخل مع بعض الاتهامات التي لا أساس لها والتي يروجها يائير نتنياهو، نجل رئيس الوزراء. إذ زعم نتنياهو الأصغر أن عناصر معادية داخل جهاز المخابرات الإسرائيلي ووزارة الخارجية الأمريكية هي من تقف وراء الاحتجاجات.
نتنياهو ينفي مضامين وثائق البنتاغون المسربة
من جهته، نفى مكتب نتنياهو في بيان باسم "الموساد"، تلك التقارير وقال: "كل ما تم نشره الليلة الماضية في الصحافة الأمريكية كاذب تماماً ولا أساس له من الصحة"، وفق قناة "كان" التابعة لهيئة البث الإسرائيلية الرسمية.
أضاف البيان أن "الموساد ومسؤوليه لم يشجعوا ولا يشجعون العاملين في الجهاز على التظاهر ضد الحكومة أو التظاهرات السياسية بشكل عام أو أي نشاط سياسي"، وفق ما نقلته وكالة الأناضول.
كما تابع البيان رداً على ما جاء في وثائق البنتاغون المسربة: "الموساد ومسؤولوه الحاليون لم يتعاملوا إطلاقاً مع موضوع التظاهرات، وظلوا أوفياء لقيم الدولة التي وجهت الجهاز منذ إنشائه"، في 13 ديسمبر/كانون الأول 1949.
يأتي ذلك بينما شهدت مدن إسرائيلية، مساء السبت 8 أبريل/نيسان، احتجاجات للأسبوع الـ14 على التوالي ضد الخطة الحكومية لإصلاح القضاء، رغم إعلان نتنياهو تعليقها.
إذ تقول المعارضة على لسان قادتها وأبرزهم رئيس الوزراء السابق يائير لابيد، إن الخطة بشكلها الحالي بمثابة "نهاية الديمقراطية" وبداية "عهد ديكتاتوري" في إسرائيل وتصفها بـ"الانقلاب السلطوي"، فيما يؤكد نتنياهو أن خطته تهدف إلى إعادة التوازن بين السلطات (القضائية والتنفيذية والتشريعية).