أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس الثلاثاء 31 يوليو/تموز 2018، خلال خطاب ألقاه في فلوريدا أنّ لديه "شعوراً" بأن الزعماء الإيرانيين سيتحدثون "قريباً جداً" مع الولايات المتحدة، وذلك في وقت شن فيه الإيرانيون هجوماً على دعوة للقائهم.
وقال ترمب: "آمل في أن تسير الأمور بشكل جيّد بالنسبة إلى إيران. لديهم مشاكل كثيرة في الوقت الحالي (…) لديّ شعور بأنهم سيتحدثون إلينا في وقت قريب جداً… أو ربما لا، ولا بأس بذلك أيضاً". وقد استغلّ الرئيس الأميركي الخطاب لكي يُذكّر مجدداً بقراره سحب بلاده من الاتفاق النووي "المروّع" الذي وقّعته الدول العظمى مع إيران في العام 2015.
وكان مسؤولون رفيعو المستوى وقادة عسكريون في إيران قد رفضوا عرض ترمب إجراء محادثات دون شروط مسبقة باعتباره "حلماً"، قائلين إن كلماته تناقض أفعاله فيما يتعلق بمعاودة فرض العقوبات على طهران.
الزعماء الإيرانيون: لن نخضع بسهولة
ومن ناحية أخرى، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن انسحاب ترمب من الاتفاق الذي تم التوصل إليه عام 2015 "غير قانوني" وإن إيران لن تخضع بسهولة لحملة واشنطن الجديدة لتضييق الخناق على صادراتها النفطية.
وكان ترمب أعلن في مايو/أيار انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المتعدد الأطراف الذي أبرم قبل توليه السلطة وشجبه باعتباره منحازاً لإيران. وأبدى يوم الإثنين استعداده للقاء روحاني دون شروط مسبقة لبحث كيفية تحسين العلاقات.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، إنه ينبغي للولايات المتحدة ألا تلوم إلا نفسها لإنهائها المحادثات مع طهران عندما انسحبت من الاتفاق النووي.
وأضاف على تويتر: "لا يمكن للولايات المتحدة ألا تلوم إلا نفسها لانسحابها وتركها لطاولة" المفاوضات.
وذكر المتحدث باسم الوزارة أن عرض ترمب التفاوض مع طهران يتناقض مع أفعاله، حيث تفرض واشنطن عقوبات على إيران وتضغط على دول أخرى لتجنب التجارة مع الجمهورية الإسلامية.
إيران ليست كوريا الشمالية
ونسبت وكالة فارس شبه الرسمية للأنباء إلى المتحدث بهرام قاسمي قوله الثلاثاء: "العقوبات والضغوط هي النقيض التام للحوار".
وأضاف: "كيف يمكن لترمب أن يثبت للشعب الإيراني أن تصريحاته الليلة الماضية تعكس نية حقيقية للتفاوض، وأنه لم يدل بها بغرض تحقيق مكاسب شعبوية".
ورفض الميجر جنرال محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الإيراني عرض ترمب قائلاً إن إيران ليست كوريا الشمالية.
وأضاف: "حتى رؤساء الولايات المتحدة الذين سيأتون بعدك لن يروا هذا اليوم".
وقال كمال خرازي رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية في إيران إن طهران لا ترى أي قيمة لعرض الرئيس الأميركي المقدم بعد أسبوع واحد من تحذيره إيران من عواقب وخيمة لم يشهد مثلها سوى قلة على مر التاريخ إذا ما هددت واشنطن مرة أخرى.
ونقلت وكالة فارس عن خرازي قوله: "استناداً إلى خبراتنا السيئة في المفاوضات مع أميركا واستناداً إلى انتهاك المسؤولين الأميركيين لالتزاماتهم فمن الطبيعي ألا نرى أي قيمة في عرض ترمب".
وأضاف خرازي وهو وزير سابق للخارجية "يتعين على ترمب أولاً أن يتدارك انسحابه من الاتفاق النووي ويظهر احترامه لتعهدات من سبقوه وللقانون الدولي".
وأسس الزعيم الإيراني الأعلى أية الله علي خامنئي المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية للمساعدة في صياغة السياسات الطويلة الأمد للجمهورية الإسلامية.
لا اجتماع مقرر
ولم يؤد تحرك ترمب لحمل إيران على بدء مفاوضات جديدة حتى الآن إلا إلى توحيد صفوف المحافظين الإيرانيين الذين كانوا يعارضون الاتفاق النووي والمعتدلين، مثل روحاني، الذين قادوا المفاوضات من أجل إنهاء المواجهة مع الغرب التي أضرت بشدة باقتصاد إيران.
وقال علي مطهري نائب رئيس البرلمان المحسوب على معسكر المعتدلين إن التفاوض مع ترمب الآن يعتبر "مذلة".
ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عنه قوله: "لو لم ينسحب ترمب من اتفاق (إيران) النووي (مع القوى العالمية) ويفرض عقوبات على إيران لما كانت هناك أي مشكلة في المفاوضات مع أميركا".
في غضون ذلك، ذكر مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية أمس أن الوزير مايك بومبيو لن يلتقي مع نظيره الإيراني خلال اجتماع لدول جنوب شرق آسيا في سنغافورة في مطلع الأسبوع المقبل.
أما إسرائيل، التي عارضت الاتفاق النووي وشجعت ترمب على الانسحاب منه، فليست مهتمة على ما يبدو بالعرض الأميركي للقاء الزعماء الإيرانيين.
وقال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى لرويترز الثلاثاء: "إسرائيل على اتصال دائم بالإدارة الأميركية. كبار المسؤولين الأميركيين أكدوا أنه لا تغيير في السياسة الأميركية الثابتة إزاء إيران".
ويقضي الاتفاق، الذي جاء نتيجة جهود روحاني لتخفيف عزلة إيران والمساعدة في إنعاش الاقتصاد، بأن تقلص إيران برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات التي كانت تفرضها عليها الأمم المتحدة ودول غربية.
اقرأ أيضاً
طهران تضع شروطاً لعقد قمة بين روحاني وترمب.. الرئيس الأميركي عرض اللقاء وإيران لم تتأخر في الرد