كشفت وسائل إعلام فرنسية، السبت 25 مارس/آذار 2023، عن فتح 15 تحقيقاً في العنف الذي مارسته الشرطة ضد المتظاهرين الذين احتشدوا خلال الأيام الماضية، للاحتجاج على تمرير قانون التقاعد دون تصويت برلماني، وهو القانون الذي أثار جدلاً كبيراً في فرنسا.
حيث قالت شبكة "بي إف إم" الفرنسية، إن وزارة الداخلية بدأت 12 تحقيقاً، فيما تولى مكتب المدعي العام ثلاثة تحقيقات أخرى. وذكرت أن التحقيقات تمحورت حول استخدام القوة المفرطة والتهديدات اللفظية من قبل فرق الشرطة ضد المتظاهرين.
لجوء شرطة فرنسا إلى العنف ضد المتظاهرين
نقلت الشبكة الفرنسية عن ماثيو فاليت، مسؤول في نقابة العاملين بالشرطة قوله إن "الإرهاق وظروف العمل الصعبة والشاقة" ربما تكون من الأسباب التي أدت إلى لجوء بعض رجال الشرطة إلى العنف.
بدوره، استبعد لوران نونيز، مسؤول بارز في شرطة العاصمة باريس، حل وحدة شرطة "BRAV-M" إحدى الوحدات المتهمة باستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين. وقال: "لا ينبغي لسلوك قلة من الأفراد أن يلحق العار بوحدة كاملة أثبتت قدراتها الفعالة في السنوات الأخيرة"، حسب المصدر ذاته.
في السياق، اعتبر فابيان روسيل، زعيم الحزب الشيوعي الفرنسي المعارض، أن رئيس البلاد إيمانويل ماكرون هو المسؤول عن الاضطرابات المستمرة. وقال روسيل إن ماكرون خلف مناخاً مشابهاً لـ"حرب أهلية"، ويعوّل على العنف في الاحتجاجات ضد إصلاحات نظام التقاعد "لقلب الرأي العام".
اعتقال المئات في فرنسا
من جانبه، أعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانين، الجمعة، توقيف واستجواب 457 متظاهراً شاركوا في احتجاجات الخميس، ضد قانون التقاعد. وأضاف أن المواجهات التي اندلعت بين المحتجين وقوات الأمن، أسفرت عن إصابة 441 من عناصر الشرطة والدرك، دون الكشف عن أي حالات بين المتظاهرين.
كما كشفت وسائل إعلام فرنسية عن تراكم نحو 10 آلاف طن قمامة في شوارع باريس، بسبب إضراب عمال النظافة منذ عدة أسابيع.
يذكر أنه وفي 16 مارس/آذار 2023 أقرت الحكومة بموافقة الرئيس ماكرون مشروع قانون إصلاح سن التقاعد، دون إحالة المسودة النهائية للتصويت في الجمعية الوطنية (البرلمان) ويشمل القرار رفع سن تقاعد الموظفين من 62 إلى 64 عاماً.
يذكر أن المظاهرات في باريس انطلقت من ساحة "باستيل"، لمطالبة الحكومة والرئيس إيمانويل ماكرون بسحب قانون التقاعد الجديد الذي تم تمريره دون تصويت برلماني بعد تفعيل المادة 49.3 من الدستور.
شعارات مناهضة لماكرون
رفع المتظاهرون شعارات مناهضة لماكرون، واتهموه بـ"عدم الإصغاء للفرنسيين" والعيش في "برج عاجي".
من جهة أخرى، انتقد المجلس الأوروبي، الجمعة، استخدام الشرطة الفرنسية "القوة بشكل مفرط" في مظاهرات شعبية؛ احتجاجاً على تعديل نظام التقاعد المثير للجدل.
حيث قالت مفوضة حقوق الإنسان في المجلس الأوروبي دنيا مياتوفيتش، إن "العنف الذي استهدف وكالات إنفاذ القانون (الشرطة) في فرنسا، لا يبرر استخدام سلطات الدولة للقوة المفرطة".
أضافت في تصريحات صحفية، أن هذه الأفعال "ليست كافية لحرمان المتظاهرين السلميين من استخدام حقهم في حرية التجمع". ودعت مياتوفيتش السلطات الفرنسية إلى "احترام حق التظاهر وحماية المتظاهرين والصحفيين الذين يتابعون الاحتجاجات".
في سياق متصل، فقد سبق أن خرجت مظاهرات واسعة في فرنسا، الخميس، احتجاجاً على تعديل نظام التقاعد في البلاد. وذكر موقع "فرانس 24" أن نقابات عمالية في فرنسا نظمت لليوم التاسع على التوالي مظاهرات واسعة في البلاد، احتجاجاً على قرار الحكومة تعديل نظام التقاعد.
من جانبها، قالت شركة السكك الحديدية الوطنية (SNCF) إن "نصف رحلات القطار السريع ألغيت" بسبب الاحتجاجات، بينها رحلات إلى العاصمة باريس، وفق الموقع.