تسببت قيود مفروضة على نقل التكنولوجيا الأمريكية بإيقاف خطط إماراتية للمشاركة في برنامج "تشانغ آه 7" الصيني الفضائي لاستكشاف القمر في عام 2026، وذلك بحسب ما نقلت صحيفة The South China Morning Post الصادرة من هونغ كونغ عن مصدرين مختلفين.
كان التعاون الإماراتي الصيني سيشهد مشاركة المركبة الإماراتية "راشد 2" في البرنامج الصيني، ويتضمن الذهاب إلى سطح القمر في مهمة غير مأهولة للهبوط على القطب الجنوبي للقمر، والغاية منها وضع الأسس لمحطةِ أبحاث دولية.
لكن المصدرين، اللذين طلبا عدم الكشف عن هويتهما لحساسية القضية، قالا إن الاتفاقية الموقعة بين وكالتي فضاء البلدين في سبتمبر/أيلول الماضي، تتضمن مخالفة لبعض القواعد الأمريكية، بحسب الصحيفة ذاتها.
قيود أمريكية
وأشار المصدران إلى أن القواعد المقصودة هي لوائح التجارة الدولية في الأسلحة لعام 1976 (ITAR)، والتي تحظر استخدام المعدات المصنعة في الولايات المتحدة، حتى أكثرها شيوعاً، على متن صواريخ صينية.
بدوره، قال جون لوغسدون، الأستاذ الفخري لشؤون سياسة الفضاء في جامعة جورج واشنطن، إن لوائح التجارة الدولية في الأسلحة لعام 1976 تتعلق في المقام الأول بالتقنيات الدفاعية والعسكرية التي لا يمكن تصديرها دون ترخيص من وزارة الخارجية الأمريكية.
ومع ذلك، فقد أشار إلى أن "هناك بعض الاستثناءات القليلة لحلفاء الولايات المتحدة المقربين".
وأوضح لوغسدون أن الشركات المصنعة للتقنيات الأمريكية الخاضعة للوائح التجارة الدولية في الأسلحة والمدمجة في المركبة الإماراتية راشد 2 ستحتاج إلى ترخيص من الولايات المتحدة للتصدير إلى الإمارات لتفعيل مشاركة المركبة في التعاون بين الإمارات والصين.
وقال لوغسدون إن "هذا الترخيص -أو أي اتفاق آخر- من المفترض أن يتناول قواعد التحكم التكنولوجي التي من شأنها منع الصينيين من الوصول إلى التكنولوجيا الأمريكية، وإلا سيتعين على الإمارات الحصول على إذن خاص للسماح للصين بالوصول إلى هذه التقنيات".
مواد لا يمكن نقلها إلى الصين
من جانبه، أشار جوناثان ماكدويل، مؤرخ برنامج الفضاء الأمريكي وعالم الفلك في جامعة هارفارد، إلى أن كثيراً من المكونات التي بُنيت في الولايات المتحدة -أو المبنية في أوروبا بمكونات فرعية أمريكية- تخضع لقيودٍ، يهدف بعضها إلى منع الصين من الوصول إلى هذه التقنيات المتقدمة.
أضاف: "ما يثير القلق في هذا السياق، أن المركبة راشد 2 إذا وصلت إلى قاعدة شيتشانغ الفضائية لإطلاق الصاروخ الصيني، فإن المهندسين الصينيين لن يحتاجوا سوى ليلة واحدة للتسلل إلى المركبة وتفكيكها ودراسة جميع تصميماتها وإعادة تركيبها قبل الصباح"، على حد تعبيره.
وقال ماكدويل إن الولايات المتحدة فعلت الأمر نفسه في مرحلة مبكرة من سباق الفضاء الأمريكي السوفييتي، فقد سرقت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية مركبة الفضاء السوفيتية "لونا 3" مدةً وجيزة أثناء عرضها في المكسيك، وأرجعتها إلى هيئتها الأولى بعد تفكيك بعض أجزائها وتصويرها من الداخل.
مع ذلك، طالب بعض المنتقدين بإصلاح شامل للقيود التي تفرضها لوائح التجارة الدولية للأسلحة لعام 1976، وقالوا إن الزمن قد عفا عليها، ولها أضرار على صناعة الفضاء الأمريكية، فبعض الشركات الأوروبية تتجنب التعرض لها بإنشاء خطوط إنتاج خاصة لا تستخدم قطع غيار أمريكية.
وقال ماكدويل إن هذه اللوائح حملت الصين أيضاً على تطوير تقنياتها الخاصة، و"الآن بعد أن أصبحت الصين قوة فضائية بارزة، أرى أن النتيجة طويلة المدى لذلك -بافتراض أن الولايات المتحدة لن تغير موقفها- أن الدول، مثل أوروبا والإمارات، ستزيد من الاستعانة بمنتجات خالية من التقنيات الخاضعة للوائح الأمريكية، ثم سيتوسع الأمر إلى بقية دول العالم التي ستقلل من اعتمادها على منتجات الفضاء الأمريكية".