كشف تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية، الثلاثاء 21 مارس/آذار 2023، أن ست شركات غير معروفة برزت بوصفها "ملوك تداول النفط الروسي الجدد" في ديسمبر/كانون الأول الماضي، تداولت في المجمل كميةً من صادرات البلاد النفطية تكفي لدفعها دفعاً نحو مجموعة كبرى الشركات العالمية في تجارة السلع الأساسية.
كان التساؤل حول هوية من يدير تدفق النفط الروسي بعد أن قطع كبار التجار الدوليين علاقاتهم مع موسكو، واحداً من أكبر ألغاز سوق النفط. والآن، تُظهر البيانات الجمركية الروسية التي اطلعت عليها وكالة "بلومبرغ"، والتي تخص الأسابيع الأربعة الأخيرة من عام 2022، أن "ست شركات تستقر في هونغ كونغ ودبي، تداولت بالمجمل 1.4 مليون برميل من النفط الخام الروسي يومياً".
كميات ضخمة
تعتبر هذه الكمية كافية لسد الاحتياجات النفطية للمملكة المتحدة أو إيطاليا، وهي كمية من النفط أكثر من كمية النفط الروسي التي كانت تتداولها الشركات العملاقة في تجارة النفط، مثل ترافيجورا جروب أو فيتول جروب، قبل الحرب في أوكرانيا، حيث ابتعدت كبرى شركات تجارة النفط عن هذه التجارة في العام الماضي.
رغم أن شراء النفط الروسي لا يزال قانونياً، فإن الجولات المتعاقبة من العقوبات الدولية دفعت التجارة فيه نحو ظلال أعمق، وجعلت من شبه المستحيل على المحللين والمسؤولين الحكوميين الحصول على بيانات موثقة حول هوية المنخرطين فيها.
وصار التساؤل أكثر وضوحاً في الأشهر الأخيرة، حينما فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في ديسمبر/كانون الأول 2022، حداً أقصى على سعر النفط الروسي، ومنعت الشركات التي تستخدم خدمات التأمين والخدمات الأخرى التي توفرها دول الغرب لنقل الخام، من أن تبتاعه بأكثر من 60 دولاراً للبرميل، فيما لم تنضم الصين والهند إلى هذه التدابير.
وإلى جانب ذلك، اعترفت الولايات المتحدة في الأسبوع الماضي، بأن غالبية النفط الروسي يجري تداوله بسعر خارج نطاق الحد الأقصى.
6 تجارٍ هم الأكبر بين الـ15 الكبار!
من جانبه، قال ستيف سيكالا، المدير المشارك في مشروع التحليل الاقتصادي للتنظيم، التابع للمكتب القومي للأبحاث الاقتصادية بالولايات المتحدة: "إن معرفة الأسماء الكبيرة تعد خطوة مهمة لفهم كيفية استجابة أسواق النفط للحد الأقصى على السعر والعقوبات الأوسع".
تقدم البيانات الجمركية، التي اطلعت عليها وكالة بلومبرغ، معلوماتٍ عن كل فاتورة على حدة حول مشتري النفط الخام الروسي بين 5 ديسمبر/كانون الأول و31 ديسمبر/كانون الأول العام الماضي، وكان العديد منهم من الشركات الحكومية الصينية والهندية الكبيرة، ومن الوحدات التابعة لشركات النفط الروسية، ولكن كان هناك ستة تجار هم الأكبر ضمن الـ15 الكبار.
شركة واحدة تشتري نصف مليون برميل يومياً
كانت الشركة الأكبر تسمى Nord Axis Ltd، والتي اشترت 521 ألف برميل يومياً من النفط الروسي في ديسمبر/كانون الأول 2022، وجميعها حصلت عليه من شركة روسنفت.
بيد أن الشركة تلك، التي سُجلت في فبراير/شباط من العام الماضي في هونغ كونغ، كانت غير معروفة في سوق النفط حتى شهر يوليو/تموز الماضي، عندما أُعلن أنها هي التي اشترت أسهم مجموعة ترافيجورا في شركة Vostok Oil النفطية الرائدة التابعة لشركة روسنفت.
وفي السياق، تشير وكالة بلومبرغ إلى أنها لم تستطع العثور على موقع إلكتروني لشركة Nord Axis، ولم تستطع التواصل مع الشركة، فيما لم ترد شركة روسنفت على طلب للتعليق.
شركة ثانية تشتري ربع مليون برميل يومياً
تضمن المشترون الآخرون شركة Tejarinaft FZCO التي تستقر في دبي، والتي اشترت 244 ألف برميل من روسنفت في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
البيانات الجمركية التي اطلعت عليها الوكالة ذاتها، لا تُظهر بالضرورة هوية الشركات والأفراد الذين ينظمون عمليات شحن النفط، أو من الذي يجني الأرباح، فيما ارتفعت هوامش الربح؛ نظراً إلى أن هذه التجارة تصير أشد تعقيداً.
ولم يتضح كيف استطاعت هذه الشركات الست تمويل تدفق النفط الروسي إليها، الذي بلغت قيمته خلال شهر ديسمبر/كانون الأول ملياري دولار.
شركة ثالثة بـ155 ألف برميل يومياً
وكانت بعضها من شركات تداول النفط الراسخة قبل الحرب، مثل شركة Concept Oil Services Ltd، التي تستقر في هونغ كونغ والتي بدأت عملها في 2003 عن طريق مواطن من لاتفيا يدعى مايكل زليغمانز، بهدف تداول النفط في أوروبا وروسيا ودول الاتحاد السوفييتي السابقة، وذلك وفقاً لقضية في المحاكم البريطانية تعود إلى عام 2013.
وتداولت هذه الشركة نحو 155 ألف برميل يومياً من النفط الروسي في الفترة التي تناولها تقرير بلومبرغ. ومثلها مثل غالبية الشركات، لم تستطع الوكالة الوصول إلى الموقع الإلكتروني للشركة، أو التواصل مع زليغمانز.
شركة رابعة بـ121 ألف برميل يومياً
وبالمثل، اشترت شركة Coral Energy DMCC نحو 121 ألف برميل يومياً من النفط الروسي في الأسابيع الأربعة الأخيرة من شهر ديسمبر/كانون الأول، من شركة سورغوتنفتيغاز الروسية.
يملك شخص يدعى طاهر جاراييف، شركة Coral Energy، وقد بدأت عملها قبل عقد من الزمان بوصفها شركة تعمل في تداول زيت الوقود، وذلك وفقاً للموقع الإلكتروني الخاص بها.
بينما قال كبير الموظفين الماليين في الشركة، أحمد كريموف، التعليقات نفسها التي تكررت من قبل، والتي تقول إن الشركة توقفت عن تداول النفط الروسي في 1 يناير/كانون الثاني الماضي.
ثالث أكبر شركة بـ199 ألف برميل يومياً
لم تملك الشركات الأخرى القدر نفسه من السجلات، إذ إن ثالث أكبر شركة من بين هذه الشركات، على صعيد حجم التداول في النفط الروسي، تدعى QR Trading DMCC وتستقر في دبي، وقد اشترت 199 ألف برميل يومياً من شركة سورغوتنفتيغاز.
ولم ترد شركة QR على رسالة بريد إلكتروني أُرسلت إليها، ولم يكن هناك أي شخص موجود عندما زارت وكالة بلومبرغ مقرها بدبي في الأسبوع الماضي، وعلى الجانب الآخر، لم ترد شركة سورغوتنفتيغاز على طلب للتعليق، بحسب بلومبرغ.
خامس أكبر شركة بـ151 ألف برميل يومياً
كانت خامس أكبر شركة هي Bellatrix Energy Ltd التي تستقر في هونغ كونغ، والتي لم تكن معروفة في سوق النفط قبل الحرب.
ويملك الشركة مواطن أذربيجاني يدعى بلال علييف، وذلك وفقاً لوثائق الشركة، واشترت 151 ألف برميل يومياً في يناير/كانون الثاني الماضي، من عديد من شركات النفط الروسية، وفقاً لما أظهرته البيانات الجمركية.
تبين وثائق هونغ كونغ أن هذه الشركة حصلت في ديسمبر/كانون الأول 2022، على تسهيلات إقراض من بنوك روسية، تضمنت البنك الزراعي الروسي وبنك التنمية الإقليمي الذي تملكه روسنفت. ولم ترد شركة Bellatrix على رسالة بريد إلكتروني للتعليق، كذلك لم يرد البنكان على طلبات للتعليق، بحسب بلومبرغ.
وأوضحت الوكالة أن البيانات كانت مُبيَّنةً بالكيلوغرامات، وأنها هي التي حولت هذه الكميات إلى براميل للوصول إلى حجم التداول بصورة أوضح.