قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، إن اتفاقية الصلاحية البحرية المبرمة بين بلاده وليبيا ليست ضد مصالح مصر، وإن اتفاقية القاهرة مع اليونان ليست ضد أنقرة، مشيراً إلى أن نقطة التحول الأساسية في تطبيع العلاقات مع مصر كان لقاء الرئيسين رجب طيب أردوغان وعبد الفتاح السيسي في الدوحة.
وفي رده على أسئلة الصحفيين لدى ختام زيارته إلى القاهرة، التي أجراها السبت 18 مارس/آذار 2023، أوضح تشاووش أوغلو أن مصر راعت مصالح تركيا عندما أبرمت اتفاقيات بحرية مع اليونان.
التنقيب في شرق المتوسط
وعن موقف مصر حيال اتفاقية التنقيب عن الهيدروكربون في شرق المتوسط، قال: "هذه ليست مشكلة، كل دولة تعقد اتفاقيات هيدروكربونية مع دولة أخرى".
وتابع بهذا الخصوص: "مصر تعترض حالياً على هذه الاتفاقية بدعوى أن الحكومة الحالية في ليبيا لا يمكنها توقيع اتفاقيات لأن ولايتها انتهت ولم تعد شرعية. ولم تقل إن الاتفاقية الموقعة كانت ضدها".
وأردف: "القضية التي لا ترتاح لها مصر، هي وجودنا في ليبيا. ونحن نقول منذ البداية إن وجودنا هناك لا يشكل خطراً على مصر، وإن هذا الوجود جاء بناءً على دعوة من الحكومة الشرعية في ذلك اليوم، واستمر بناءً على رغبة الحكومات اللاحقة، ونصرح دائماً أن الوجود التركي ليس له أي آثار سلبية على مصر".
التشاور بشأن ليبيا
وصرح تشاووش أوغلو أن أنقرة والقاهرة اتفقتا على مواصلة التشاور والتعاون الوثيق بشأن ليبيا، مبيناً أن مصر ترى أن الوجود التركي في ليبيا أو التعاون العسكري بين الجانبين لا يشكل تهديداً لها.
ولفت إلى أن القاهرة لديها مخاوف أمنية تجاه إشكالية الاستقرار في ليبيا، وبيّن أن تركيا ومصر ليستا دولتين متنافستين على الساحة الليبية.
وتابع قائلاً: "نتفق على أنه يجب علينا العمل معاً من أجل استقرار ليبيا. وسنكثّف مشاوراتنا حول هذا الموضوع".
وأكد تشاووش أوغلو أن مصر ستكون مستفيدة كثيراً في حال تم إبرام اتفاقية الصلاحية البحرية بين أنقرة والقاهرة مستقبلاً.
الأطراف الليبية
ورداً على سؤال حول التواصل مع الأطراف الليبية وقائد قوات الشرق خليفة حفتر، قال تشاووش أوغلو: "نحن نتفاوض مع غرب وشرق ليبيا، سفيرنا يزور كافة المناطق، نحن نرى ليبيا ككل. لكن هذا لا يغير حقيقة أننا نعترف فقط بالحكومة الشرعية".
واستطرد: "يوجد حالياً في ليبيا قوى مختلفة، وجودنا العسكري بهذا البلد يأتي في إطار اتفاق، وهذا الوجود هو الأكثر شرعية حالياً، ومن الضروري تأسيس جيش نظامي من أجل وحدة ليبيا".
نقطة تحول في العلاقات
في السياق ذاته، قال وزير الخارجية التركي إن نقطة التحول الأساسية في تطبيع العلاقات مع مصر كان لقاء الرئيسين رجب طيب أردوغان وعبد الفتاح السيسي في الدوحة.
وأفاد تشاووش بأنه أجرى لقاءً مثمراً مع نظيره المصري في القاهرة، لافتاً إلى أن الجانبين اتفقا على الارتقاء بالعلاقات الدبلوماسية إلى أعلى مستوى.
ولفت تشاووش أوغلو إلى أنه وجه دعوة لنظيره شكري لزيارة أنقرة، وأعرب له عن رغبته في استضافته في تركيا خلال شهر رمضان على وجه الخصوص.
ونوّه إلى أن اللقاء مع نظيره شكري في القاهرة كان ودياً وصريحاً، وأنهما بحثا سبل تطوير العلاقات بين البلدين والخطوات التي ستتخذ خلال الفترة المقبلة، وتم تقييم الملفات الراهنة وما هي المواضيع التي ينبغي تجاوزها.
كما أشار إلى أنه تبادل مع نظيره وجهات النظر حول قضايا إقليمية أيضاً، ومن ثم ترأسا الاجتماع الموسع الذي ضم وفدي البلدين، موضحاً أن الاجتماع الموسع تناول كافة المواضيع، انطلاقاً من الطاقة والنقل والشحن، وصولاً إلى الشركات التركية العاملة في مصر، واستثمارات تركيا في هذا البلد، إضافة إلى الخدمات اللوجستية والتعليم والثقافة وغيرها من المجالات.
الاستثمارات التركية بالقاهرة
ونوّه إلى أن الجانب المصري يرغب في زيادة الشركات التركية استثماراتها، لافتاً إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين ناهز 10 مليارات دولار، وأن الكفة في الميزان التجاري تميل قليلاً لمصلحة مصر بسبب استيراد تركيا الغاز الطبيعي المسال منها، مؤكداً أن أنقرة ليست منزعجة من ذلك.
وأوضح أن تركيا ترغب في إبرام اتفاقية طويلة الأمد مع مصر فيما يتعلق بالغاز المسال، لأن تركيا وبفضل محطات الغاز المسال لديها تقوم بتصدير الغاز إلى دول جنوب شرق أوروبا والبلقان.
وأضاف: "لذلك يمكن تصدير الغاز المصري أيضاً عبر تركيا إلى دول ثالثة".
استئناف رحلات النقل البحري
من جهة أخرى قال تشاووش أوغلو إن الجانب التركي اقترح استئناف رحلات النقل البحري "رورو"، مشيراً إلى أنهم بحثوا تطوير التعاون الدفاعي وتعزيز الحوار العسكري بين البلدين على وجه الخصوص، إضافة إلى مواضيع مثل التعاون بين الجامعات والتبادل الطلابي.
كما لفت إلى أنه تم اقتراح تشكيل آلية لجنة اقتصادية وتجارية مشتركة، وتأسيس غرفة تجارة مشتركة، وعقد منتديات أعمال بين البلدين.
وأكد ضرورة إعادة إحياء مجلس الأعمال التركي المصري المنبثق عن لجنة العلاقات الاقتصادية الخارجية في تركيا، وأن مصر تولي أهمية كبيرة لذلك.
التعاون في مجال الطاقة المتجددة
وشدد تشاووش أوغلو على رغبة تركيا في زيادة التعاون مع مصر في مواضيع مثل الطاقة المتجددة والطاقة الشمسية على وجه الخصوص.
كما لفت إلى أنه يمكن للشركات التركية المساهمة في الأعمال الفرعية لمشروع بناء المحطة النووية في مصر، الذي تتولى تنفيذه "روساتوم" الروسية.
وأشار إلى امتلاك الشركات التركية خبرة في هذا المجال، من خلال مشاركتها في مشروع بناء محطة "آق قويو" النووية في تركيا.
وبيّن تشاووش أوغلو أن تركيا لديها استثمارات كبيرة في مصر، تجاوز حجمها ملياري دولار، وأكد أنها آخذة في الارتفاع باستمرار.
وأشار إلى أن الجانب التركي كان يود طرح المشاكل التي تواجهها الشركات التركية في مصر في أمور مثل الإقامة طويلة الأمد وتأشيرات الدخول.
ونوّه إلى أن الجانب المصري تعهد بحل تلك المشاكل قبل أن يتم الخوض في تلك المواضيع من قبل الجانب التركي، وأكد أن كل شيء يسير نحو الأفضل.