قالت الرئاسة المصرية إن الرئيس عبد الفتاح السيسي أجرى، الأحد 19 مارس/آذار 2023، محادثات مع مسؤولين روس رفيعي المستوى جرى خلالها بحث المشروعات المشتركة، لا سيما فيما يتعلق بإنشاء محطة الضبعة للطاقة النووية التي تشيدها روسيا على الساحل الشمالي لمصر، بالإضافة إلى إمدادات الحبوب والأمن الغذائي.
أضافت الرئاسة أن الاجتماع الذي حضره مسؤولون من بينهم وزير التجارة الروسي والمبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين تناول أيضاً إنشاء منطقة صناعية روسية داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، إلى جانب استثمارات أخرى.
السيسي يناقش تشييد محطة نووية
بدأت شركة روساتوم الروسية للطاقة النووية المملوكة للدولة تشييد أول محطة نووية مصرية في الضبعة في يوليو/تموز من العام الماضي، ومن المتوقع أن يستمر العمل حتى عام 2030 على الأقل.
في حين تحاول مصر منذ الغزو الروسي لأوكرانيا تحقيق التوازن في العلاقات طويلة الأمد مع كل من روسيا والقوى الغربية.
كذلك فإن مصر مستورد رئيسي للقمح الروسي، وبدأت تعتمد بشكل أكبر على الإمدادات من روسيا منذ أن تسببت الحرب في وقف مشترياتها من الحبوب من أوكرانيا.
من جهة أخرى، قالت الهيئة العامة للسلع التموينية، مشتري الحبوب الحكومي في مصر، الخميس، إنها اشترت 120 ألف طن من القمح الأوكراني في ممارسة دولية للشحن بين 15 و25 أبريل/نيسان 2023.
تأتي عملية الشراء في حين تم الانتهاء من تمديد مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب التي تدعمها الأمم المتحدة، وكان الاتفاق قد جرى تمديده من قبل لمدة 120 يوماً، وهناك مخاوف من أن يؤدي التمديد لفترة أقصر إلى مشاكل لوجستية.
زيارة شركة روسية لمصر
في حين شكلت زيارة وفد من شركة "روساتوم" الروسية لموقع إنجاز محطة الضبعة النووية في مصر، نهاية يناير/كانون الثاني 2023 تأكيداً على استمرارها في تنفيذ المشروع، بعدما أثيرت مزاعم حول إمكانية توقفه بسبب موقف القاهرة من الحرب في أوكرانيا.
كانت مصر صوتت في مارس/آذار 2022، لصالح قرار اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة، "يطالب روسيا بالتوقف فوراً عن استخدام القوة ضد أوكرانيا".
لكنها بعد شهر من ذلك، امتنعت عن التصويت على تعليق عضوية روسيا بمجلس حقوق الإنسان، في محاولة لموازنة علاقاتها مع موسكو وواشنطن، في ظل محاولة الجانبين استقطابها لمعسكرهما.
تأخر تنفيذ المشروع خمس سنوات، ولم يتم بدء صب الخرسانة في الوحدتين الأولى والثانية إلا في 2022، ومن المرتقب أن يتم صب الخرسانة في الوحدة الثالثة خلال العام الجاري.
عمر البرنامج النووي المصري
رغم أن عمر البرنامج النووي المصري يعود إلى 1956، إلا أن أول مشروع لبناء محطة نووية في البلاد، انطلق فعلياً في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2015.
في ذلك التاريخ، وقّعت مصر وروسيا اتفاقاً على إنشاء محطة الضبعة النووية، في محافظة مرسى مطروح، غرب القاهرة، والمطلة على سواحل البحر الأبيض المتوسط.
قدرت تكلفة المشروع الضخم بـ30 مليار دولار، منها 25 مليار دولار قرض روسي، تبدأ مصر في سداده بفائدة 3% اعتباراً من أكتوبر/تشرين الأول 2029، ولمدة 35 عاماً.
تضم المحطة النووية، المخططة لإنتاج 4800 ميغاواط من الطاقة الكهربائية، أربعة مفاعلات نووية، تتميز بارتفاع معدلات الأمان، وانخفاض التكاليف، ويصل العمر الافتراضي لها لأكثر من 60 عاماً.
تأخر تنفيذ المشروع خمس سنوات، بسبب عدة تحديات أعاقت المشروع، بعدما كان مقرراً له أن ينطلق رسمياً في 11 ديسمبر/كانون الأول 2017، وأن تسلم الوحدة الأولى منه في 2024.
ذكرت صحيفة "الدستور" المصرية، نقلاً عن مصدر مسؤول في وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، أنه "وفق المخطط الزمني المتفق عليه مع الجانب الروسي، فإن الانتهاء من الوحدة الأولى من المشروع والتسلم الابتدائي والتشغيل التجاري في بداية عام 2029".
بينما كشفت "شركة كوريا للطاقة المائية والنووية"، المُشارِكة في بناء محطة الضبعة النووية، أنها تسعى إلى التشغيل التجاري للوحدة الأولى بالمحطة في عام 2028، على أن تستكمل بناء جميع الوحدات الأربعة في عام 2030.
2022، كان العام الذي تم فيه تنفيذ المشروع بعد صب الخرسانة في الوحدة الأولى للمحطة في يوليو/تموز الماضي، كما تم البدء بالصبة الخرسانية للوحدة الثانية في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
صب الخرسانة
من المرتقب أن يتم صب الخرسانة في الوحدة الثالثة هذا العام، ويتبقى حينها الوحدة الرابعة فقط. وبالتزامن مع صب الخرسانة في الوحدات الأربع، يتم تصنيع مختلف المعدات وجسم المفاعلات النووية بروسيا.
يذكر أنه وفي يونيو/حزيران 2022 أقيمت مراسم إطلاق تصنيع القطع الوسيطة لجسم المفاعل الخاص بوحدة الطاقة الأولى في محطة الضبعة النووية المصرية، في الموقع الإنتاجي بمدينة كولبينو، بالقرب من مدينة سانت بطرسبرغ الروسية، وفق موقع "روس آتوم" بنسخته العربية.
وفق الاتفاق المبرم بين البلدين، ستساعد روسيا الجانب المصري على تدريب كوادر المحطة النووية المصرية، وستقدم الدعم في تشغيل وصيانة المحطة على مدار السنوات العشر الأولى من تشغيلها، وإنشاء مرفق لتخزين الوقود النووي المستهلك.
محطة نووية للاستخدام السلمي
في حين أنه ورغم أن محطة الضبعة النووية للاستخدام السلمي، إلا أن امتلاك إسرائيل للسلاح النووي، واقتراب إيران من دخول النادي النووي أيضاً، يشكل تهديداً استراتيجياً لمصر؛ ما يدفعها للسعي لامتلاك التكنولوجيا النووية، التي تتيح لها القدرة على اختيار مصيرها إذا اضطرت لذلك.
لكن مشروع محطة الضبعة النووية يواجه تحديات صعبة في ظل فرض الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين عقوبات على روسيا بسبب حربها على أوكرانيا.
تمارس واشنطن ضغوطاً على عدة دول عربية لعرقلة أي تعاون اقتصادي أو عسكري مع روسيا، على غرار تحذيرها لمصر من شراء مقاتلات "سوخوي35" الروسية، ما أدى إلى تعليق الصفقة.
كما أن الصعوبات المالية التي تواجهها مصر، تجعل من الصعب عليها الإيفاء بالتزاماتها المالية لتنفيذ المشروع كما هو مخطط له. وأي ضغوط أمريكية جديدة على هذا المشروع من شأنها عرقلة إنجازه، لكن كلاً من مصر وروسيا تبديان إصراراً على تنفيذه رغم كل الصعوبات.