في ظل الأوضاع الراهنة، القابلة للاشتعال أكثر، لن تكون العملية التي نفّذها الشهيد المعتز بالله، في تل أبيب، إلا جزءاً من سلسلة عمليات قادمة في عمق الاحتلال الصهيوني لفلسطين، فشهر رمضان كما جرت العادة فيه الكثير من الخير على المقاومة الفلسطينية، والوبال على الاحتلال بمكوناته.
العمليات النوعية التي نفذها جيش الاحتلال مؤخراً في نابلس وجنين، والتي ما كانت لتتم دون التعاون الكبير مع "سلطة التنسيق الأمني" لن تمر مرور الكرام، فمن المنتظر أن يحمل الشهر الفضيل هذا العام الكثير من التصعيد والعمليات في الداخل الإسرائيلي، بعد أيام صعبة استشهد فيها العديد من الشباب منذ بداية العام الحالي.
الولايات المتحدة هي المسؤول الحقيقي عن إراقة الدم الفلسطيني واستمرار الاحتلال، ومن يتحدث عنها كشريك في عملية السلام إنما هو شريك في الجريمة التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني.
ومواقفها المزدوجة حيال جرائم الاحتلال من ناحية، وعمليات المقاومة من ناحية أخرى، لا تترك أي مجال لأي شك بدورها الأساسي في رعاية الاحتلال وتمويله من ناحية، ودورها مع "كبار" التنسيق الأمني من أجل الحصول على المعلومات التي تسببت بالإيقاع بشباب المقاومة، وهو ما أدى إلى سقوط ثلاثة عشر شهيداً خلال أسبوع، وهو حدث كبير غير مسبوق تقريباً.
تصريحات المسؤولين الأمريكان المتناقضة مثيرة للاشمئزاز، ففي الوقت التي تبرر علناً جرائم الاحتلال وقتلهم الفلسطينيين، سواء أكانوا مدنيين أو مقاومين، فإنها تعبّر عن استهجانها لردة فعل الشباب الفلسطينيين، رغم عدم تكافؤ المقاومة مع الاحتلال من ناحية التسليح، وكأن المطلوب من الفلسطيني أن يستسلم للقتلة المحتلين!.
لكن رغم ذلك فإن عملية "شارع ديزنغوف" تؤكد أن المقاومة الفلسطينية غير قابلة للكسر، وتستطيع الدخول في عمق الاحتلال، ومهما اقترفت حكومة نتنياهو من جرائم قتل بحق الشعب الفلسطيني فإن المقاومة ستردّ على ذلك، وسيدفع قطعان المستوطنين ثمن وجود الفاشيين في حكومتهم.
ومما لا شك فيه أن "قمة العقبة" التي عُقدت مؤخراً لم تكن أكثر من مؤتمر شكلي، لا يعني شيئاً لحكومة الاحتلال، كما علّق عليها وزراؤها، ولذلك نتساءل: ما الفائدة المرجوّة من استمرار بعض العرب في منح الاحتلال هذه الميزات، ولماذا الاستمرار في التغطية على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني؟
إن الاستمرار في دعوة الاحتلال لمؤتمرات وقمم في الدول العربية يصب في اتجاه شرعنة الاحتلال، وفرضه في المنطقة العربية، وإذا نجح السياسيون في ذلك فلن يخرج نجاحهم عن إطار المكاتب وأدراجها، وما فشلت في تحقيقه اتفاقية "كامب ديفيد" عام 1978 لن تنجح في تحقيقه قمم ذات طابع أمني في عصر التطبيع المجاني.
ومن المؤسف أن يُكرر مجندو السلطة ما قام به جنود الاحتلال، الذين اعتدوا على جنازة شيرين أبو عاقلة، وذلك عندما اعتدى المجندون على جنازة الشهداء في جنين، في خطيئة لن تمحوها الأيام، وستبقى وصمة عار في سجلات "سلطة التنسيق الأمني".
شكّل شهر رمضان- شهر الفتوحات الإسلامية- في السنوات الأخيرة مصدرَ نجاح للمقاومة الفلسطينية، التي تفوقت في العديد من المواقف على أجهزة الاحتلال الأمنية، ونجاح المقاومة مؤخراً في عمليتي "حوارة" و"شارع ديزنغوف"، هو مؤشر على نوعية العمليات التي ستشهدها المرحلة المقبلة في شهر رمضان، ومن يقرأ التاريخ الحديث للمقاومة الفلسطينية يدرك تماماً أن ما قامت به حكومة الاحتلال من سفك الدم الفلسطيني كان مقامرة كبيرة، سيدفع ثمنها الاحتلال، وستكون نهايته على المدى القصير بخروج جديد لنتنياهو من الساحة السياسية كما حصل سابقاً.
المقاومة هي السبيل الوحيد الثابت للشعب الفلسطيني في طريق التحرير، ومسؤولية دعمها تقع على عاتقنا جميعاً، عرب ومسلمين، ووهْم فكرة السلام مع قتلة الأنبياء أصبح مجرد سيمفونية إعلامية لا تنطلي على أحد، والحكومة المتطرفة هي التي فتحت أبواب الجحيم على المستوطنين عندما اقتحمت نابلس وجنين، والأيام القادمة حبلى بالمفاجآت.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.