يزداد زخم الأزمة الداخلية في إسرائيل يوماً بعد يوم، وتتواصل التعبئة ضد مشروع حكومة بنيامين نتنياهو لـ"إصلاح القضاء"، فقد بدا رئيس الوزراء الإسرائيلي محاصراً بين تلبية مطالب أعضاء حكومته الهشة، أو الاستماع للمحتجين المطالبين بإلغاء القانون، والذين شددوا عليه الحصار عندما منعوه من الوصول بسيارته إلى المطار، ما دفعه إلى القيام بحيلة كي يتجنب المتظاهرين.
ففي صباح الخميس 9 مارس/آذار 2023، انطلق في إسرائيل ما يعرف بـ"يوم مقاومة الديكتاتورية"، وخرج آلاف الإسرائيليين إلى الشوارع، وعند الساعة 11,30 (09,30 ت غ)، أغلقت مئات السيارات التي ترفع الأعلام الإسرائيلية الطرق المؤدية إلى مطار بن غوريون بهدف منع نتنياهو من الوصول للمطار، ما أجبر الركاب، الراغبين في التوجه إلى محطاتهم أو مغادرتها، على السير مع حقائبهم.
حيلة نتنياهو للهروب
تمكن المتظاهرون من إحكام السيطرة على الشوارع المؤدية للمطار، وكانوا يطلقون أبواق سياراتهم ويهتفون: "ديمقراطية" و"حرية"، أمام قوات كبيرة من الشرطة، كما تمكنت مجموعة أخرى من التمركز قرب مهبط للطائرات، معتقدين أن نتنياهو سيهبط فيه، وذلك بعد أن علموا أنه سيستخدم طائرة مروحية للوصول للمطار بعد عجزه عن استخدام سيارته.
وبالفعل، هبطت مروحية عسكرية تابعة للجيش من طراز بلاك هوك في المكان، إلا أن نتنياهو لم يكن على متنها، بحسب ما ذكرته صحيفة التايمز البريطانية، ليتبين بعدها أن نتنياهو لجأ إلى حيلة تجنب من خلالها الاقتراب من المحتجين.
قام نتنياهو باستخدام مهبط مستشفى هداسا عين كارم في القدس، وانطلق منه بمروحية تابعة للشرطة الإسرائيلية، وليس للجيش، وقامت بنقله إلى مطار بن غوريون لتفادي حشود المتظاهرين.
اللافت في هذا الأمر أن المسافة من القدس إلى مطار بن غوريون عادة ما تستغرق أقل من ساعة بالسيارة، إلا أن نتنياهو لم يستطع القيام بها، وهو ما يعكس حجم الأزمة وضخامة الاحتجاجات في إسرائيل.
وكان طيارو شركة العال قد رفضوا نقل نتنياهو في رحلته المقررة إلى روما ضمن حركة الاحتجاج، إلا أن الشركة أعلنت، مساء الأحد، أنها عثرت أخيراً على طاقم لنقل رئيس الحكومة وزوجته إلى إيطاليا، حسب الإذاعة الإسرائيلية.
ورفع متظاهر لافتة كتب عليها "بيبي يساوي بوتين"، مشبهاً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
هذه المظاهرات أحدثت أيضاً إرباكاً في زيارة وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، الذي جاء لإجراء محادثات كانت مقررة في وزارة الدفاع في تل أبيب.
إلا أن الاحتجاجات دفعت مكتب رئاسة الوزراء الإسرائيلي إلى تغيير برنامج الزيارة، ونقلت اجتماع نتنياهو مع أوستن الذي كان مقرراً بوزارة الدفاع إلى مطار بن غوريون لتفادي الاحتجاجات.
تمكن نتنياهو بالفعل من السفر لإيطاليا، تاركاً خلفه الشارع يغلي، لكنه يعلم أن الأمور لم تنته بعد، بل وصلت إلى نقطة خطيرة، كما عبر عنها الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ في تصريحات له، الخميس 9 مارس/آذار 2023.
وقال هرتسوغ إن إسرائيل وصلت إلى "نقطة اللاعودة"، داعياً حكومة نتنياهو إلى إعادة النظر في التشريع المقترح.
يذكر أن الائتلاف اليميني واليميني المتطرف الذي شكله نتانياهو في ديسمبر/كانون الأول، يحاول تمرير تشريع من شأنه أن يمنح الائتلاف الحاكم بشكل فعال سلطة تعيين القضاة، ويحد بشكل كبير من صلاحيات المحكمة العليا، لا سيما قدرتها على إبطال مفعول القوانين.