ميدل إيست آي: سداد العراق ديونه لإيران بالدينار فاقم الأزمة المالية للبلاد وزاد من تدهور عملته

عربي بوست
تم النشر: 2023/03/05 الساعة 09:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/03/05 الساعة 09:05 بتوقيت غرينتش
الدينار العراقي يواصل الهبوط أمام الدولار/ رويترز

قال مسؤولون عراقيون إن بغداد زادت من تفاقم أزمتها المالية وانخفاض قيمة عملتها بسدادها الديون لإيران بالدينار العراقي، وذلك منذ أن فرض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قيوداً جديدة على كيفية تداول البنك المركزي العراقي للدولارات التي يتلقاها من مبيعات النفط.

ونقل موقع Middle East Eye البريطاني، السبت 4 مارس/آذار 2023 عن مسؤولين عراقيين قولهم إن الحكومة العراقية لم تستخدم الدولار لسداد هذه الديون لإيران، كما كان الحال قبل العقوبات، بل استخدمت الدينار العراقي، مشيرين إلى أن نظام الدفع الجديد وُضع لتجنب خفض إمدادات الطاقة من إيران وما ستؤدي إليه حتماً من احتجاجات مناهضة للحكومة. 

أما إيران، فتمكنت من تحويل هذه الدنانير إلى دولارات -وهو أمر أكثر نفعاً لها بكثير- في مزاد العملة القائم في البنك المركزي العراقي يومياً لتحويل الدولارات من مبيعات النفط، وفقاً للموقع.

أزمة سيولة مالية

الموقع البريطاني أشار إلى أن أزمة السيولة المالية أدت بعد ذلك إلى عجز الحكومة عن دفع رواتب الملايين من الموظفين العموميين، وكذلك معاشات التقاعد ومدفوعات المستفيدين من برامج الرعاية الاجتماعية.

كان العراق أحد أكبر مستوردي البضائع والسلع من إيران على مدى العقدين الماضيين، ولا سيما الغاز والكهرباء والمواد الغذائية ومواد البناء، إذ بلغ حجم التبادل التجاري الرسمي بين البلدين نحو 14 مليار دولار.

لكن العراق أخذ يعاني صعوبات في الدفع لإيران مقابل مشترياته لأعوام 2019-2021 بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوباتها على إيران في عام 2018. وبلغت الأزمة أحياناً أن قطعت إيران إمدادات الكهرباء والغاز في منتصف الصيف للضغط على العراق لدفعِ هذه الديون.

عملة العراق شهدت تراجعاً تسبب بإثارة احتجاجات بالبلاد - رويترز
عملة العراق شهدت تراجعاً تسبب بإثارة احتجاجات بالبلاد – رويترز

ديون العراق

بلغت ديون العراق أكثر من 1.6 مليار دولار لمشترياته من الغاز والطاقة وحدها بين عام 2019 وعاد 2021. فقرر البرلمان العام الماضي تخصيص 4 تريليونات دينار عراقي (نحو 3 مليارات دولار) لسداد "الدين الخارجي لوزارة الكهرباء وديون شراء الغاز والطاقة". وتشير المصادر إلى أن البلاد تمكَّنت من سداد معظم هذا الدين أو كله، وسدد العراق آخر دفعة في أكتوبر/تشرين الأول 2022.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني، فرض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، الذي يحتفظ بالأموال التي يجنيها العراق من مبيعات النفط ويوصلها إلى بغداد عند الطلب، قيوداً لمنع إيران من الوصول إلى هذه الدولارات ومكافحة غسل الأموال. فلجأت الدول الخاضعة للعقوبات إلى طرق جديدة للحصول على الدولار، مثل السوق السوداء وتهريب الدولار عبر كردستان.

ولما مُنعت إيران وغيرها من تبديل الدينار بالمزاد العراقي، صار العراق عاجزاً عن مبادلة الدولار مقابل العملة المحلية التي يحتاج إليها لتلبية احتياجاته، فزاد ذلك من الضغوط على الدينار العراقي، وانخفضت قيمته أمام الدولار بالسوق السوداء من 1480 للدولار في أكتوبر/تشرين الأول إلى 1700 دولار في يناير/كانون الثاني.

تقلبات العملة "مرعبة"

من جانبهم، وصف التجار هذه التقلبات في سعر العملة العراقية بأنها "مرعبة"، فقد اشتعلت المنافسة على الدولار وبات المضاربون على استعداد لدفع "أي ثمن" للحصول عليه. وفي غضون ذلك، استمرت أسعار السلع الاستهلاكية في الارتفاع.

إلى ذلك قال مسؤول عراقي كبير لموقع MEE: "لم يكن سداد الدين الإيراني بالدينار العراقي خطوة محسوبة، فالأزمة المالية التي نعانيها حالياً حلَّت بنا بسبب هذه الخطوة الغبية. إيران حصلت على كميات ضخمة من العملة العراقية وهي في حاجة ماسة إلى الدولار الأمريكي، فماذا ظن أصحاب القرار أن إيران ستفعل بهذه العملة؟ هل استثمارها في السوق العراقية؟".

وزعم المسؤول العراقي أن "تفكير [الحكومة] انحصر في تجاوز الأزمة بسرعة لإثبات أنهم الأقدر على حلِّ مشكلات العراق المستعصية، لكنهم أخرجونا من البئر ليرموا بنا في البحر!".

في المقابل، قال سياسي عراقي مقرب من طهران لموقع MEE إنه يرى أن واشنطن توقعت تزايد الضغط على العملة العراقية لما سمحت لبغداد بدفع ديونها لإيران بالدينار. والإيرانيون كانوا أذكياء للغاية واستغلوا الأمر لخدمة أهدافهم، فقالوا للعراق: "إذا لم تتمكنوا من الدفع بالدولار، ادفعوا بالدينار واتركوا الأمر لنا".

تحميل المزيد