سجل منسوب نهري دجلة والفرات في جنوبي العراق تراجعاً، في انعكاس للنقص الشديد في المياه، وسياسات التقنين من السلطات، التي تعهدت الأحد 26 فبراير/شباط 2023، باتخاذ إجراءات من أجل معالجة الأزمة، التي تثير غضباً في البلاد التي يقطنها عشرات الملايين من الناس.
في مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار بجنوبي العراق، أصبح بالإمكان رؤية قاع نهر الفرات ظاهراً عند الضفاف ودعامات الجسور العابرة للنهر، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
يُعدّ ملف المياه أساسياً وشائكاً بالنسبة للعراق، البلد شبه الصحراوي الذي يقطنه نحو 42 مليون نسمة، وتتهم بغداد مراراً جارتيها تركيا وإيران، بالتسبب في خفض كميات المياه الواصلة إلى أراضيها، لا سيما بسبب بنائهما سدوداً على النهرين.
وزارة الموارد المائية العراقية أوضحت في بيان، الأحد 26 فبراير/شباط 2023، أن "الانخفاض الحاصل بالحصص المائية في بعض المحافظات الجنوبية"، عائد إلى "قلة الإيرادات المائية الواردة الى سد الموصل على دجلة، وسد حديثة على الفرات من الجارة تركيا".
أضافت أن ذلك أدى إلى "انخفاض حاد في المخزون المائي بالبلاد"، وأدّت كذلك أساليب الري الخاطئة، وفق الوزارة، إلى زيادة حدة هذا النقص، مشيرةً إلى "عدم التزام المزارعين بالمساحات الزراعية المقررة" وفق الخطة الموضوعة من السلطات.
من جانبه، قال عبد الرضا مصطاح سنيد، مدير الموارد المائية في "ذي قار"، إن الفلاحين "بدؤوا بالتجاوز وزراعة مساحات شاسعة قد تصل إلى أضعاف ما هو مخطط له للخطة الزراعية".
أدى ذلك وفق عبد الرضا، إلى "زيادة الاستهلاكات المائية من حوض نهر الغراف ونهر الفرات وألقى بظلاله على قلة المياه الواردة".
غالباً ما يواجه العراق مشكلة نقص في المياه، ولذلك تقوم السلطات بتقنين توزيع المياه للحاجات المختلفة كالري والزراعة، واستهلاك مياه الشرب، وتغذية أهوار جنوب البلاد.
بحسب الوكالة الفرنسية، يتم ذلك عبر حفظ المياه في السدود بشمالي البلاد، ما يثير غضب المحافظات الجنوبية، وقال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية العراقية خالد شمال في تصريح للوكالة، إن "هذه الحالة مؤقتة"، في إشارة إلى انخفاض مناسيب النهرين بالجنوب.
أضاف أن وزارته ستطلق مزيداً من المياه من السدود العراقية في الموصل ودوكان ودربنديخان، متعهداً بنتائج إيجابية "خلال اليومين المقبلين".
ومع تراجع الأمطار وارتفاع درجات الحرارة وازدياد التصحر، يعدّ العراق من الدول الخمس الأكثر عرضةً للآثار السلبية للتغير المناخي في العالم، وفق الأمم المتحدة.
يعتمد العراق في تأمين المياه بشكل أساسي على نهري دجلة والفرات، وروافدهما التي تنبع جميعها من تركيا وإيران وتلتقي قرب مدينة البصرة جنوبي البلاد لتشكل شط العرب الذي يصب في الخليج العربي.
كان البنك الدولي قد دعا في ديسمبر/كانون الأول 2022، العراق إلى اعتماد نموذج تنمية "أكثر اخضراراً ومراعاة للبيئة" لمواجهة التحدي المناخي، كما دعا بغداد إلى "تحديث نظام الري" و"إعادة تأهيل السدود".
شدّد أيضاً على ضرورة "تحسين توزيع المياه، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي"، وكذلك "زيادة الاعتماد على الزراعة الذكية" بمواجهة التغير المناخي.