بعد وقت قصير من هجومها على ميناء بيرل هاربر في ديسمبر/كانون الأول 1941، سيطرت اليابان على جزء كبير من جنوب شرق آسيا ووسط المحيط الهادئ، فقد امتد مجال السيطرة اليابانية غرباً إلى بورما، وجنوباً إلى جزر الهند الشرقية الهولندية. ومع ذلك، تولت الولايات المتحدة قيادة قوات الحلفاء في مسرح المحيط الهادئ وشنت هجوماً مضاداً تضمن مزيجاً استراتيجياً من الهجمات البرية والجوية والبحرية، ولعلّ أبرزها الهجوم على إيوا جيما.
كانت إيوا جيما، والتي تعني جزيرة الكبريت، مهمة جداً من الناحية الاستراتيجية بصفتها قاعدة جوية مناسبة للطيارين الذين يدعمون مهام القصف بعيد المدى ضد البر الرئيسي لليابان.
وبسبب المسافة بين البر الرئيسي لليابان والقواعد الأمريكية في جزر ماريانا، فإن الاستيلاء على إيوا جيما سيوفر مهبطاً طارئاً للطائرات B-29 العائدة من عمليات القصف، كما سيسمح الاستيلاء على الجزيرة اليابانية بفرض الحصار البحري والجوي على البر الياباني، والقدرة على إجراء قصف جوي مكثف وتدمير القدرات الجوية والبحرية للعدو.
إيوا جيما.. الجزيرة التي مهدت لأمريكا الانتصار على اليابان
بحسب history، أصيبت البحرية الإمبراطورية اليابانية بالشلل بسبب الاشتباكات السابقة في الحرب العالمية الثانية في المحيط الهادئ، لدرجة أنها لم تكن قادرة بالفعل على الدفاع عن ممتلكات الإمبراطورية في الجزيرة، بما في ذلك أرخبيل مارشال.
بالإضافة إلى ذلك، فقد سلاح الجو الياباني العديد من طائراته الحربية، وتلك التي لم تكن قادرة على حماية خط داخلي من الدفاعات التي أنشأها القادة العسكريون للإمبراطورية. شمل هذا الخط الدفاعي جزراً مثل إيوا جيما.
أمام هذا الواقع، خطط قادة عسكريون أمريكيون للهجوم على الجزيرة، معتقدين أنّ الاستيلاء عليها سيتمّ في بضعة أيام.
ومع ذلك، شرع اليابانيون سراً في تكتيك دفاعي جديد للجزيرة، مستفيدين من الظروف الطبيعية القاسية والجبال الوعرة والغابات الكثيفة التي تقع فيها، من أجل إقامة مواقع مدفعية مموهة.
معركة إيوا جيما التي قتل فيها كلّ الجنود اليابانيين
في 10 فبراير/شباط 1945، بدأ الهجوم الأمريكي على جزيرة إيوا جيما، وعلى الرغم من أن قوات الحلفاء بقيادة الأمريكيين قصفت إيوا جيما بالقنابل، فقد كانت أضرار الجيش الياباني طفيفة في البداية، وكانت هناك قوة رئيسية جاهزة لصد الهجوم الأولي من قبل مشاة البحرية الأمريكية، تحت قيادة الجنرال هولاند سميث، والتي شرعت منذ 19 فبراير/شباط في هجومها.
في غضون أيام، هبط حوالي 70 ألف جندي من مشاة البحرية الأمريكية على جزيرة Iwo Jima، وعلى الرغم من أنّ القوات الأمريكية كانت تفوق عدد الجنود اليابانيين بثلاثة أضعاف، إلّا أنّ المقاومة اليابانية تسببت في العديد من الخسائر البشرية للأمريكيين، حتى أصبحت معركة إيوا جيما أكثر المعارك التي خسرت فيها قوات المارينز، فقد أصيب أو قُتل العديد من الأمريكيين خلال الأسابيع الخمسة من القتال، مع بعض التقديرات تشير إلى أكثر من 25 ألف ضحية بين قتيلٍ وجريح.
أمّا خسائر اليابانيين فكانت كبيرة جداً، من أصل 20 ألف جندي، قتل أكثر من 18500 جندي، وأسر أكثر من 200 كانوا في الأصل مصابين بجروحٍ قاتلة، أما من تبقى من الجنود فقد احتموا بكهوف الجزيرة وانطلقوا في المقاومة حتى أبيدوا جميعاً، وفقاً للموسوعة البريطانية.
صورة العلم الأمريكي في قمة جزيرة إيوا جيما تصبح الأشهر في تاريخ الحرب العالمية
بعد أربعة أيام من القتال العنيف، وصل مشاة البحرية الأمريكية أخيراً إلى قمة جبل سوريباتشي، أعلى نقطة في جزيرة Iwo Jima، ورفعوا العلم الأمريكي. تم التقاط اللحظة في صورة أصبحت الصورة الأشهر في الحرب العالمية الثانية، والتي كانت لـ6 جنود أمريكيين يرفعون العلم الأمريكي فوق جبل سوريباتشي أعلى فوهة إيوا جيما، والتي التقطت في 23 فبراير/شباط 1945.
الصورة التاريخية التقطها مصور وكالة الأسوشيتدبرس جول روزنتال، والتي قرر مجلس الشيوخ بعد نشرها بيومين تحويلها إلى نصب تذكاري.
ووضعت الصورة على طابع بريدي في الولايات المتحدة، وتم تجسيدها بتمثال في مدينة أرلينغتون في فرجينيا.
وكانت الصورة محور العديد من الكتب والأفلام في الولايات المتحدة، والتي كان من أبرزها "رمال إيوا جيما" في 1949، و"رسائل من إيوا جيما" و"أعلام آبائنا" في 2006.