بعد مقتل عشرات الآلاف على خلفية زلزال تركيا وسوريا المدمّر، مطلع فبراير/شباط عام 2023، بات الكثير من الناس يعانون حالة من الرهاب والخوف الشديد من ملاقاة المصير ذاته.
إذ تُهدد بعضَ الدول العربية والآسيوية توقعات بضربات زلزالية وشيكة خلال الأشهر أو حتى السنوات المقبلة، بسبب التغيرات الحادة التي طرأت على صدع شرق الأناضول. وهو الأمر الذي أسهم في انتشار المخاوف، التي وصلت إلى اضطرابات نفسية مثل فوبيا الزلازل.
ما هي فوبيا الزلازل؟
فوبيا الزلازل هي الخوف المفرط والمستمر الذي لا يمكن السيطرة عليه من الزلازل والهزات الأرضية، والتي يمكن أن تؤدي في بعض الأحيان إلى إعاقة الشخص، والتأثير على أنشطته وقراراته، وحتى الطريقة التي يدير بها حياته وحياة أسرته أو سلامته وسلامة المقربين منه.
إلى حد ما، نخشى جميعاً الزلازل وأية كوارث طبيعية لا يتحكم فيها الإنسان أو يستطيع التنبؤ بها، كما أنها تسبب دماراً وخسائر هائلة في الأرواح والممتلكات.
لكن في حالة الأشخاص المصابين بفوبيا الزلازل الشديدة، يتدخل الخوف ويمنعهم من القدرة على عيش حياتهم اليومية بشكل طبيعي.
إذ يعاني العديد من المصابين به أيضاً من أنواع أخرى من الرهاب، مثل الخوف من الأماكن المغلقة (الخوف من عدم القدرة على الهروب)، أو الخوف من الموت، أو حتى الخوف من دفنهم أحياء، المعروف باسم (التافوبيا).
أبرز السلوكيات والأعراض التي تشير لفوبيا الزلازل:
الخوف من الزلازل أمر طبيعي، لأنه يظهر بسبب غريزة البقاء والنجاة عند البشر. ومع ذلك هناك بعض السلوكيات التي قد تشير إلى أن مخاوف الناس المتعلقة بالحدث يمكن أن تعطي مؤشرات على فوبيا الزلازل والاضطراب النفسي ضمن أعراض الرهاب؛ مثل:
- الخوف المستمر والمتواصل لعدة أسابيع متتالية.
- العزلة والانطواء الاجتماعي بسبب الخوف من الزلازل.
- تغيير الخطط أو الأنشطة بسبب الشعور بانعدام الأمان.
- الأفكار المتكررة حول الحدث والهوس بالفكرة على مدار اليوم.
- الخفقان، والتنفس السريع أو الضحل (فرط التنفس).
- الرغبة في الفرار والاختباء. وقد يبكي المصاب بالرهاب أو يصرخ عند التفكير في حدوث زلزال، ويدخل في نوبة هلع.
- جفاف الفم، والدوخة، واضطرابات المعدة، والغثيان، والصداع.
كذلك قد يذهب الرهاب إلى أبعد الحدود، ويصل إلى حد أن ينفق المرء مبالغ ضخمة من المال لتأمين منزله وشراء متعلقات للإسعافات والنجاة وما إلى ذلك، لمنع تأثير الزلازل قدر الممكن، الأمر الذي قد يصل لاضطراب الوسواس القهري.
أسباب الإصابة برهاب الزلازل والفوبيا النفسية
الأشخاص الذين يعيشون في المناطق المعرضة للزلازل هم الأكثر عرضة لتطوير هذا الخوف الشديد من الزلازل، خاصةً أنها كوارث طبيعية لا يمكن احتواؤها.
يعاني الأشخاص الذين يعيشون في المناطق المعرضة للزلازل من الاهتزاز والرعشة والهلع من وقت لآخر. كما قد يعيش معظمهم في خوف من أن "الهزة" التالية يمكن أن تكون هائلة، تتسبب في دمار هائل للممتلكات، وحتى الحياة.
لكن عند غالبية الأفراد الذين يعانون من فوبيا الزلازل، ينبع الخوف من تجربة ماضية مروعة مع زلزال أو هزة أرضية مهما بلغت قوتها، هذا علاوة على خوض التجارب المؤلمة أو فقدان أحد المقربين أو المعارف في تلك الأحداث.
كذلك قد يقرأ البعض أو يسمع تقارير إخبارية عن الزلازل، حيث يظل الناس محاصرين تحت الأنقاض لأيام أو حتى أسابيع. وبالتالي يمكن أن تتسبب مثل هذه التقارير والمتابعة المستمرة للأخبار المأساوية بشكل طبيعي في إصابة الأفراد القلقين بخوف شديد من الزلازل.
وفي العديد من الزلازل الأخيرة، مثل الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، كانت هناك عواقب كبيرة أخرى وأضرار بعشرات الآلاف من الأرواح. وهذا بدوره أدى إلى الخوف وتفشي نوبات الهلع والفوبيا بين الناس.
خيارات للعلاج والتعامل مع رهاب الزلازل:
- تحدَّث إلى شخص مقرب عن الخوف الذي تشعر به.
- حدِّد الأفكار السلبية والخائفة لمحاولة إيقافها وتهدئتها.
- استخدِم بعض تقنيات التنفس والاسترخاء والتأمل، والصلاة وفق معتقدك.
- ابحث عن متخصص للعمل على علاج نفسي متخصص إذا استمر الأمر لأكثر من 4 أسابيع متصلة.
هذه النقطة الأخيرة من خيارات علاج فوبيا الزلازل مهمة بشكل خاص عندما يبدأ الخوف المفرط في التأثير على حياة الشخص، أو يُفقده الفرص الحياتية واليومية، أو يحُد من نموه الشخصي والمهني، وقدرته على رعاية نفسه وأفراد أسرته.
على سبيل المثال: قد لا يقبل شخص ما وظيفة قد تكون في مكتب في الطوابق العليا فقط، خوفاً من حدث زلزالي، وهنا يمكن أن يساعد دعم أحد المتخصصين في تحسين الموقف وتهدئة مخاوف الشخص، والعمل على تعديل سلوكه ومشاعره.