سادت حالة من التوتر والغضب الأجواء، أثناء توافد المئات من سكان دونستابل البريطانية على كنيسة الدير التاريخية، مساء الخميس 16 فبراير/شباط 2023، حيث عقدوا اجتماعاً للتعبير عن مخاوفهم حيال وصول طالبي اللجوء إلى فندقٍ شهير على الجانب الآخر من الطريق مؤخراً، لكن الأشخاص الذين عُقِدَ الاجتماع بشأنهم كانوا خائفين لدرجةٍ منعتهم من الحضور والدفاع عن أنفسهم.
صحيفة The Guardian البريطانية قالت إنه مع تصاعُد التوترات، أبلغت منظمة Hope Not Hate- التي تراقب أنشطة اليمين المتطرف- عن خمس تظاهرات مناهضة للمهاجرين ستجري في عطلة نهاية الأسبوع، وبينها مظاهرة في روذرهام، دعا لها نشطاء Britain First وPatriotic Alternative.
تعليمات لطالبي اللجوء في بريطانيا
وقد عزّزت وزارة الداخلية البريطانية وجودها الأمني في محيط الفندق قبيل الاجتماع، وأوصت طالبي اللجوء بالبقاء في الداخل، بينما اصطفت عدة شاحنات شرطية أمام الكنيسة، مع وجود عدة مجموعات من ضباطٍ يرتدون السترات الصفراء، لإجراء دوريات حول محيط المبنى وفي داخله.
وظهر رجال الشرطة بأعداد كبيرة، نتيجة المخاوف حيال احتمالية تكرار أحداث العنف التي شهدتها نوزلي في الأسبوع الماضي، عندما تظاهر مئات المحتجين المناهضين للهجرة أمام فندق، وألقى بعضهم الحجارة على الفندق، وأضرموا النيران في شاحنة للشرطة. وأشارت التقارير إلى أن وزارة الداخلية فرضت حظر تجول على الفندق بعد ذلك من أجل سلامة طالبي اللجوء، وهو الأمر الذي رفضت الوزارة تأكيده أو نفيه.
وفي فندق ثالث على مشارف ليدز، جرى وضع البطانيات على النوافذ من الداخل، لمنع متظاهري اليمين المتطرف من رؤية طالبي اللجوء داخل الفندق.
حملة تحريضية ضد طالبي اللجوء
فيما تحدَّث عضو البرلمان المحافظ، أندرو سيلوس، إلى الحضور المنزعجين في كنيسة الدير، ووصف المنشورات التي يوزعها اليمين المتطرف بأنها "تحريضية"، ثم طالب الـ300 شخص الحاضرين من السكان بإظهار لطفهم للوافدين الجدد.
لكن يبدو أن رسالته لم تُقنع الكثيرين؛ إذ قالت واحدة من الحضور إن صديقها رأى طالبي اللجوء يتحرشون جنسياً بالفتيات الصغيرات في المدينة. فأجاب سيلوس قائلاً إنه تحقق من تقارير الشرطة، ووجد أن طالبي اللجوء لم يكونوا قد وصلوا إلى المنطقة في وقت المزاعم المذكورة.
كما اتهم السكانُ المحليون طالبي اللجوء بحجز الكثير من المواعيد مع أطباء الأسنان، وشغل مساحة كبيرة على أرصفة المارة، واستنزاف الأموال التي كانت ستُنفق على تراخيص التلفزيون المجانية لكبار السن، وحجز الأماكن في الدورات التعليمية المجانية، التي يبدو أن غالبيتها مخصصة لتعليم اللغة الإنجليزية.
فيما حضر ويزلي راسل، ناشط Patriotic Alternative، الاجتماعَ وألقى خطبةً لاذعة ضد طالبي اللجوء، حيث وصفهم بالمهاجرين غير الشرعيين، الذين يجب إجبارهم على شراء تذاكر العودة إلى أوطانهم.
خوف وقلق لدى طالبي اللجوء في بريطانيا
ويزيد الخوف في أوساط طالبي اللجوء بدرجةٍ مساوية لتصاعُد حدة الخطاب المناهض للمهاجرين، إذ صرَّح العديد منهم لصحيفة The Guardian البريطانية بأنهم خائفون للغاية من الخروج.
وقال أحد طالبي اللجوء في فندق دونستابل: "نحن في وضع خطير، إذ إننا مهددون ونخشى الخروج من الفندق، والجميع في حالة توتر، وقد قال الموظفون إنهم يستطيعون حمايتنا داخل الفندق، ولكن ليس خارجه، بينما يخطط بعض أصدقائي للذهاب إلى لندن وعيش حياةٍ بلا مأوى هناك، لأننا سنحظى بحريةٍ وأمانٍ أكبر مما نتمتع به هنا".
وقد أبلغت منظمات اللاجئين الأهلية المحلية عن محاولتها تقديم خدماتها داخل الفندق، بدلاً من تقديمها في مقارّ المنظمات كما كانت تفعل في السابق، لأنهم يشعرون أن طالبي اللجوء قد يصبحون عرضةً للاستهداف إذا غادروا الفندق.
بينما قال أحد طالبي اللجوء في فندق نوزلي: "لقد فررت من سوريا خوفاً من الموت في بلدي، وها أنا أعيش في خوفٍ هنا، وعندما بدأت المظاهرات شعرت أن بعض المحتجين سيقتحمون الفندق" من جهتها، كانت مُؤسِّسة جمعية Care4Calais الخيرية، كلير موسيلي، شاهدةً على أحداث الاضطرابات في نوزلي، وقد اتهمت كلير الحكومة بعدم اتخاذ الإجراءات الكافية لحماية طالبي اللجوء.
وقالت كلير: "يُصبح المرء مستضعفاً، ويواجه صعوبةً في الدفاع عن نفسه إذا لم تكن لديه وثائق هوية، ولا شك أن تخويف طالبي اللجوء يُعَدُّ شكلاً من أشكال الجبن المطلق، نحن بحاجةٍ إلى حكومة تُظهِر دوراً قيادياً وتحمي المستضعفين، بدلاً من تمكين المتنمرين باستخدام خطابات مؤذية ومثيرة للانقسام".