عادة ما تُحاك الأسطورة أو القصة التقليدية المتوارثة للأحداث التاريخية والكوارث الكبرى من أجل إيجاد تفسير لها، حتى وإن كانت هذه الأساطير تعتمد بشكل كامل على الخيال.
لهذا تطورت الأساطير حول الزلازل في العديد من الثقافات؛ لتفسير الانفجارات الكارثية التي أودت بحياة الكثير من الناس، وذلك قبل أن تتمكن العلوم الحديثة والأبحاث الطبيعية في إيجاد تفسيرات دقيقة لحدوثها.
وبالرغم من أنها كانت أساطير تقليدية قديمة، لكن لا يزال البعض يعتقد في مصداقيتها وصحتها حتى اليوم. في هذا التقرير نستعرض أشهر الأساطير التي تم تداولها حول أصل الزلازل وأسبابها، والحقيقة العلمية الكامنة وراءها.
لماذا تحدث الزلازل؟
حتى مع كل العلوم والتكنولوجيا الحديثة والمتطورة التي نمتلكها اليوم، لا تزال الكوارث الطبيعية تتركنا في حيرة من أمرنا، خاصة مع سقوط عشرات الآلاف من الضحايا، على خلفية تلك الكوارث وقت حدوثها.
فبعد التعرض لكارثة طبيعية، مثل الزلزال، بحثت العديد من الثقافات والحضارات القديمة عن طرق لشرح كيفية حدوث هذه الكوارث الطبيعية، وتبريرها، وتأليف القصص حولها لتسهيل عملية الاستيعاب.
بسبب غضب "إله البحر" بوسيدون في الحضارة اليونانية
لم تكن الثقافة اليونانية مختلفة كثيراً فيما يتعلق بتأليف الأساطير الغامضة حول أسباب الزلازل، فكان لدى الإغريق العديد من أساطير الخلق الأول للكارثة الطبيعية المخيفة، والتي تشرح كيف ولماذا تحدث الأشياء.
ففي الأساطير اليونانية، كان بوسيدون إله البحر، معروفاً بالمزاج السيئ والمتقلب، وأن الأسطورة تقول إنه عندما كان يغضب بشدة كان يضرب الأرض بعصاه ثلاثية الرؤوس بصورة عنيفة ومتكررة من دون مقدمات، وهو ما اعتبره الشعب اليوناني القديم سبباً في حدوث الزلازل.
عراك بسبب حفل زفاف في ثقافات الهنود الحمر
يُعتقد أن الهنود الحُمر كذلك كانوا ممن اخترعوا الأساطير حول أسباب وتداعيات الزلازل التي هددت حياتهم اليومية وتسببت في سقوط الكثير من الضحايا منهم بسبب الدمار والفيضانات التي خلفتها.
وبحسب الرواية المتداولة عنهم، فإن قائداً ومحارباً هندياً من القبائل الأصلية لأمريكا وقع في حب الأميرة ابنة القائد لأحد القبائل المجاورة له.
وبالرغم من أنه كان شاباً ووسيماً، لكن قدمه كانت ملتوية بسبب عيب خلقي، لذلك أطلق عليه شعبه اسم ريلفوت. وعندما رفض والد الأميرة إعطاء ريلفوت يد ابنته، اختطفها المقاتل ذو القدم المشوهة، وبدأ وأصدقاؤه في الاحتفال بزواجه بالأميرة.
فغضبت الروح العظيمة للقبائل الأصلية من هذا السلوك والعصيان، وقامت بالدهس على الأرض بقدمها في غضب. وهو الأمر الذي، وفقاً للأسطورة، تسبب في وقوع زلزال مدمّر تسببت الصدمة منه في تدفق نهر المسيسيبي على ضفافه، وإغراق حفل الزفاف بأكمله.
ومن هنا تم تشكيل بحيرة ريلفوت، الواقعة على جانب نهر المسيسيبي بولاية تينيسي، نتيجة للزلزال المعروف باسم نيو مدريد عام 1812.
بسبب سكان باطن الأرض في حضارة آسام الآسيوية
شعب آسام، أو الحضارة الأسامية، هي ولاية تقع في شمال شرق الهند اليوم، جنوب شرق جبال الهيمالايا على طول وديان نهر براهمابوترا ونهر باراك. وتُعد الأسامية والبورو هما اللغتان الرسميتان في آسام، في حين أن البنغالية هي لغة رسمية إضافية لبعض المناطق والوديان.
وفي هذه الحضارة القديمة التي امتدت منذ العصر الحجري البدائي، كانت الأسطورة تقول إن هناك جنساً من الناس يعيشون داخل الأرض.
ومن وقت لآخر كانوا يهزّون الأرض ليكتشفوا ما إذا كان هناك أي شخص لا يزال يعيش على السطح، ليعرفوا إذا حان وقت الخروج.
وعندما كان يشعر الأطفال في هذه الحضارة بالهزات الأرضية والزلازل كانوا يحرضون على الصراخ بكلمة "أحياء، أحياء"، حتى يعرف الناس من سكان باطن الأرض أنهم هناك ويوقفون الاهتزاز.
وفي حال اقترف أهل سطح هذه المناطق كثيراً من الخطايا والذنوب، اعتقدوا أن الآلهة كانت ترسل ملاكاً غاضباً ليضرب الهواء المحيط بالأرض. فكانت الضربات تنتج نغمة موسيقية تتأثر بها على الأرض كسلسلة من الصدمات.
أسطورة القوائم الخشبية التي تحمل الأرض في كولومبيا
تقول الأسطورة الكولومبية القديمة إنه عندما تم تشكيل وخلق الأرض لأول مرة، كانت ترتكز بثبات على 3 عوارض كبيرة من الخشب.
ولكن في يوم من الأيام قرر إله المطر والرعد "شيبشاكوم" في معتقد شعوب المويسكا الأصلية لحضارات أمريكا الجنوبية، أنه سيكون من الممتع رؤية سهل بوغوتا تحت الماء، وهي العاصمة الحالية لدولة كولومبيا.
لذلك وفقاً للأسطورة، قرر هذا الإله أن يغمر الأرض بالماء، وكانت عقوبته لتلك الفعلة أنه بات مجبراً على حمل العالم على كتفيه إلى الأبد. وبالتالي عندما يكون غاضباً ومُتعباً، كانت تهتز الأرض بين يديه مسببة الزلازل والهزات الأرضية وغيرها من الكوارث الطبيعية.
أساطير الزلازل والهزات الأرضية في الحضارات الهندية القديمة
تقول الأساطير الهندية القديمة إن 4 أفيال تقف على ظهر سلحفاة هي التي تمسك الأرض. علاوة على هذا فإن السلحفاة تقف متوازنة بدورها على قمة رأس ثعبان كوبرا. وبالتالي عندما يتحرك أي من هذه الحيوانات، ترتجف الأرض وتهتز.
اليابان وسمكة السلور العملاقة التي تسبب الزلازل
نامازو هي سمكة السلور العملاقة في الأساطير اليابانية، وهي المسؤولة عن إحداث الزلازل. إذ كان يعتقد أن المخلوق يعيش تحت الأرض، وعندما يسبح في البحار والأنهار تحت الماء والقشرة الأرضية هناك تسبب في حدوث زلازل. كما كان يُعتقد أن جزر اليابان ترقد على ظهر هذه السمكة.
فقط إله الرعد كاشيما كان يمكنه شل حركة نمازو بمساعدة حجر التتويج الثقيل الذي يدفع السمكة ضد أسس الأرض ويبقيها في مكانها.
ومع ذلك، كان هذا الإله أحياناً ما يتعب أو يصرف انتباهه عن واجبه، حينها يستخدم نامازو هذه اللحظات ليحرك ذيله، مما يتسبب في حدوث زلزال في العالم البشري.