خلال الحرب العالمية الثانية، قاتل كل من الحلفاء ودول المحور من أجل السيطرة على المحيط الأطلسي، أراد الحلفاء استخدام المحيط الأطلسي لإمداد بريطانيا والاتحاد السوفييتي في قتالهم ضد ألمانيا وإيطاليا، بينما أرادت دول المحور إيقاف هذا المخطط. تسمى هذه المعركة للسيطرة على المحيط الأطلسي "معركة الأطلسي".
كانت معركة الأطلسي، التي استمرت من سبتمبر/أيلول 1939 حتى هزيمة ألمانيا في عام 1945، أطول حملة عسكرية مستمرة في الحرب، خلال ست سنوات من الحرب البحرية، هاجمت الغواصات والسفن الحربية الألمانية وحليفتها الإيطالية، قوافل الحلفاء التي كانت تنقل المعدات والإمدادات العسكرية عبر المحيط الأطلسي إلى بريطانيا العظمى والاتحاد السوفييتي.
بحسب الموسوعة البريطانية، كان هدف هذه المعركة السيطرة على ممرات الشحن في المحيط الأطلسي من خلال مشاركة آلاف السفن في المعركة، والتي امتدت عبر آلاف الأميال المربعة المحفوفة بالمخاطر من المحيط.
بداية معركة الأطلسي كانت ألمانية
في وقت مبكر من الحرب، قامت السفن الحربية الألمانية بعدد من الغزوات في ممرات الشحن، بهدف الاستيلاء على سفن الحلفاء وتدميرها، شنّ حصار على بريطانيا، وحققت هذه الهجمات نجاحات محدودة، وأدت إلى فقدان السفن الكبرى بما في ذلك غراف سبي و BISMARCK سنة 1939.
وبدءاً من عام 1940 الذي شهد سقوط باريس في يد الألمان، ركزت البحرية الألمانية على تصعيد معركة الأطلسي من خلال التركيز على حرب الغواصات.
كانت غواصات U الألمانية تهاجم سفن الحلفاء على السطح في الليل؛ حيث لا يمكن اكتشافها من قبل الحلفاء، وحققت هذه الغواصات نجاحاً كبيراً ضد سفن الحلفاء، من خلال استفادة الألمان من الاتصالات المشفرة للأميرالية البريطانية التي اعترضتها البحرية الألمانية:
ومع مطلع العام 1941، تسببت الغواصات الألمانية في خسائر فادحة لسفن الحلفاء؛ حيث أغرقت 875 سفينة حربية وتجارية.
التوازن يعود إلى معركة الأطلسي
خلال عام 1941، بدأت الميزة التكتيكية في التحول نحو البريطانيين بعد الدخول التدريجي للولايات المتحدة الأمريكية إلى الحرب، بحيث استلمت البحرية الملكية البريطانية 50 مدمرة أمريكية مقابل وصول الولايات المتحدة إلى القواعد البريطانية.
زاد الكنديون من مهام مرافقتهم، وتمكنت القيادة الساحلية لسلاح الجو الملكي البريطاني من زيادة غطائها الجوي في المحيط الأطلسي.
ساعد استيلاء الحلفاء على الغواصة الألمانية U-110 في مارس/آذار 1941، على تتبع حركة الغواصات الألمانية بحكم أنّ هذه الغواصة كانت على آلة رصد للغواصات.
وفي أبريل/نيسان 1941، بدأت السفن الحربية الأمريكية في مرافقة السفن التجارية للحلفاء حتى أيسلندا، الأمر الذي أثار عدداً من المناوشات بين الأسطول الأمريكي وغواصات U الألمانية.
مع ذلك كانت معركة الأطلسي بين المحور والحلفاء خلال تلك الفترة سجالاً؛ إذ وقع العديد من هذه الهجمات الألمانية في منطقة وسط المحيط الأطلسي التي أصبحت تُعرف باسم "الحفرة السوداء"، وهي امتداد للمحيط خارج نطاق طائرات الحلفاء المكلفة بتوفير تغطية جوية لسفنها الحربية والتجارية، ورغم استعمال الحلفاء لحاملات الطائرات إلا أنّ عدد السفن التي استهدفها الألمان في الأطلسي كان لا يزال مرتفعاً
في عام 1942، كانت الحرب في صالح الألمان مرة أخرى؛ إذ دخلت الغواصات الجديدة الخدمة بسرعة، بمعدل 20 غواصة في الشهر، وعلى الرغم من أن البحرية الأمريكية دخلت الحرب في نهاية عام 1941، إلا أنها لم تكن قادرة على منع غرق ما يقرب من 500 سفينة بين شهر يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران 1942.
بلغت خسائر الحلفاء في المحيط الأطلسي ذروتها في عام 1942؛ إذ أُغرقت 1664 سفينة للحلفاء خلال ذلك العام، في وقتٍ كانت إمدادات البنزين والطعام إلى بريطانيا تصل إلى مستويات منخفضة للغاية.
أمريكا تحسم معركة الأطلسي
في عام 1943، قلب الحلفاء المعركة رأساً على عقب، فقد كان لدى الحلفاء ما يكفي من حاملات الطائرات المرافقة والطائرات بعيدة المدى لتغطية المحيط الأطلسي.
وصلت معركة الأطلسي إلى ذروتها بين فبراير/شباط ومايو/أيار 1943، فقد كانت مدافع الهاون ذات الشحنة العميقة أحد الابتكارات التي تغلّبت على سلاح الغواصات الألمانية.
بعد الضربات التي تلقتها غواصات U، فشلت محاولات الألمان لتجديد الهجوم على سفن الحلفاء باستخدام طوربيدات صاروخ موجه صوتي في خريف عام 1943، ولذلك تراجعت غواصات U إلى الشاطئ، ولجأ الألمان إلى حرب العصابات ضد سفن الشحن والإمداد الخاصة بالحلفاء والراسية على الشواطئ.
أدى انتصار الحلفاء في المحيط الأطلسي في عام 1943، إلى جانب فتح البحر الأبيض المتوسط أمام حركة المرور في وقت لاحق من ذلك العام، إلى انخفاض كبير في خسائر الشحن، ومن أجل موازنة الحرب، مارس الحلفاء سيطرة دون منازع على ممرات البحر الأطلسي.
وفقاً لـ history، يقدر المؤرخون أن أكثر من 100 معركة هامشية وقعت خلال معركة الأطلسي الكبرى، أدت هذه المعركة إلى غرق أكثر من 3500 سفينة تجارية تابعة للحلفاء، كانت تحمل أزيد من 14.5 مليون طن من الشحن و 175 سفينة حربية تابعة للحلفاء، كما فقد 72200 بحار، وخسر الألمان نفس القدر من رجال البحرية إضافة إلى 783 غواصة من طراز U، وهي ثلاثة أرباع ترسانتها البحرية من الغواصات.