قالت صحيفة The Guardian البريطانية، في تقرير نشرته الإثنين 13 فبراير/شباط 2023، إن رجلاً مصرياً يطعن على مشروعية نظام الاحتجاز لأجل غير مسمى في أستراليا أمام المحكمة العليا، تلقى تحذيراً بأن قوات الحدود تتأهب لترحيله من البلاد "قسراً" إذا لم يوافق على مغادرة البلاد على متن رحلة تجارية.
حيث احتُجز طوني سامي منذ 10 سنوات، بعد إلغاء تأشيرته في 2012، ويناضل من أجل البقاء في أستراليا مع طفليه. ويتأهب سامي لقضية شهيرة يمكن أن تتحدد بموجبها حرية مئات الأشخاص من المحتجزين وطالبي اللجوء.
مصري بأستراليا يواجه أزمة تخص لجوءه
إذ يسعى محامو سامي لإسقاط قرار مثير للجدل للمحكمة العليا يعود إلى عام 2004، يقول إن الاحتجاز لأجل غير مسمى جائز بموجب قانون الهجرة. في مقابلة مع النسخة الأسترالية من صحيفة The Guardian، زعم سامي أنه تعرض للاستخدام المفرط للقوة في أثناء الاحتجاز، وطالب وزيرَ الهجرة بالتدخل وإطلاق سراحه والسماح له بالبقاء في البلاد.
لكن بعد أسابيع فقط من تقدُّم المحامين بطلب لنقل قضيته إلى المحكمة العليا، تلقوا خطاباً من محامي الحكومة الأسترالية، يبلغهم فيه أن سامي يمكن ترحيله من أستراليا بصورة إلزامية، مما يعني أنه لن ينتظر حتى يوم البت في القضية. أُبلغ سامي أن ترحيله قد يحدث في 8 مارس/آذار تقريباً 2023.
وفقاً للخطاب الصادر في 3 فبراير/شباط 2023، سألت القنصلية المصرية في 1 فبراير/شباط، عن "خط سير رحلة موكلكم من أجل إصدار وثيقة سفر"، وسألت عما إذا كان من الممكن "موافقته على ترحيله طوعاً على متن رحلة تجارية".
تابع الخطاب: "إذا اختار موكلكم مواصلة مقاومة الترحيل، فسوف تكون هناك حاجة إلى الترتيبات المتعلقة بالرحلات الجوية المستأجرة". وأوضح الخطاب أن التخطيط قد بدأ بالفعل "في حالة الاحتياج إلى مثل هذه الرحلة". وأضاف أنه كانت هناك دائماً صعوبات في موافقة الخطوط الجوية التجارية على اصطحاب ركاب يسافرون قسراً.
عدم الحصول على وثيقة سفر
احتُجز سامي منذ فبراير/شباط 2013، ولم يجرِ ترحيله، لأن السلطات المصرية لم تصدر له وثيقة سفر.
وصل سامي إلى أستراليا سائحاً في عام 2000، وحصل على تأشيرة شريك في 2003. أنجب سامي وزوجته الأولى طفلين، كلاهما يحملان الجنسية الأسترالية، وأحدهما مصاب بالتوحد الحاد.
أُلغيت تأشيرة الشريك الخاصة به في 2012 بعد إدانته في عدد من الجرائم التي تتضمن الاحتيال والتضليل. بعد قضاء حكم بالسجن لـ18 شهراً، أُطلق سراحه في فبراير/شباط 2013، وأودع مركز احتجاز المهاجرين في انتظار ترحيله من أستراليا.
قال سامي إن قسم الشؤون الداخلية أبقاه "في الظلام" ثلاثة أيام، وفشلوا في إبلاغه في 2018 أن مصر كانت غير مستعدة لإصدار وثيقة سفر قبل أن يحدد اسم أحد أقاربه في مصر. قال سامي إنه ليس لديه أقارب في مصر. أوضح سامي: "من مصلحة مواطنَين أستراليَّين [طفليَّ]، أن يُطلق سراحي… فلماذا يُعاقَبان على جريمة لم يرتكباها؟".
عدم قانونية قرار الترحيل
وفقاً لوثيقةٍ لوزارة الشؤون الداخلية الأسترالية تعود إلى يوليو/تموز 2022، واطلعت عليها النسخة الأسترالية من صحيفة The Guardian، لا يمكن ترحيل سامي إلى مصر، لأنه "لم يمتثل" لطلبات السفارة بوضع "بصماته" على استمارة من أجل استخراج وثيقة السفر.
أما في ديسمبر/كانون الأول 2022، فوجدت قاضية المحكمة الفيدرالية، ديبرا مورتيمر، أن ضباط الحكومة بدوا كما لو أنهم يتبعون "نهجاً متمهلاً" لترحيل سامي، مع وجود قليل من الأدلة التي تفيد بالتواصل مع مصر، باستثناء "سلسلة من رسائل البريد الإلكتروني والاستفسارات العشوائية إلى حد ما".
قال سامي إن قوات الحدود الأسترالية ادعت خطأً أمام السلطات المصرية أنه "ليست له علاقة" بأطفاله، لأنه طلب منهم عدم زيارته، لتجنب محنة رؤيته في الاحتجاز؛ وذلك في محاولة من قوات الحدود الأسترالية للحصول على الموافقة على وثائقه المصرية. واعتذرت قوات الحدود حينها على انتهاك الخصوصية.
في مقابلة مع النسخة الأسترالية من الصحيفة، تحدث سامي عن تفاصيل تجربة الاحتجاز لأجل غير مسمى، وقال إنها ترقى إلى "التعذيب". وأوضح أنه تعايش مع ألم في الأسنان لعام ونصف قبل إحالته إلى طبيب أسنان، وادعى أنهم استخدموا ألمه سلاحاً ضده.
أضاف أن ضباط شركة سيركو -التي تدير مركز الاحتجاز- يكونون على استعداد "لاستخدام القوة في المقام الأول"، وزعم أن الضباط في الأسبوع الأخير من شهر يناير/كانون الثاني 2023 "قفزوا" عليه، لأنه ركل كرسياً بقدمه، واحتجزوه في غرفة خرسانية لـ24 ساعة.
التورط في عشرات الجرائم
ذكرت وثيقة تعود إلى وزارة الشؤون الداخلية بتاريخ يوليو/تموز 2022، أن سامي تورط في 482 حادثاً منذ اعتقاله في 2012.
تضمنت هذه الحوادث: 98 حادث تهديد بإيذاء النفس، 67 حادث إيذاء فعلي للنفس، و34 حادث رفض تناول الطعام أو الشراب، و52 حادث استخدام غير مخطط للقوة لمنع إيذاء النفس أو إيذاء الآخرين.
فيما سجلت الوزارة أيضاً 108 حوادث "سلوك مسيء وعدواني تجاه الموظفين والمحتجزين الآخرين". ردَّ سامي بأنه كان "مُحتجزاً مثالياً" وأن هذه تضمنت حوادث بسيطة مثل السب أو الصياح.
قال سامي: "لسنا روبوتات، لدينا عواطف. أنا إنسان اعتُقل منذ 10 سنوات وليس معي أطفالي. أغضب أحياناً".
احتجاز تعسفي
أفاد تقرير للمفوضية الأسترالية لحقوق الإنسان بأن مواصلة احتجاز سامي في "منشآت مغلقة قد تعد أمراً تسعفياً" بالنسبة لأغراض العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
قالت وزارة الشؤون الداخلية الأسترالية إنها "لا تعلق على حالات فردية بسبب الخصوصية، ولا تعلق على الشؤون التي يجري تداولها حالياً في المحاكم".
أضافت أنه عندما يستنفد غير المواطنين الموجودين بصفة غير قانونية "جميع السبل الإدارية والإجرائية والقانونية للطعن، فليس لديهم أي أساس قانوني يسمح لهم بالبقاء في أستراليا، ومن ثم يجب أن يتوقعوا ترحيلهم. غير المواطنين في أستراليا الذين ليست لديهم تأشيرة، سيكونون عرضة للاحتجاز والترحيل في أقرب وقت ممكن عملياً، في انتظار حل أي من الشؤون الجارية".