بعد الزلزال المدمر الذي ضرب كلاً من تركيا وسوريا في فبراير/شباط 2023، خلَّفت كوارث طبيعية عشرات الآلاف من المصابين وآلاف القتلى، لكن لم يكن هذا الزلزال أكثر الكوارث الطبيعية تدميراً في تاريخ البشرية.
إذ شهدت الكرة الأرضية عدداً من الكوارث التي خلَّفت وراءها خسائر بشرية بالملايين، من بين هذه الكوارث نذكر:
أسوأ فيضان عرفه التاريخ
على مر التاريخ تعرضت الصين للعديد من الكوارث الطبيعية التي تسببت في مقتل ملايين الأشخاص، بالإضافة إلى الزلازل المدمرة التي شهدتها الصين تعرضت لعدد مهم من الفيضانات والتي صُنف بعضها ضمن قائمة أسوأ الكوارث في تاريخ البشرية.
خلال شهر أغسطس/آب سنة 1931 تعرضت الصين لما يعرف بفيضان نهر يانغتسي، فبسبب ارتفاع منسوب المياه تسبب النهر في أسوأ كارثة طبيعية عرفها القرن العشرون، إذ غمرت المياه جميع المناطق القريبة؛ مما أجبر عشرات ملايين السكان على الهجرة من المدينة.
فيما أودت الكارثة خلال أشهر قليلة بحياة الملايين، سواء كانت بشكل مباشر أو غير مباشر، قبيل الفيضان الكبير شهدت الصين سنتين متتاليتين من الجفاف تبعهما شتاء بارد خلّف كميات هائلة من الجليد والثلوج على الجبال.
ومع بداية الربيع وذوبان الثلوج تساقطت أمطار غزيرة وأعاصير مدمرة؛ إذ بلغت كمية الأمطار المسجلة 600 ملم خلال شهر يوليو/تموز لوحده، خلال تلك الفترة جاءت هذه الكميات الهائلة من المياه الناتجة عن ذوبان الثلوج وتساقط الأمطار لتصب في نهر يانغتسي متسببة في ارتفاع منسوب المياه الذي بلغ رقماً قياسيا خلال منتصف شهر أغسطس/آب 1931.
مطلع شهر أغسطس/آب سنة 1931 أُجبر حوالي 500 ألف شخص من الأهالي القاطنين على مقربة من نهر يانغتسي على مغادرة منازلهم، بسبب ارتفاع منسوب المياه، فضلاً عن ذلك تسبب تواصل تساقط الأمطار في إفساد محاصيل الأرز؛ مما هدد المنطقة بمجاعة كارثية.
خلال الفترة التالية، شهدت المناطق القريبة من نهر يانغتسي فيضاناً كارثياً؛ حيث غمرت المياه مساحة قُدرت بنحو 180 ألف كلم مربع، أي ما يفوق مساحة إنجلترا ونصف أسكتلندا، متسببة في مقتل عشرات الآلاف، كما هددت المجاعة مدناً كبرى مثل نانجنغ وووهان والتي قدر عدد سكانها بعشرات الملايين، فضلاً عن ذلك، ازداد الوضع سوءاً مع ارتفاع منسوب المياه بعدد من المناطق الصينية الأخرى كالنهر الأصفر والقناة الكبرى.
أجبرت هذه الكارثة عشرات الملايين على مغادرة منازلهم، فضلاً عن ذلك، شهدت الأشهر القليلة التالية تفشي المجاعة بسبب خراب محاصيل الأرز، ومن أجل الحفاظ على أرواحهم عمد الكثير من الصينيين إلى أكل اللحم البشري. بالتزامن مع ذلك، تسببت الفيضانات في ظهور الأوبئة؛ حيث سجلت الملاريا والكوليرا انتشاراً سريعاً متسببة في هلاك الكثيرين.
حسب "britannica"، تسبب فيضان نهر يانغتسي سنة 1931 في وفاة مليوني شخص. وعلى حسب ما نقله المؤرخون المعاصرون، تسببت هذه الكارثة الطبيعية في وفاة قرابة 4 ملايين شخص؛ حيث فارقت النسبة الساحقة منهم الحياة بسبب المجاعة والأوبئة التي تلت الفيضان، بالإضافة إلى 40 مليون شخص بدون مأوى.
كوارث طبيعية فتاكة
يعتبر زلزال شانشي أسوأ زلازل الأرض وأكثرها دماراً عبر التاريخ؛ إذ بلغت مساحة الدمار الناتجة عنه 800 كيلومتر، فيما بلغ عدد ضحاياه أزيد من 830 ألف شخص.
حسب "britannica" بناء عن المعلومات الجيولوجية للمنطقة بلغت قوة الزلزال 8 درجات على سلم ريختر، رغم أنه أكبر الزلازل المميتة في التاريخ إلا أنه يحتل المرتبة الخامسة من حيث أقوى الكوارث الطبيعية في التاريخ.
فيما تسبب الزلزال في نقص سكان المنطقة بنسبة 60% بسبب العدد الهائل من القتلى، رغم أن الزلزال استمر لعدة ثوانٍ فقط إلا أنه أدى إلى تسوية الجبال وتغيير مسار الأنهار، بالإضافة إلى حدوث فيضانات وحرائق استمرت لعدة أيام.
في أعقاب هذا الزلزال، قامت الحكومة الصينية باستبدال العديد من المباني الحجرية التي تمت تسويتها بمبانٍ مصنوعة من مواد أكثر نعومة ومقاومة للزلازل، مثل الخيزران والخشب، كما يرتبط زلزال 1956 بثلاثة صدوع رئيسية شكلت حدود حوض نهر وي بالصين.
أعنف إعصار في تاريخ البشرية
سنة 1970 ضرب باكستان الشرقية والتي تعرف حالياً ببنغلاديش أحد أقوى الأعاصير تدميراً في تاريخ البشرية الحديث، صباح 12 نوفمبر/كانون الثاني 1970 وصلت أخبار الكارثة الوشيكة في خليج البنغال إلى مسامع السكان بعد فوات الأوان، قبل ساعات قليلة فقط من وصول إعصار بولا.
قلة من البنغاليين أخذوا التهديد على محمل الجد وسارعوا إلى لاختباء خلف جدران بيوتهم الحجرية أو غادروا إلى مناطق آمنة. أولئك الذين كانوا على الشاطئ وفي الأراضي المنخفضة كانوا في غفلة تامة.
مساء يوم 12 نوفمبر، في محطة أرصاد جوية بالقرب من مدينة "شيتاغونغ"، أهم ميناء بحري في البلاد، أظهر جهاز قياس الريح سرعة تبلغ 144 كم/ساعة، قبل أن يتحطم وتقتلعه العاصفة.
بعد ذلك بوقت قصير، سجلت محطة طقس أخرى مثبتة على إحدى السفن في ميناء "شيتاغونغ" سرعة رياح تبلغ 222 كم/ساعة.
لسوء الحظ الكبير لسكان المنطقة، فإن إعصار بولا تزامن مع ارتفاع المد، ما زاد من قوته التدميرية. وظهرت عند مصب الغانج، نهر الهند العظيم، موجة مد ضخمة بارتفاع 10 أمتار، وبدأت تجرف كل شيء في طريقها.
كانت خسائر البنغاليين هائلة، حيث تضرر 4.7 مليون شخص من الإعصار، ودُمر 400 ألف منزل أما من نجا من السكان فقد أصيب بصدمة شديدة، وحاق به خطر المجاعة؛ لأن الغذاء الرئيس للسكان المحليين يتمثل في الأسماك.
هذه الكارثة الطبيعية الرهيبة أودت بحياة ما يصل إلى 500 ألف شخص، ما جعل من هذا الإعصار المداري الأكثر دموية في تاريخ البشرية الحديث، فيما لا يزال العدد الدقيق للوفيات مجهولا.
المجاعة الكبرى شمال الصين
استناداً إلى معدلات سقوط الأمطار المدونة في الوثائق التاريخية، فإن الجفاف الذي ضرب شمال الصين في الفترة ما بين 1876 و1878 يعد أشد فترات الجفاف التي ضربت الصين على مدى 300 عام.
أدى فشل الحصاد إلى ارتفاع سعر الأرز من خمس إلى 10 مرات مقارنة بالسنة العادية، وكان التأثير الأكبر في المقاطعات الخمسة الواقعة في شمال الصين شاندونغ، وجيلي، وشانشي، وخنان، وسينشي.
بحلول الوقت الذي بدأت فيه الظروف في الاستقرار في عام 1879، يقدر أن 9.5 إلى 13 مليون شخص من سكان المنطقة المتضررة لقوا حتفهم من الجوع والأمراض المرتبطة بها.
حادث بركان كاركاتو
وقع واحد من أقوى الانفجارات البركانية في التاريخ في كراكاتو غرب إندونيسيا، وذلك في 27 أغسطس 1883 إذ سمعت الانفجارات على بعد 3 آلاف ميل وعلى ارتفاع 50 ميلاً في الهواء، تسبب هذا البركان في حدوث أمواج تسونامي بارتفاع 120 قدماً أسفرت عن مقتل 36 ألف قتيل.
بدأت أعرض الانفجار البركاني في 20 مايو 1883 حيث أبلغت سفينة حربية ألمانية عابرة عن وجود سحابة من الرماد والغبار على ارتفاع 7 أميال. فوق جزيرة كراكاتوا، فيما شهدت سفن أخرى بعد شهرين انفجارا مماثلا في جزيرتين مجاورتين.
في 26 أغسطس/آب 1883 انفجر البركان الواقع في الجزيرة؛ ما أدى إلى سلسلة من الكوارث الطبيعية التي سيشعر بها جميع أنحاء العالم، دمر هذا الانفجار ثلثي الجزيرة فيما وقع 36 ألف حالة وفاة بسبب الانفجار و31 ألف ناجمة عن أمواج التسونامي.