قالت الرئاسة التونسية، الخميس 9 فبراير/شباط 2023، إن الرئيس قيس سعيد "قرر رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بسوريا"، في أوضح إشارة على نية تونس إعادة العلاقات بشكل كامل مع النظام السوري، بعد أيام من زلزال مدمر ضرب تركيا وسوريا.
بحسب بيان نشرته الرئاسة التونسية على حسابها في فيسبوك، فإن سعيد "جدّد تأكيد وقوف الشعب التونسي إلى جانب الشعب السوري الشقيق"، مشيراً إلى أن "قضية النظام السوري شأن داخلي يهمّ السوريين بمفردهم، والسفير يُعتمد لدى الدولة وليس لدى النظام".
أضاف البيان: "تحدّث رئيس الجمهورية، في هذا الإطار، عن عدد من المحطات التاريخية التي عاشتها سوريا منذ بداية القرن العشرين، والترتيبات التي حصلت منذ ذلك الوقت لتقسيمها".
من جانب آخر، أشار البيان إلى أن سعيد "تطرق إلى التجربة الدستورية السورية وكيف تم حصار المجلس الذي كان سيضع دستوراً سوريّاً وما تبعه من أيام دامية نتيجة رفض السوريين لأي تدخُّل أجنبي"، على حد تعبيره.
تطبيع مع الأسد
ويأتي ذلك بعد يومين من مكالمة هاتفية أجراها قيس سعيد مع وزير خارجية النظام السوري، فيصل مقداد، الثلاثاء 7 فبراير/شباط، أعقبها بإقالة وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي، معلناً تعيين نبيل عمار خلفاً له.
كانت تونس قد قطعت العلاقات الدبلوماسية مع سوريا؛ احتجاجاً على قمع نظام الرئيس بشار الأسد للاحتجاجات المناهضة لحكمه قبل أكثر من عشر سنوات، لكنها أعادت إلى سوريا بعثة دبلوماسية محدودة في 2017؛ سعياً لتعقُّب أكثر من ثلاثة آلاف مقاتل تونسي متطرف في سوريا.
يقول محللون إن رئيس النظام السوري، بشار الأسد، يسعى لتحقيق مكاسب سياسية من الزلزال الذي دمر أجزاء كبيرة من سوريا وتركيا، ويضغط من أجل إرسال مساعدات خارجية عبر الأراضي السورية؛ للتحرر تدريجياً من العزلة الدولية المفروضة عليه، بحسب رويترز.
وأرسلت تونس طائرات إغاثة إلى سوريا تتضمن فرق إنقاذ وحماية مدنية وأطباء ومساعدات غذائية، وصلت بالفعل إلى مطار حلب الخاضع لسيطرة النظام السوري.
ومنذ أن أحكم الرئيس قيس سعيد، السيطرة على معظم السلطات تقريباً في يوليو/تموز 2021، وعلق البرلمان وأقال الحكومة، أرسلت تونس إشارات تشي بتغيير سياستها الدبلوماسية مع سوريا.
يُذكر أن سعيد التقى وزير خارجية النظام السوري مطلع يوليو/تموز العام الماضي، على هامش زيارتهما للجزائر بمناسبة الذكرى الـ60 للاستقلال، حيث طلب الرئيس التونسي من المقداد نقل تحياته إلى بشار الأسد، بحسب بيان للخارجية السورية.
وقال سعيد للمقداد: "إن الإنجازات التي حققتها سوريا، وكذلك الخطوات التي حققها الشعب التونسي ضد قوى الظلام والتخلف، تتكامل مع بعضها لتحقيق الأهداف المشتركة للشعبين الشقيقين في سوريا وتونس"، بحسب ما نقلته صحيفة "حقائق أونلاين" التونسية.
اتصالات مع الأسد
في سياق متصل، جرت اتصالات غير مسبوقة بين الأسد وزعماء عرب، بعضها كان الأول من نوعه منذ الأزمة السورية التي تعصف بالبلاد منذ 12 عاماً، حيث أجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اتصالاً مع رئيس النظام السوري، الثلاثاء 7 فبراير/شباط.
وأكد السيسي خلال الاتصال، إصداره توجيهات "بتقديم كافة أوجه العون والمساعدة الإغاثية الممكنة في هذا الصدد إلى سوريا"، وذلك على خلفية الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وأوقع آلاف القتلى والجرحى.
إلى جانب السيسي، أجرى كل من زعماء الإمارات والبحرين والجزائر وسلطنة عمان اتصالات هاتفية بالأسد، بحسب بيانات رسمية لتلك الدول ووفقاً لوكالة أنباء "سانا"، وذلك في توالٍ نادر لاتصالات على هذا المستوى منذ 2011.
وفجر الإثنين 6 فبراير/شباط، ضرب زلزال جنوب تركيا وشمال سوريا بلغت قوته 7.7 درجة، أعقبه آخر بعد ساعات بقوة 7.6 درجة وعشرات الهزات الارتدادية، مخلفةً خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات بالبلدين.