مدينة هاتاي التركية هي أقرب المحافظات إلى سوريا، ومن بين المدن المتضررة بفعل الزلزال الذي ضرب المنطقة في 6 فبراير/شباط 2023، والذي راح ضحيته أزيد من 4 آلاف شخص في تركيا وسوريا.
لمحافظة هاتاي تاريخ عريق يمتد إلى آلاف السنين بالإضافة إلى الأماكن التي بإمكان زوار المدينة زيارتها عند القدوم إليها.
تاريخ يعود إلى آلاف السنين قبل الميلاد
حسب موقع "all about turkey" التركي بدأت الحياة في مدينة هاتاي منذ العصر البرونزي، إذ كانت جزءاً من الإمبراطورية الأكادية وهي إمبراطويرية قديمة استوطنت بلاد ما بين النهرين تمركزت في مدينة أكاد الموجودة في الضفة الغربية لنهر الفرات.
قبل نهاية القرن السابع عشر قبل الميلاد اختل المدينة الحيثيون وكل من غازي عنتاب ومدينة حلب، لينتهي حكمهم بعد 140 عاماً من قبل ما يسمى قبائل البحر من الغرب سنة 1190 قبل الميلاد، واصلت هذه الإمارات المتحدة استقلالها حتى عام 841 قبل الميلاد.
في ذلك الوقت بدأ الآشوريون سيطرتهم على السهل. في عام 538 قبل الميلاد بسط الفرس سيطرتهم حتى إيسوس "يسليورت حالياً" ووضعوا حداً للحكم الآشوري وسيطروا على الأناضول بأكملها.
في عام 333 قبل الميلاد، أنهى الإسكندر الأكبر الحكم الفارسي في هاتاي بانتصاره على داريوس، الملك الفارسي، في إيسوس. بعد وفاة الإسكندر، تم تقسيم الأراضي المحتلة بين جنرالاته. وهم كل من "سلوقس"، و "ساتراب بابل".
بدأ تأسيس أنطاكية القديمة قبل حوالي 300 قبل الميلاد، إذ تطورت بسرعة إلى مركز إداري وتجاري حتى قدوم الرومان؛ إذ كانت المدينة تعاني من مشاكل مع الفرس والمصريين القدماء والرومان سنة 148 قبل الميلاد.
لكن المدينة لم تدُم طويلاً إذ تسبب زلزال في تدميرها بالكامل خلال فترة حكم أنطيوخس الثاني عشر، الذي تنازل عن مملكته إلى الإمبراطورية الرومانية سنة 64 قبل الميلاد لتصبح أنطاكية "هاتاي" مقاطعة رومانية.
اعترف الرومان بحقوق معينة لأنطاكية وساعدوا في البناء في المدينة، إذ شيدت أسوار للمدينة، والأكروبوليس، والمدرج، والمحاكم، والحمامات والقنوات المائية. وذلك سنة 42 قبل الميلاد؛ إذ كانت هاتاي من أكبر مدن العالم بعد روما والإسكندرية وأفسس، وأصبحت مركز التعلم والعلم والدين والتجارة في الشرق الأدنى.
دمرت بالكامل بسبب زلزال ثم أعيد بناؤها
لم تكن مدينة هاتاي مستقرة لعدة فترات من الزمان بفعل الزلازل وأعمال الشغب والعنف الشديد الذي تسبب في مقتل غالبية سكانها سنة 71 للميلاد، فيما دمر حريق كبير مكتبة المدينة والمباني الدينية بالإضافة إلى العديد من المنازل.
أعادت إمبراطورية تراجان بناء المدينة إذ بنيت معابد دينية ومرافق إدارية، دخلت المسيحية إلى المدينة في عهد بطرس ما جمع العديد من المتحولين الجدد إلى المسيحية، على الرغم من أنه أُجبر على العبادة في كهف سري معروف اليوم باسم مغارة القديس بطرس.
مع زيادة عدد المسيحيين بالمدينة ازداد عدد المصلين، ليتم توسيع الكهف وتم حفر الأنفاق كحماية من هجمات العدو. لا يزال هذا الكهف اليوم موقعاً مهماً للحج بالنسبة للمسيحيين. انتشرت المسيحية بسرعة وأصبحت أنطاكية واحدة من أهم مراكز الإيمان.
عند تقسيم الإمبراطورية الرومانية سنة 396 للميلاد أصبحت هاتاي تابعة لروما الشرقية "أي بيزنطة"، قبل أن تفتح المدينة من قبل المسلمين العرب سنة 638 ثم من قِبل العثمانيين سنة 1097، لتسقط المدينة مرة أخرى في يد الصليبيين رغم محاولات المسلمين أكثر من مرة استرجاعها.
استولى على هاتاي المغول سنة 1260، ثم فتحت على يد السلطان العثماني سليم الأول سنة 1520 لتصبح تابعة إلى الإمبراطورية العثمانية فيما بعد.
بعد معاهدة مونترو في عام 1918، انتقلت إدارة أنطاكية إلى الفرنسيين. في 5 يوليو /تموز سنة 1938، بعد سنوات من الصراع، دخل الجيش التركي مدينة هاتاي. بعد أحد عشر شهراً، من خلال استفتاء وتصويت في جمعية هاتاي، في 23 يوليو/تموز 1939، انضمت إلى الجمهورية التركية.
المواقع التاريخية في هاتاي
كانت هاتاي ذات يوم عاصمة الملوك السلوقيين واشتهرت الحياة التي عاشوها في أنطاكية بترفها ومتعتها خلال العصر الروماني. كانت المدينة مركز المسيحية وقد زارها القديس برنابا والقديس بولس والقديس بطرس. كما اشتهرت المدينة بأنها مركز للأنشطة الفنية والعلمية والتجارية.
يستحق متحف هاتاي اهتماماً خاصاً؛ لأنه يضم واحدة من أغنى مجموعات الفسيفساء الرومانية، كونها الأكبر من نوعها في العالم.
من بين أهم الأماكن السياحية التاريخية في هاتاي:
قلعة دار بيسلك:
وهي قلعة بنيت في عهد الإمبراطورية العثمانية، توجد في الجهة الغربية باتجاه البحر وبنيت بغرض صد الغزوات البحرية آنذاك.
سوق أوزون هاتاي:
عبارة عن سوق تاريخي يعود تاريخ إنشائه إلى فترة حكم السلاجقة، وهو واحد من المباني التاريخية العريقة والقديمة يمكن لك إيجاد كل نوع من السلع التي قد تحتاج إليها فيه كسائح، إضافة لوجود عدد كبير مما يمكنك شراؤه كهدية تذكارية، وإن أهم ما يشتهر سوق أوزون هاتاي به هو العطارة والتوابل التركية.
كما حصلت المدينة سنة 2017 على لقب الإبداع في فن الطهو؛ إذ يقال إن 13 حضارة عالمية أثرت وشكلت هويتها الذواقة مع مطابخ من الشرق الأوسط والأناضول والبحر الأبيض المتوسط.