قالت صحيفة The Guardian البريطانية في تقرير نشرته السبت 4 فبراير/شباط 2023، إن عائلة بريطانية أرستقراطية قررت السفر إلى منطقة البحر الكاريبي والاعتذار علناً عن امتلاكها لأكثر من 1000 إفريقي مستعبد. وقررت العائلة التي تدعى تريفيليان، والتي كانت تضم العديد من الشخصيات البارزة، دفع تعويضات لشعب غرينادا، التي كانت تمتلك فيها ست مزارع قصب.
حيث اجتمع أفراد العائلة عبر الإنترنت واتفقوا على توقيع خطاب اعتذار عن استعباد الأفارقة. وقد وقع الخطاب 42 فرداً من العائلة حتى الآن، ويتوقع أن تضاف إليه المزيد من التوقيعات.
جدير بالذكر أنه في عام 1835، تلقت عائلة تريفيليان 26898 جنيهاً إسترلينياً (32424 دولاراً)، وهو مبلغ ضخم في ذلك الوقت، من الحكومة البريطانية تعويضاً عن إلغاء العبودية قبلها بعام.
أما العبيد من الرجال والنساء والأطفال فلم يتلقوا شيئاً وأُجبروا على العمل ثماني سنوات أخرى دون أجر كـ"متدربين".
من جهتها، تبرعت مراسلة هيئة الإذاعة البريطانية المقيمة في نيويورك، لورا تريفليان، بصندوق قيمته 100 ألف جنيه إسترليني، وسيُطلقه رسمياً في غرينادا السير هيلاري بيكلز، رئيس لجنة تعويضات كاريكوم، وأفراد من عائلة تريفيليان يوم 27 فبراير/شباط 2023. وكاريكوم Caricom، أو مجتمع الكاريبي Caribbean Community، منظمة مكونة من 15 دولة في المنطقة.
خطوة تاريخية تخص الاستعباد
قالت نيكول فيليب داوي، نائبة رئيس لجنة التعويضات الوطنية في غرينادا: "هذه الخطوة تاريخية، فهي شجاعة حقيقية أن تعترف عائلة وتقول إن أجدادها "ارتكبوا جرماً مريعاً، وأظن أن علينا أن نتحمل بعض المسؤولية عن ذلك. الخطوة التي اتخذتها عائلة تريفيليان تستحق الإشادة وأتمنى أن يحذو آخرون حذوها".
من جانبه، يرى جون داور، وهو فرد آخر من أفراد الأسرة ساهم بدور محوري في قرار الاعتذار العلني، أن تورُّط أجداد تريفليان في العبودية "يصل إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية". وقال: "نريد أن نكون مثالاً يحتذي به الآخرون".
يذكر أنه في عام 2016، بدأ داور يدرس تاريخ العائلة، مع قريبه همفري تريفيليان. فبحثا عن اسم تريفيليان في قاعدة بيانات العبودية بجامعة كوليدج بلندن. وقال داور: "هالني ما قرأته لأنني اكتشفت أن أجدادي كانوا يمتلكون 1004 عبيد في ست مزارع. وأنا كنت أظن أنني أنتمي لعائلة فاضلة تخدم الناس".
الاستعباد في منطقة الكاريبي
أبلغ داور أقاربه بالمعلومات التي حصل عليها، وكان من ضمنهم ابنة عمه لورا تريفيليان. تقول لورا: "لو أن أحداً تنطبق عليه صفة "فوقية العرق الأبيض"، فهو أنا بكل تأكيد، فأنا من عائلة مالكي العبيد في منطقة الكاريبي. موقفي الاجتماعي والمهني بعد ما يقرب من 200 عام من إلغاء العبودية يظل مرتبطاً بأجدادي الذين كانوا يتملّكون العبيد، ويستخدمون أرباح مبيعات السكر لجمع الثروة وتسلق السلم الاجتماعي".
من جهة أخرى، فقد سبق أن ذهبت لورا العام الماضي، إلى غرينادا لتستكشف ماضي عائلتها المظلم في فيلم وثائقي بثته محطة BBC، وأدركت أن سنوات العبودية لا تزال تؤثر على راحة الناس هناك. وهي تعمل من حينها مع بيكلز للتعويض عن دور تريفيليان في العبودية.
من جانبه، يقول داور إن اعتذاراً رسمياً مخلصاً وكاملاً هو الخطوة الأولى في خطة عمل كاريكوم للتعويض المكونة من 10 مراحل. وجاء في نص اعتذار العائلة: "نحن الموقعين أدناه نعتذر عن تصرفات أجدادنا واستعبادهم لأجدادكم. العبودية كانت ولا تزال غير مقبولة ومقيتة. وآثارها المؤذية لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا. ونحن نعلن رفضنا لتورط أجدادنا فيها".
في حين طلبت العائلة أن تقدم المملكة المتحدة اعتذاراً أيضاً، وقالت: "نحث الحكومة البريطانية على الدخول في مفاوضات مع حكومات منطقة البحر الكاريبي لتقديم تعويضات مناسبة، من خلال كاريكوم وهيئات مثل لجنة التعويضات الوطنية في غرينادا".