حظيت كييف بدفعة معنوية كبيرة، الأربعاء 1 فبراير/شباط 2023، بعد الأنباء التي تحدثت عن احتمال إرسال الولايات المتحدة الأمريكية صواريخ إلى أوكرانيا، يساوي مداها مثلَي مدى الصواريخ الموجودة لدى القوات الأوكرانية، وذلك في وقت تشهد فيه كييف تراجعاً أمام هجوم روسي لا هوادة فيه شرق البلاد.
مسؤولان أمريكيان نقلت عنهما وكالة رويترز، القول إن حزمة جديدة من المساعدات العسكرية بقيمة ملياري دولار سيُعلن عنها هذا الأسبوع في أقرب تقدير، وستشمل لأول مرة، "القنابل الأرضية صغيرة القُطر"، وهي سلاح جديد صممته شركة بوينغ.
تلك الصواريخ يمكنها أن تضرب أهدافاً على بعد أكثر من 150 كيلومتراً، وهو ما يزيد كثيراً على مدى يصل إلى 80 كيلومتراً لصواريخ منظومة "هيمارس" التي غيرت دفة الحرب، عندما أرسلتها واشنطن إلى أوكرانيا في صيف 2022.
قد يعني ذلك أن كل شبر من الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا، باستثناء معظم مناطق شبه جزيرة القرم، يمكن أن يكون في مرمى نيران القوات الأوكرانية قريباً، مما يجبر موسكو على نقل بعض الذخيرة ومواقع تخزين الوقود إلى روسيا نفسها.
ميخايلو بودولياك مساعد الرئيس الأوكراني، قال إن المحادثات جارية بشأن إرسال الصواريخ ذات المدى الأبعد، إلى جانب محادثات متعلقة بطائرات هجومية، في حين قال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين، إن إرسال أسلحة أمريكية ذات مدى أبعد سيؤدي إلى تصاعد الصراع.
من جانبه، أظهر الكرملين تحدياً في وجه الصواريخ الأمريكية، وقال إن تسليم الولايات المتحدة صواريخ بعيدة المدى إلى أوكرانيا "لن يغير مسار الأحداث"، وإن روسيا ستواصل هجومها مهما كلف الأمر، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
يأتي الإعلان الأمريكي المتوقع، بعد أسبوع من تعهد دول غربية بتقديم عشرات الدبابات القتالية المتطورة لأوكرانيا للمرة الأولى، وذلك في انفراجة تهدف إلى منح كييف القدرة على استعادة الأراضي التي سيطرت عليها روسيا هذا العام.
لكن وصول الأسلحة الجديدة لن يكون قبل أشهر، وفي غضون ذلك، اكتسبت روسيا زخماً في ساحة المعركة للمرة الأولى منذ منتصف عام 2022، في معارك شتوية عنيفة وصفها الجانبان بأنها "مفرمة لحم".
موسكو كانت قد أعلنت في الأيام القليلة الماضية، عن تقدم إلى الشمال والجنوب من مدينة باخموت، التي تمثل هدفها الرئيسي منذ شهور، وتنفي كييف العديد من هذه المزاعم.
من جانبه، قال جندي في وحدة أوكرانية مؤلفة من متطوعين من بيلاروسيا لوكالة رويترز من داخل المدينة، إن القوات تقاتل من مبنى إلى آخر في باخموت لتحقيق مكاسب لا تتجاوز مئة متر في الليلة، مضيفاً أن المدينة تتعرض لقصف روسي متواصل، فيما تجري القوات الروسية مناورات؛ في محاولة لتطويقها.
بدورها، قالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية في وقت متأخر من يوم الثلاثاء 31 يناير/كانون الثاني 2023، إن قواتها تعرضت لإطلاق نار في باخموت وقريتين عند مداخلها الجنوبية.
كذلك شنت روسيا هجوماً كبيراً جديداً هذا الأسبوع على فوليدار التي تقع جنوبي باخموت، وهي منطقة تسيطر عليها أوكرانيا عند تقاطع خطوط المواجهة الجنوبية والشرقية، وتقول كييف إن قواتها ما زالت صامدة هناك.
من شأن استيلاء روسيا على باخموت أن يكون خطوة نحو تحقيق هدف السيطرة الكاملة على منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا، لكن كييف تقول إن المكاسب الروسية في الأسابيع القليلة الماضية كانت انتصارات باهظة الثمن تكبدت في مقابلها كثيراً من أرواح الجنود والمرتزقة المجندين من السجون الروسية.
أوكرانيا بحاجة لطائرات
أمام هذا المشهد، وبعد أن أقنعت حكومة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي دولاً في حلف شمال الأطلسي أخيراً بإمدادها بدبابات قتالية حديثة، فإنها تضغط بقوة للحصول على طائرات مقاتلة.
لكن الولايات المتحدة وبريطانيا استبعدتا إرسال مقاتلاتهما المتطورة، إلا أن دولاً أخرى تركت الباب مفتوحاً، إذ قال وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو، في باريس بعد لقائه بنظيره الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، أمس الثلاثاء، إنه "ليست هناك محظورات" فيما يتعلق بإمداد كييف بالطائرات المقاتلة.
يرفض الغرب حتى الآن إرسال أسلحة يمكن استخدامها لهجوم في عمق روسيا؛ خشية اندلاع صراع أوسع نطاقاً، لكن موسكو تقول إن التعهدات الغربية بالأسلحة تعني أنها تخوض فعلياً حرباً مع حلف شمال الأطلسي.
يُذكر أنه منذ 24 فبراير/شباط 2022، تشن روسيا هجوماً عسكرياً على جارتها أوكرانيا، ما دفع عواصم، في مقدمتها واشنطن، إلى فرض عقوبات اقتصادية شديدة على موسكو.