تعيش دول أوروبية مختلفة موجة مظاهرات وإضرابات واسعة لم تشهدها منذ سنوات، احتجاجاً على الأزمة الاقتصادية التي تسببت في تدهور المستوى المعيشي للمواطنين، وعلى غرار فرنسا التي شهدت "ثلاثاء أسود" بسبب قانون التقاعد، شارك في بريطانيا، الأربعاء 1 فبراير/شباط 2023، معلمون وموظفون بالقطاع العام للمطالبة برفع الأجور والتنديد بقانون جديد يهدف لتقييد الإضرابات في بعض القطاعات، وفي بلجيكا نظم عاملو القطاع الصحي بدورهم تظاهرة واسعة مطالبين بتحسين ظروف عملهم.
وكالة الأنباء الفرنسية قالت إن إضراب بريطانيا يشارك فيه المعلمون وموظفو القطاع العام وسائقو القطارات والمحاضرون الجامعيون، فيما يُعد أكبر عمل منسق لعقود، ومن المتوقع أن يتسبب في تعطيل الأعمال على نطاق واسع، فيما قال متحدث باسم رئيس الوزراء ريشي سوناك: "نحن على ثقة بأن هذا سيعطل حياة الناس، ولهذا نعتقد أن المفاوضات وليس الإضراب هي النهج الصحيح".
ويقدر قادة النقابات عدد المشاركين بما يصل إلى 500 ألف، وقال بول نواك، الأمين العام لمؤتمر نقابات العمال الذي يضم تحت مظلته عدداً من النقابات: "بعد سنوات من انخفاض الأجور القاسي، شهد الممرضون والمعلمون والملايين من الموظفين الحكوميين الآخرين تدهوراً في مستوياتهم المعيشية، ويتأهبون ليعانوا من المزيد من البؤس بسبب الأجور".
وأضاف: "بدلاً من التخطيط لطرق جديدة لمهاجمة الحق في الإضراب، يجب على الوزراء رفع الرواتب على مستوى القطاعات الاقتصادية مع البدء بزيادة مناسبة لرواتب العاملين في القطاع العام".
مئات آلاف الموظفين يشاركون في إضراب بريطانيا
سيشارك في الإضراب نحو 300 ألف معلم و100 ألف موظف حكومي تقريباً من أكثر من 120 إدارة حكومية، وعشرات الآلاف من المحاضرين الجامعيين والعاملين في قطاع السكك الحديدية.
ومن المقرر أن يقوم ممرضون ومسعفون وموظفو اتصالات الطوارئ وغيرهم من العاملين في قطاع الرعاية الصحية بمزيد من الإضرابات، كما دعمت فرق الإطفاء هذا الأسبوع فكرة تنظيم إضراب على مستوى البلاد.
واتخذت حكومة سوناك نهجاً صارماً حتى الآن مع إضرابات القطاع العام، قائلة إن الاستسلام لمطالب الزيادات الكبيرة في الأجور لن يؤدي سوى إلى زيادة التضخم.
وشهدت بريطانيا موجة من الإضرابات، بداية من العاملين في قطاعي الصحة والنقل إلى العاملين في مستودعات أمازون وموظفي البريد الملكي، مع زيادة معدل التضخم إلى أكثر من 10%، في أعلى مستوى منذ أربعة عقود.
ويطالب المضربون بزيادات في الأجور أعلى من معدلات التضخم لتغطية تكاليف الغذاء والطاقة التي يقولون إنها تزيد الضغوط الحادة عليهم، وتشعرهم بغياب التقدير، إذ لا تكفي للوفاء باحتياجاتهم.
احتجاجات في بلجيكا
وفي بلجيكا تجمّع الآلاف أمام محطة القطار الشمالية في العاصمة بروكسل، قبل أن يسيروا نحو محطة القطار الجنوبية، بمشاركة أكبر ثلاث نقابات في البلاد، وردد المتظاهرون هتافات تنتقد ظروف العمل غير المواتية والرواتب الضعيفة وعبء العمل الكبير عليهم بسبب النقص في الموظفين.
كما شهدت المظاهرة مشاركة العاملين في تقديم الرعاية الصحية بالمنازل وموظفي دور العجزة والمربيات، فضلًا عن عاملي المستشفيات.
وينظم موظفو الدولة في بلجيكا بشكل دوري مظاهرات، ويضربون عن العمل بذريعة عدم تحسين أجورهم مقابل زيادة أسعار الطاقة وتكاليف المعيشة الباهظة.
وقبل بلجيكا وبريطانيا خرج فرنسيون في احتجاجات، الثلاثاء، ضد إصلاح نظام التقاعد الذي اقترحه الرئيس إيمانويل ماكرون، وذلك على خلفية بدء النقاش البرلماني حول نص المشروع المثير للجدل.
ويأتي ذلك بعد مظاهرات وإضرابات واسعة شهدتها البلاد في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، وتصاعدت حدة التوتر سياسياً واجتماعياً، الإثنين، لا سيما مع تحذير النقابات من حدوث مزيد من الاضطرابات التي حمّلت ماكرون ووزراءه مسؤوليتها، والتي من شأنها شل وسائل النقل العام والمدارس وخدمات أخرى.