صنف الموقع الأميركي العالمي "تريب أدفايزر"، مدينة فاس كأفضل وجهة ثقافية عالمية يجب زيارتها سنة 2023.
ففاس مدينة واقعة في شمال وسط المغرب، تعتبر ثاني أكبر مدينة بعد الدار البيضاء والعاصمة العلمية لها، تأسست في 4 يناير/كانون الثاني سنة 789، على يد إدريس الثاني الذي جعلها عاصمة لدولة الأدارسة التي حكمت المغرب ما بين سنة 788 إلى 927.
تنقسم العاصمة العلمية إلى ثلاثة أقسام وهي:
- فاس البالي: أي المدينة القديمة لفاس.
- فاس الجديد أي المدينة التي بُنيت خلال القرن الثالث عشر.
- المدينة الجديدة أي المدينة التي بنيت إبان الاحتلال الفرنسي.
يقال إن سبب تسميتها بفاس يعود إلى يوم دخول إدريس الأول إلى المغرب فاراً من الاضطهاد العباسي، شاء الله أن يستقر وجيشه في منطقة ما، فضرب بالفأس فيها ليبدأوا البناء، ولذلك سميت مدينة فاس بسبب ضربة الفأس.
فيما تقول رواية أخرى إن أصل التسمية يعود للكلمة الأمازيغية أفاس وتعني اليمين، إذ كان موقع المدينة بالنسبة للقوافل التجارية في عهد تأسيسها يقع على الجهة اليمنى.
الجامعة بين الحرارة والبرودة
تتميز فاس بمناخها المتوسطي ذي التأثير المناخي القاري القوي، حيث يتبدل المناخ من درجات حرارة باردة نسبياً وطقس ممطر خلال فصل الشتاء ليصبح المناخ جافاً وحاراً خلال أشهر فصل الصيف من شهر يونيو/حزيران حتى سبتمبر/أيلول.
تتميز المدينة بغزارة المياه، حيث تمتص الطبقات الكلسية في الأطلس المتوسط لتكون منطقة من المياه الجوفية تتفجر منها في سهل يسمى سهل سايس ينابيع كثيرة تتجمع وتتحد، لتغذي نهر فاس.
كما تعرف المدينة بالينابيع التي تتفجر من العدوات الشديدة الانحدار التي حفرها نهر فاس مسيلاً له. وتمتد المدينة قنوات المياه مثل الشرايين لتصل إلى كل مسجد ومدرسة وبيت، وتتفجر فيها عيون نهر سبو وروافده. وهو ما جعل المدينة ذات موقع استراتيجي، واستطاعت أن تصمد تحت الحصارات المتتالية عبر التاريخ.
لفاس العديد من الأماكن السياحية التاريخية، سواء كانت أبواباً أو قلاعاً، بالإضافة إلى مدارس وجامعات.
جامعة القرويين الأقدم في العالم
عند التفكير في أقدم جامعة في العالم قد تتبادر إلى الأذهان أنها أوكسفورد أو جامعة بولونيا، ولكن وفقاً لليونسكو وموسوعة غينيس للأرقام القياسية، فإن جامعة القرويين هي "أقدم مؤسسة تعليمية موجودة وتعمل باستمرار في العالم".
حسب موقع "daily sabah" تأسست الجامعة عام 859 م على يد فاطمة الفهري في مدينة فاس بالمغرب، وهي ليست أقدم مؤسسة للتعليم العالي على وجه الأرض فحسب، بل هي أيضاً أول جامعة أسستها امرأة، ومسلمة في ذلك الوقت.
استخدمت فاطمة ميراثها من ثروة والدها لتأسيس مسجد تطور في النهاية إلى مكان للتعليم العالي. كما أدخلت نظام منح الدرجات وفق مستويات الدراسة المختلفة في مجموعة من المجالات، مثل الدراسات الدينية والنحو والبلاغة.
على الرغم من أن الجامعة ركزت في البداية على التعليم الديني، إلا أن مجالات دراستها توسعت بسرعة لتشمل المنطق والطب والرياضيات وعلم الفلك، من بين أشياء أخرى كثيرة.
بفضل المجموعة الواسعة من الموضوعات والجودة العالية للتعليم الذي تقدمه، قام العلماء والطلاب من جميع أنحاء العالم الإسلامي بزيارة المؤسسة والتسجيل فيها. أصبحت شعبيتها ساحقة؛ لدرجة أن الجامعة قدمت نظام اختيار صارماً.
مدرسة الصفارين التاريخية
تعد مدرسة الصفارين من المدارس التاريخية بفاس البالي، إذ تعتبر أولى المدارس التي بنتها الدول المرينية التي حكمت المغربي ما بين 1244 و1465، بُنيت المدرسة سنة 1320 للميلاد على يد أبي يوسف يعقوب المريني.
أبو يوسف المريني هو مؤسس الإمبراطورية المرينية في المغرب، تولى زعامة البلاد بعد وفاة أخيه أبي يحيى بن عبد الحق سنة 1258.
سُميت بهذا الاسم لوجودها بين المتاجر المعروفة بصناعة القدور النحاسية. وكانت تعرف في السابق باسم مدرسة الحلفاويين، وعرفت أيضاً بالمدرسة اليعقوبية، ولا تزال المدرسة تحتفظ بآثار فنية بديعة. تميزت مدرسة الصفارين بمكتبتها القيمة، وقد ألحقت المكتبة بجامعة القرويين.
المدرسة البوعنانية والحكم المريني
أسست المدرسة البوعنانية ما بين 1350 و1355 على يد السلطان أبو عنان المريني وهو حاكم مريني حكم المغرب ما بين 1348 و1358 م.
تعتبر المدرسة من بين الأماكن التاريخية بفاس والمغرب، فبالإضافة إلى دورها كمؤسسة لتعليم وإقامة الطلبة، كانت تقام فيها صلاة الجمعة. وهي تتوفر على صومعة جميلة البناء والزخرفة، إضافة إلى ساعة مائية تقنية تشغيلها مجهولة.
إقامة ملكية تحوَّل إلى متحف
يعد متحف البطحاء من بين أشهر الأماكن السياحية في مدينة فاس وأقدمها، بُني في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، كان من المقرر أن يكون مكاناً لإقامة السلطان بالمدينة، ليتحول فيما بعد إلى متحف في بدايات القرن الماضي.
تتميز ديكورات المتحف جميعها بالطابع الأندلسي الجميل، بالإضافة إلى ساحة المتحف التي تضم عدداً كبيراً من النباتات المعمرة ونوافير مياه فخمة وأحجار فسيفساء ملونة.
روض الأمراء والأميرات "جنان السبيل"
يعتبر "جنان السبيل" بالعاصمة العلمية المغربية، والذي يسمى أيضاً جنان بوجلود، من أجمل الحدائق على المستوى الوطني، وهو يمتد على مساحة تناهز 8 هكتارات، ويقع قرب ساحة باب بوجلود التاريخية.
شُيد جنان السبيل خلال القرن 18 من طرف السلطان المولى عبد الله العلوي أحد السلاطين العلويين الذين حكموا المغرب، ليصبح بعد ذلك روضاً مخصصاً للأمراء والأميرات محاطاً بأسوار عالية، يضاهي في شكله وطرازه الحدائق الموجودة في الأندلس.
فتح الجنان في وجه العموم سنة 1917 ويعتبر أكبر وأعرق حديقة في العاصمة العلمية للمغرب.. يزخر "جنان السبيل" بحوالي ألف نوع من المغروسات المختلفة، جعلته وارف الظلال، ومفعماً بالهدوء والسكينة، لا تكسرهما إلا تغاريد الطيور وزقزقاتها فوق أشجارها التي تعانق عنان السماء.
كما تتميز الحديقة بممراتها الجميلة التي ما إن يسلكها الزوار حتى يجدوا أنفسهم فوق قناطر خشبية أقيمت على مجارٍ مائية ينساب فيها ماء وادي الجواهر هادئاً، قبل أن يحط رحلته في بركة فسيحة تلامس أحد الأسوار العتيقة لحي فاس الجديد.