حثّ وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الإثنين 30 يناير/كانون الثاني 2023، تل أبيب والجانب الفلسطيني على اتخاذ خطوات لتهدئة التوتر المتصاعد خلال الآونة الأخيرة، وذلك خلال زيارته للأراضي المحتلة، بعد اقتحام عنيف لمخيم جنين، الخميس الماضي، هو الأكبر منذ سنوات.
وقال بلينكن لدى وصوله إلى مطار بن غوريون الدولي، إن على الجميع اتخاذ خطوات لتهدئة التوتر في المنطقة، فيما أكد "إدانة كل من يحتفون بأعمال الإرهاب"، وقال إنه "لا يوجد مبرر أبداً لأعمال العنف ضد المدنيين"، بحسب ما نقلته قناة "الحرة" الأمريكية.
دعم أمن إسرائيل
أضاف في حديثه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أنه "من المهم أن يعرف شعب إسرائيل أن التزام أمريكا تجاه أمنه لا يزال صلباً"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن واشنطن "مستمرة في دعم التمسك بالوضع القائم في المواقع المقدسة بالقدس"، وأضاف: "أي شيء يبعدنا عن حل الدولتين يضر بأمن إسرائيل على المدى الطويل".
وإسرائيل هي المحطة الثانية للوزير الأمريكي في جولته الحالية التي بدأها من مصر وينهيها غداً بزيارة للسلطة الفلسطينية، كما أن بلينكن هو ثالث مسؤول أمريكي رفيع المستوى يزور المنطقة منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي.
واستهل بلينكن زيارته بلقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يليه وزير الخارجية إيلي كوهين ثم الرئيس إسحاق هرتسوغ.
تهدئة التوتر
وبينما ركز سهام النقد على واقعة إطلاق نار نفذها فلسطيني خارج معبد يهودي، مما جعل إسرائيل في حالة تأهب قصوى، حذّر بلينكن أيضاً من أي عمل رداً على ذلك.
وقال بلينكن للصحفيين بعد هبوط طائرته في تل أبيب: "مسؤولية الجميع اتخاذ خطوات لتهدئة التوتر بدلاً من تأجيجه"، مضيفاً أن حادث يوم الجمعة 27 يناير/كانون الثاني، "كان أكثر من مجرد هجوم على أفراد. كان هجوماً على… ممارسة المرء لعقيدته. إننا نندد به بأشد العبارات".
أضاف: "ونحن نستنكر أيضاً كل احتفاء بهذه الأعمال الإرهابية وأي أعمال إرهابية أخرى تودي بحياة الأبرياء، بغض النظر عن هوية الضحايا أو ما يؤمنون به. الدعوات للانتقام من المزيد من الضحايا الأبرياء ليست الحل".
عنف إسرائيلي
كان رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، حث مزيداً من المواطنين على حمل السلاح كإجراء احترازي في مواجهة مثل هذه الهجمات في الشوارع. لكنه حذّر الإسرائيليين أيضاً من اللجوء إلى العنف.
والجمعة 27 يناير/كانون الثاني، قُتل 8 إسرائيليين وأصيب آخرون في عملية نفذها الشهيد الفلسطيني خيري علقم في القدس المحتلة، حيث ترجل من سيارته وفتح النار على المارة على بعد نحو 100 متر من كنيس يهودي في مدينة القدس، بحسب تفاصيل نشرتها صحيفة معاريف الإسرائيلية.
وجاءت العملية رداً على اقتحام مخيم جنين، الخميس 26 يناير/كانون الثاني، مما أسفر عن استشهاد 9 بينهم سيدة مسنة، فضلاً عن عشرات الجرحى، إثر عملية عسكرية "واسعة" لقوات الاحتلال الإسرائيلي على مدار 4 ساعات؛ ما تسبب باندلاع اشتباكات بينها وبين عشرات الفلسطينيين ودمار كبير في المباني والممتلكات.
وقال مسؤولون فلسطينيون إن مستوطنين إسرائيليين أضرموا النيران، اليوم الإثنين، في سيارتين بالقرب من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، ورشقوا منزلاً بالقرب من رام الله بالحجارة، بعد هجوم مماثلٍ أمس الأحد.
وفي إراقة جديدة للدماء، قال مسؤولون فلسطينيون إن القوات الإسرائيلية قتلت رجلاً يبلغ من العمر 26 عاماً، عند نقطة تفتيش بالضفة الغربية المحتلة. وقال الجيش إن القوات فتحت النار على سيارة الرجل بعدما صدم أحد أفراده وحاول الفرار من التفتيش.
تصعيد في الضفة
ومنذ أشهر تشهد الضفة الغربية تصعيداً ملحوظاً في التوتر؛ جراء اقتحامات واعتقالات إسرائيلية تفجر اشتباكات بين الجيش الإسرائيلي والمستوطنين من جهة والفلسطينيين من جهة أخرى.
وكان متحدث الخارجية الأمريكية نيد برايس، قال في وقت سابق من الإثنين، إن بلينكن ناقش في مصر الجهود الجارية لخفض التوتر بين إسرائيل والفلسطينيين خلال اجتماع مع الرئيس عبد الفتاح السيسي.
والأحد 29 يناير/كانون الثاني، وصل وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إلى القاهرة، في مستهل جولة بالشرق الأوسط تستمر 3 أيام، تتزامن مع تزايد التوتر في الأراضي الفلسطينية، فيما يتضمن جدول أعمال الزيارة مناقشة ملفي إيران والحرب في أوكرانيا.
دعوة للتهدئة
وسيكرر بلينكن في محادثاته مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة، التي تضم أحزاباً قومية متطرفة، تسعى لتوسيع مستوطنات الضفة الغربية، دعوات الولايات المتحدة للتهدئة، وسيؤكد دعم واشنطن لحل الدولتين، رغم أن المسؤولين الأمريكيين يقرون بأن إجراء محادثات سلام على مدى أطول، أمر غير مرجح في المستقبل القريب.
من جانب آخر، أوضح بلينكن أنه بحث مع نتنياهو دفاع أوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي، كما تناول الطرفان الملف الإيراني، حيث صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه "سيفعل كل شيء في مقدور إسرائيل لمنع إيران من حيازة أسلحة نووية وسبل إطلاقها".
وسيتوجّه أنتوني بلينكن أيضاً إلى رام الله للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ومسؤولين فلسطينيين، وأعضاء في المجتمع المدني.