كشف مسؤولون فلسطينيون لموقع Axios الأمريكي أن اجتماع الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جاك سوليفان، الأسبوع الماضي، كان قاتماً، ولم يحرز الكثير من التقدم.
إذ يعكس مضمون الاجتماع المستوى المتصاعد في التوتر في الأراضي الفلسطينية، وقد أعربت الولايات المتحدة عن قلقها إزاء سياسات الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، وحذر الفلسطينيون من أن الوضع سيزداد سوءاً.
فيما تصاعدت التوترات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية منذ شهور، لكنها تفاقمت أكثر في وقت سابق من يناير/كانون الثاني، عندما فرضت الحكومة الإسرائيلية الجديدة عقوبات على السلطة الفلسطينية بسبب مساعيها الأخيرة لمحكمة العدل الدولية لإصدار رأي قانوني بشأن الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية.
قلق لدى السلطة الفلسطينية
وتخشى السلطة الفلسطينية أن تؤدي العقوبات الإسرائيلية الإضافية إلى تصعيب دفع رواتب موظفيها في الوقت نفسه، إذ استمر تدهور الوضع في الضفة الغربية، فيما ظلت التوترات عالية في العديد من مدن الضفة الغربية، حيث شن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات ليلية، أدت إلى استشهاد نحو 150 فلسطينياً، فيما يقول الاحتلال إنه يستهدف المقاومة، رغم أن الشهداء يشملون عدة أطفال وأشخاص لا تربطهم علاقة بالمقاومة الفلسطينية.
وقال مسؤولون فلسطينيون إن السلطة الفلسطينية ستواصل إثارة قضية "الأفق السياسي" أو العملية الدبلوماسية في "الصراع الإسرائيلي الفلسطيني". وأضافت السلطة الفلسطينية لسوليفان أنها ستستخدم جميع الوسائل السياسية والدبلوماسية -في الأمم المتحدة والمحاكم الدولية- للدفاع عن نفسها، بحسب المسؤول الفلسطيني الكبير.
وسبق أن قالت إسرائيل إن مزاعم الفصل العنصري لا أساس لها من الصحة، ونفت الاتهامات بأنها تضطهد الفلسطينيين، وتخطط السلطة الفلسطينية لمواصلة جهودها للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وهي دفعة حذرها المسؤولون الأمريكيون من أنها ستزيد الوضع سوءاً.
من جانبه، أكد سوليفان من جديد على "اهتمام الإدارة الأمريكية بتعزيز التواصل مع السلطة الفلسطينية"، بحسب البيت الأبيض، إذ أكد بيان له أنهما بحثا أيضاً "دعم الولايات المتحدة للسلام، والحفاظ على الطريق نحو مفاوضات، ودفع إجراءات متساوية من الأمن والازدهار والحرية للإسرائيليين والفلسطينيين"، على حد قوله.
عباس مستعد للقاء نتنياهو
فيما قال مسؤولان إسرائيليان لصحيفة Times of Israel الإسرائيلية، إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قال لسوليفان إنه مستعد للقاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، رغم الطبيعة المتشددة للحكومة الإسرائيلية الجديدة.
وقال مسؤول فلسطيني تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: "يُظهِر هذا العرض جدية الرئيس. فرغم الطبيعة المتطرفة لهذه الحكومة وتجربتنا مع نتنياهو، فإننا لا نغلق الباب أمام المفاوضات".
وفي زيارته للقدس، أوضح سوليفان لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إدارة بايدن قلقة بشأن خطته للإصلاح القضائي وتأثيرها على المؤسسات الديمقراطية الإسرائيلية، حسبما قال ثلاثة مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين كبار.
وعندما استعد سوليفان لرحلته إلى القدس، لم تكن الخطة القضائية للحكومة الإسرائيلية في قائمة أولوياتها للاجتماع، ولا يعتقد كثيرون داخل الإدارة أن على الولايات المتحدة التأثير على هذه الخطة.
لكن مع تصاعد الجدل الداخلي، أدرك البيت الأبيض أن هناك حاجة لتوضيح موقفه من الخطة، على حد قول المسؤولين الأمريكيين.
قبل وقت قصير من وصول سوليفان إلى القدس الأسبوع الماضي، ألغت المحكمة العليا الإسرائيلية تعيين وزير نتنياهو الكبير أرييه درعي، واستخدمت الحكومة الحكم لتصعيد لهجتها ضد المحكمة العليا والتأكيد على دعمها لمظالمها من النظام القضائي.
وقال مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون إنه خلال اجتماع سوليفان ونتنياهو في اليوم التالي، كان رئيس الوزراء هو أول من طرح خطته القضائية وحاول شرحها، فيما كشف مسؤول أمريكي أن سوليفان لم يعرب عن رأيه بشأن تفاصيل الخطة، ولكنه أعطى رسالة أكثر عمومية حول كيفية تأثيرها على القيم الديمقراطية المشتركة بين البلدين.
فيما قال مسؤول أمريكي كبير مطلع على المحادثة لموقع Axios: "عبَّر سوليفان لنتنياهو عن أهمية المؤسسات الديمقراطية، وفصل السلطات وسيادة القانون، والسمات التي تجعل الديمقراطيات، مثل إسرائيل، تزدهر بشكل فريد".
وقال مسؤولون إسرائيليون بدورهم إن أحد المخاوف التي أثارها سوليفان هو أنه حتى لو لم تكن هذه نية نتنياهو، فإن دفع مثل هذه الخطة المهمة إلى الأمام دون حوار، وفقط من خلال الأغلبية البرلمانية، قد يبدو غير ديمقراطي، وأفاد يارون أفراهام من القناة 12 الإسرائيلية أن نتنياهو أخبر سوليفان أنه يريد تمرير الخطة من خلال إجماع واسع في الكنيست، وأن نسختها النهائية لن تكون كما تبدو اليوم.