على الرغم من أن بلغاريا من أفقر دول الاتحاد الأوروبي، ولطالما وُصفت بأنها موالية لموسكو، إلا أن مسؤولين سابقين فيها كشفوا عن مساعدتها ساعدت أوكرانيا في الصمود أمام الهجوم الروسي في مرحلة مبكرة، بعد أن زوَّدوها سراً بكميات كبيرة من الوقود والذخيرة التي كانت في أشد الحاجة إليها، حسب ما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية.
كيريل بيتكوف، رئيس الوزراء البلغاري السابق، وأسين فاسيليف، وزير المالية السابق، قالا إن بلغاريا قدمت 30% من إمدادات الذخيرة السوفييتية التي احتاج إليها الجيش الأوكراني خلال الأشهر الثلاثة الأولى ذات الأهمية الحاسمة في التصدي للحملة الروسية، وأمدَّت بلادهما أوكرانيا بنحو 40% من احتياجات وقود الديزل في أكثر من مناسبة.
وانتقل بيتكوف وفاسيليف إلى صفوف المعارضة، لكنهما شاركا إلى جانب دميترو كوليبا، وزير الخارجية الأوكراني، في مقابلات مع صحيفة Die Welt الألمانية، تناولوا فيها الدور المهم الذي اضطلعت به بلغاريا سراً في الحرب الروسية الأوكرانية، على الرغم من أنها كانت ترفض رسمياً جميع طلبات تسليح أوكرانيا.
إذ قال كوليبا للصحيفة الألمانية: "لقد برهن كيريل على وفائه، وما زلت شاكراً له استخدام جميع مهاراته السياسية لإيجاد السبل لمساعدتنا. لقد قرر أن يكون في الجانب الصحيح من التاريخ، وأن يساعدنا في الدفاع عن أنفسنا في وجه عدو أقوى منا بكثير".
البلغاريون يخشون التورط بحرب!
اضطر بيتكوف إلى تقديم المساعدة سراً لأن الكرملين يحظى بتأييد واسع بين كثير من أبناء الطبقة السياسية في بلغاريا، وحتى بين شركائه في الائتلاف الاشتراكي. وقد أقال وزير دفاعه بعد أيام من الغزو الروسي لأوكرانيا لأنه كان يرفض الغزو ويصفه بأنه عمل من أعمال الحرب.
في غضون ذلك، أظهرت استطلاعات الرأي أن أكثر من 70% من البلغار يخشون التورط في الصراع، ويعارضون توريد الأسلحة إلى أوكرانيا، مع أن بلادهم لديها مخزونات كبيرة من الأسلحة والذخيرة السوفييتية التي كانت كييف في أمسِّ الحاجة إليها.
ومع ذلك، أشار كوليبا إلى أن بلغاريا بدأت في إرسال شحنات من الأسلحة إلى أوكرانيا في منتصف أبريل/نيسان، وقال: "علمنا أن بلغاريا لديها كميات كبيرة من الذخيرة اللازمة، لذلك [أُرسلت إلى هناك] لشراء المعدات اللازمة"، وقلت لهم إنها "مسألة حياة أو موت"، وردَّ بيتكوف بأنه واقع في وضع سياسي داخلي "صعب"، إلا أنه سيفعل "كل ما في وسعه" للمساعدة.
قال بيتكوف للصحيفة الألمانية إن صوفيا لم تزود أوكرانيا بالأسلحة والمعدات مباشرة، وإنما استعانت بوسطاء بلغار لبيعها إلى نظرائهم في أوكرانيا أو إلى دول من حلف الناتو، وأبقت سبل النقل مفتوحة عبر الروابط الجوية مع بولندا والطرق البرية مع رومانيا والمجر. وذكرت الصحيفة أن الولايات المتحدة وبريطانيا دفعتا تكاليف الكثير من هذه الصفقات، وإن لم تذكر مصادر هذه المعلومات.
فيما اختصَّت بلغاريا صادرات الوقود المنقولة أيضاً عبر وسطاء دوليين بقدرٍ أكبر من السرية، لأن الوقود الذي شحنته إلى أوكرانيا كان مشتقاً من نفط خام روسي في مصفاة بالقرب من مدينة بورغاس البلغارية على البحر الأسود تُديرها شركة "لوك أويل" الروسية، وقال فاسيليف: "كانت الشاحنات والصهاريج تتجه بانتظام إلى أوكرانيا عبر رومانيا، وكنا ننقل الوقود عبر قطارات الشحن أحياناً"، و"صارت بلغاريا من أكبر موردي الديزل إلى أوكرانيا، فقد صدّرت إليها نحو نصف إنتاج مصفاة بورغاس". وأكد كوليبا ذلك، قائلاً إن هذه الشحنات جاءت "في وقت حرج".
عقاباً لبلغاريا، ردَّت موسكو بهجمات قرصنة إلكترونية وحملات تجسس مكثفة (طُرد 70 دبلوماسياً روسياً بتهمة التجسس بين مارس/آذار ويونيو/حزيران من العام الماضي)، وقطعت إمدادات الغاز عن بلغاريا في 27 أبريل/نيسان.
لكن بيتكوف قال إن بلاده توشك على حل أزمة الطاقة بعد الاتفاق مع الولايات المتحدة على إرسال ناقلتين من الغاز البترولي المسال، وقد كانت تلك "إشارة سياسية إلى أوروبا بأسرها بأن هناك طرقاً متاحة دائماً للتخلص من الاعتماد على روسيا".
أُزيحت حكومة بيتكوف عن السلطة في يونيو/حزيران بعد تصويت بحجب الثقة، لكن البرلمان البلغاري وافق رسمياً في ديسمبر/كانون الأول على إمداد أوكرانيا بالأسلحة. وأعلنت بلغاريا تأميمها لمصفاة "لوك أويل" منذ بداية هذا العام، وتتطلع إلى استيراد النفط الخام من دول أخرى.