تعرض دار مزادات فرنسية مئات القطع من أثاث منزلي فاخر، كانت موجودة في منزل تعود ملكيته إلى رفعت الأسد، عم رئيس النظام السوري بشار الأسد، حيث كان يقيم في فرنسا منذ ثمانينيات القرن الماضي، قبل أن يغادرها إلى سوريا العام الماضي، وفق ما نقل موقع Middle East Eye البريطاني.
وقال الموقع إن دار المزادات الفرنسية "أدير" (Ader) تعرض 536 قطعة فاخرة، من بينها أرائك وطاولات ولوحات وثريات وأطقم عشاء بورسلين وسجاد، في أربع غرف لمدة يومين، مشيرة إلى أن مصدرها "منزل متعدد الطوابق في أفينيو فوش"، الحي الراقي في غرب باريس.
واحد من عقارات كثيرة
رغم أن الدار لم تذكر ضمن التفاصيل الدقيقة لكل قطعة من هذه القطع الفاخرة أنها قادمة من المنزل الذي كان يملكه عم بشار الأسد، ونائب الرئيس السوري السابق، رفعت الأسد (85 عاماً)، لكن موقع "ميدل إيست آي" تأكد من أن المنزل كان يوماً واحداً من عقارات كثيرة يمتلكها، بناءً على تقارير صحيفتي Le Journal du Dimanche وL'Orient le Jour.
كانت فرنسا قد تمكنت من مصادرة المنزل، إلا أن الأثاث وقع في ثغرة قانونية، ما يعني أن بائعاً مجهولاً هو من يعرض للبيع مقتنيات لا تقل قيمتها عن 1.6 مليون يورو (1.8 مليون دولار)، وفقاً للبيانات المتاحة.
ولكن وسط كل الضجة المحيطة بالمعروضات، أدرك شابان سوريان -وصلا إلى فرنسا عام 2015، هرباً من حكومة الأسد وقمعها الوحشي للمعارضة- طبيعة ما يحيط بهما.
وقال أحدهما بنبرة صوت منخفضة، طالباً عدم الكشف عن هويته خوفاً من العواقب: "كل هذا يخصنا نحن السوريين. ولكن لا أحد يجرؤ على قول هذا"، بحسب "ميدل إيست آي".
واتصل الموقع بدار أدير عدة مرات، ولكنها لم تكشف عن هوية البائع رافضة تأكيد مصدر المقتنيات، كما أجابت بأن "المعلومات سرية والبيع يتوافق مع القوانين".
جرائم حرب وفساد
يُشار إلى أن رفعت الأسد نُفي من سوريا عام 1984 بأمر من شقيقه حافظ بعد أن قاد محاولة انقلاب فاشلة ضده، فاستقر في فرنسا، وقيل إنه كان يقدم معلومات أمنية لفرنسا عن المنظمات الإرهابية مقابل حمايتها له.
وفي عام 2013، فتحت السلطات السويسرية تحقيقاً في جرائم حرب ودوره في مقتل "عدة آلاف من الأشخاص" خلال مذابح في حماة وتدمر أوائل الثمانينيات، لكنه ينكر هذه الاتهامات.
وفي عام 2017، صادرت السلطات الإسبانية أيضاً أكثر من 500 عقار بقيمة 736 مليون دولار يملكها أيضاً.
وحُكم على رفعت الأسد بالسجن أربع سنوات في فرنسا في يونيو/حزيران عام 2020 بتهمة استخدام أموال الدولة السورية بشكل غير قانوني لبناء إمبراطورية عقارية فرنسية لا تقل قيمتها عن 90 مليون يورو، وصودرت ممتلكاته.
وحين أيدت محكمة فرنسية عليا القرار في سبتمبر/أيلول 2022، غادر الأسد إلى سوريا بعد أكثر من 30 عاماً قضاها في المنفى، بعد أن سمح له ابن أخيه بشار بالعودة.
"لسعادة رفعت الأسد"
وبيعت نصف المقتنيات المعروضة في دار أدير في اليوم الأول مقابل 1,673,000 يورو (1.8 مليون دولار)، بحسب الموقع ذاته.
وأمكن التعرف على بعض المقتنيات المعروضة للبيع بالمزاد العلني -مثل عدد من الأرائك والكراسي الفاخرة- من الصور التي التقطت خلال المقابلات التي أجراها الأسد قبل إدانته. كما تتضمن معروضات أدير أيضاً مجموعتي أطقم عشاء مصنوعة "لسعادة" رفعت الأسد.
وتعرَّف موقع "ميدل إيست آي" أيضاً لوحتين من اللوحات المعروضة للبيع بالمزاد؛ واحدة للفنان الفرنسي كلود جيلي من القرن السابع عشر، بيعت بمبلغ 3000 يورو (3200 دولار)، وأخرى للفنان الروسي غاسبار دي تورسكي تعود للقرن التاسع عشر، بيعت بمبلغ 1200 يورو (1298 دولاراً).
محامي رفعت الأسد ينفي
على أن محامي رفعت الأسد الفرنسي، إيلي حاتم، نفى أن تكون المقتنيات المعروضة في مزاد باريس مملوكة لموكّله.
وقال للموقع: "هو حالياً في دمشق، ويلتزم بالقانون الفرنسي وقانون بلاده. وبالتالي، فهو لا ينوي استعادة أي من الممتلكات المصادرة منه"، مضيفاً أن إجراءات قانونية أخرى ضده في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تنتظره، وأن "الدولة السورية ستقدم طلباً برد أي ممتلكات أُعلن تحويلها من البلاد فور الانتهاء من قضية المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان".
كما أشار حاتم إلى أن المقتنيات التي تعرضها دار أدير "مصدرها الطابق الثالث من منزل أفينيو فوش، الذي تركه الأسد لزوجته السابقة منذ فترة طويلة في سياق إجراءات طلاق صعبة، وإنها ربما تبيع هذه المقتنيات لتربح بعض الأموال، دون موافقة موكلي".
ويُشار إلى أن كلاً من لين الخير ورجاء بركات، وهما زوجتان سابقتان لرفعت الأسد، تملكان شقة في المبنى، وكل واحدة لديها مصعد منفصل حتى لا تلتقيا ببعضهما. ولم يحدد إيلي حاتم أيهما المسؤول عن معروضات مزاد أدير.