بداية الستينيات من القرن الماضي كان حي كوينز، بولاية نيويورك الأمريكية، يشهد ازدياداً في نسبة الجريمة، وكانت ماري فان بريتان براون وزوجها ألبرت براون يقيمان به، كانت براون عادة تعمل في دوام مسائي ممرضة، فيما كان زوجها يعمل فني إلكترونيات ويعود في ساعاتٍ متأخرة.
لم تكن براون تشعر بالأمان عند سيرها ليلاً في الحي أو حتى عند وصولها إلى المنزل، وكانت تعلم أنَّ الاتصال بخدمة الطوارئ قد يعني انتظار وصول الشرطة، لذلك قررت براون الاضطلاع بمهمة الحفاظ على سلامتها بنفسها، وأنشأت أول نظام حماية منزلي حديث.
براون بين محيط خطير وحلول النجاة
وُلدت ماري فان بريتان براون، في 30 أكتوبر/تشرين الأول 1922، وترعرعت في حي كوينز، وهي أم لطفلين من زوجها ألبرت براون، كانت نشأة عائلة براون وطفليها في حي جنوب جامايكا بولاية نيويورك، يشتهر هذا الحي وسكانه بالبشرة السمراء.
عندما بلغت براون الأربعينيات من عمرها طورت أول نظام أمن منزلي باستخدام كاميرا آلية، بالإضافة إلى إمكانية إلغاء القفل عن بعد، ونظام اتصال داخلي، وزر خاص للاتصال بالشرطة.
حسب موقع "canadatoday" الكندي، دائماً ما كانت براون تخشى أن تصبح هدفاً لعملية سرقة أو قتل، بسبب عدم الأمان الموجود في الحي، الشيء الذي جعلها تقوم بتصميم أمن منزلي يبدأ من الباب الأمامي.
كان نظام براون لا يقتصر على ثقب باب واحد فقط، بل ثلاثة ثقوب، وكان كل ثقب على ارتفاع معين للتحقق مما إذا كان الزائر بالغاً أم طفلاً.
لم تكن الثقوب في الباب مخصصة لبراون، بل كانت تسمح للكاميرا المثبتة في الباب، والتي تتحرك صعوداً ونزولاً، بتسجيل الأحداث الخارجية، فيما يمكن مشاهدتها عبر الشاشة التي تقع في أحد الأماكن في المنزل.
لنجاح الاختراع، لجأت براون إلى أحدث التقنيات في ستينيات القرن الماضي، والتي تسمى "دائرة تلفزيونية مغلقة"، والتي كانت نادرة في تلك الفترة، إذ تكهَّنت إحدى مجلات التكنولوجيا أنَّ طلاب الطب قد يستخدمونها لتعلُّم العمليات الجراحية.
لكن براون كانت لديها فكرة مختلفة، فالدوائر التلفزيونية المغلقة تساعد في رؤية من وراء الباب من أي مكان في المنزل، لم تتوقف براون عند هذا الحد فقط، إذ تخيَّلت أيضاً وجود ملحق اتصال داخلي حتى يتمكَّن أصحاب المنزل من التحدث إلى الزائرين دون الذهاب إلى الباب. وعلاوة على ذلك، جاء النظام أيضاً بزر انتقاء للاتصال بالشرطة.
بالإضافة لهذه التقنية، تخيلت براون أيضاً وجود وظيفة فتح القفل عن بُعد، سواء لفتحه أو غلقه، ثم لجأت بعد ذلك إلى زوجها ألبرت، لتصميم النظام باستخدام معرفته التكنولوجية، وسيكون منتجهما النهائي هو أول نظام كاميرا آلية ومراقبة.
براءة اختراع نظام براون الأمني
سنة 1966 تقدمت ماري فان بريتان براون بطلب براءة اختراع لجهازها الأمني، واصفةً إياه بـ"نظام أمن منزلي يستخدم المراقبة التلفزيونية"، فيما أُدرج زوجها ألبرت أيضاً في براءة الاختراع، بصفته الخبير التقني لنظام الأمن.
بعد مرور ثلاث سنوات من تقديم براون نظامها الأمني، منح مكتب براءات الاختراع الأمريكي، براون، أول براءة اختراع لها لنظام الأمن المنزلي سنة 1969.
نُشِرَ الخبر في صحيفة The New York Times. وفي حين أُدرِجَ طلب براءة الاختراع باسم ماري الأول، نسبت الصحيفة لألبرت براون و"زوجته، ماري"، الفضل في الاختراع، وكانت الخطوة المقبلة هي تزويد منازل الناس بهذا النظام.
نظام أمني لثلاثة عقود
بعد حصولها على براءة الاختراع وتتبيث نظامها الأمني في شقتها بمنطقة كوينز، بدأت براون بالبحث عن مصنع لإنتاج النظام، لكنها واجهت بعض المشاكل، خاصةً أن النظام الأمني كان متقدماً للغاية، لدرجة أنَّ التكنولوجيا كانت باهظة للغاية.
حسب الموقع الأمريكى "All That's Interesting"، استغرق النظام عقوداً قبل أن تنخفض تكاليف التكنولوجيا التي ستساعد في تسويق النظام الأمني المنزلي الخاص، فيما لم تبدأ الشركات في بيع الدوائر التلفزيونية المغلقة للسكان إلا مع بداية القرن الحادي والعشرين، أي بعد قرابة نصف قرن من اختراع براون.
رغم ذلك ترك اختراع براون بصمة خاصة، إذ أشارت العديد من براءات الاختراع الأمريكية إلى اختراع براون، بما فيه عدد من أنظمة أمن المنازل اللاحقة، ففي سنة 2021 أشارت شركة أمازون إلى براون في براءة اختراعها الخاصة بـ"أجهزة مكبر صوت لاسلكية لأجهزة التسجيل الصوتي/المرئي والاتصال"، كما حصلت براون أيضاً على جائزة من اللجنة الوطنية للعلماء.
توفيت ماري فان بريتان براون في عام 1999، فيما حذت ابنتها نفس طريق والدتها وأصبحت ممرضة ومخترعة.