واحدة من أغرب المباريات في تاريخ كرة القدم، تلك التي جمعت أرسنال بضيفه دينامو موسكو في خريف عام 1945، حتى وإن كانت بطابع ودي.
أغرب مباراة في تاريخ كرة القدم
فقد شهدت تلك المباراة تجاوزاً لواحد من القوانين الأساسية في كرة القدم، فضلاً عن الظروف الجوية التي أحاطت بها، والتي أُجبر الفريقان على خوضها.. فما هي القصة؟
نزل فريق دينامو موسكو الروسي ضيفاً على الأراضي البريطانية، بدعوة رسمية من الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، للمشاركة في جولة ودية تستمر شهراً.
هذه الدعوة جاءت بعد أسابيع من انتهاء الحرب العالمية الثانية، وجرى الاتفاق على أن يلعب الفريق الزائر عدة مباريات ودية مع الأندية البريطانية، ابتهاجاً بعودة كرة القدم بعد سنوات من توقفها بسبب تلك الحرب.
لم تكن بداية تلك الجولة مبشرة، حيث تلقى الفريق ترحيباً بارداً، والذي بدوره شعر بالضيق؛ لعدم استقبال بعثته المكونة من 40 فرداً بالعلم السوفييتي.
الفريق الضيف نام في سفارة بلاده!
حتى إن مالكي الفنادق رفضوا استقبال البعثة السوفييتية، ليقضى اللاعبون ليلتهم الأولى في مقر السفارة، وبدأ الحديث عن عودة محتملة إلى موسكو بعد اليوم الثالث، إلى أن تدخّل المسؤولون وحلوا الأزمة.
وبعد جولة من المفاوضات، وافق الاتحاد الإنجليزي على جملة من مطالب الفريق السوفييتي، أبرزها اللعب في لندن مع أرسنال، والسماح بإجراء عدد لا محدود من التبديلات.
وخاض دينامو موسكو أولى مبارياته في تلك الجولة ضد تشيلسي يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1945، وانتهت بالتعادل الإيجابي 3-3، قبل أن يسحق الفريق السوفييتي نظيره كارديف سيتي في مباراته الثانية بنتيجة 10-1.
ثم جاء موعد المباراة الأكثر جدلاً في هذه الجولة، والتي كانت بين دينامو موسكو ونظيره أرسنال، الذي كان عدد من لاعبيه ما زالوا في خدمة الجيش خارج البلاد.
هذا الأمر دفع المدرب جورج أليسون إلى الاستعانة بخدمات لاعبين من أندية أخرى، مثل ستانلي ماثيوز وستان مورتنسن وجو باكوزي.
وحسب أحد البنود الأربعة عشر التي نجح دينامو موسكو في فرضها على الاتحاد الإنجليزي، فقد أدار هذه المباراة حكم حضر إلى بريطانيا رفقة الفريق السوفييتي، وفق موقع fourfourtwo.
أُقيمت تلك المباراة على ملعب وايت هارت لين (المعقل القديم لتوتنهام هوتسبير)، لأن ملعب هايبري (معقل أرسنال السابق) كان ما زال تحت سيطرة وزارة الدفاع البريطانية.
الضباب أفسد المباراة
غلّف الضباب الأجواء في تلك المباراة، لدرجة أن كثيراً من اللاعبين طالبوا بتأجيلها لموعد لاحق، لكن المسولين أجبروهم على خوضها بسبب الحضور الجماهيري الكبير، الذي بلغ 55 ألف متفرج.
وحسب صحيفة daily star البريطانية، فإن كثافة الضباب حالت دون أن يتمكن المشجعون على المدرجات من رؤية ما يدور على أرضية الملعب في كثير من وقت المباراة.
وتقول الصحيفة إن أرسنال استفاد من هذه الوضعية، حيث حصل أحد اللاعبين على بطاقة حمراء، وبعد خروجه عاد إلى الملعب مجدداً لإكمال المباراة مع فريقه دون أن يراه الحكم.
لكن هذا اللاعب لم يكن بدرجة ذكاء أو ربما خبث نظرائه في دينامو موسكو، حيث أجرى الفريق السوفييتي عدة تبديلات، ولكن كان يُشرك البدلاء دون أن يقوم بسحب اللاعبين من أرض الملعب، وهو أمر وصفته الصحيفة البريطانية "بالوقاحة".
دينامو أشرك 15 لاعباً!
وتؤكد "ديلي ستار" نقلاً عن أشخاص شاهدوا المباراة، أن دينامو موسكو لعب وقتاً طويلاً منها بخمسة عشر لاعباً على أرض الملعب.
الأمور لم تقف عند هذا الحد، فقد أصيب حارس أرسنال، وبسبب عدم وجود بديل نزل أحد المشجعين ليدخل مكان حارس فريقه وبالطبع لم يرَ الحكم هذا.
اللافت أنه بعد هذه المباراة بأيام، خاض الفريق السوفييتي مباراته الأخيرة في الجولة الودية، وكانت ضد غلاسكو رينجرز، والتي تمتع الجمهور بحضورها بصفة مجانية، ليصل عدد الحضور إلى 92 ألف متفرج.
وكان من المفترض أن يواجه دينامو موسكو نظيره أستون فيلا في مباراته الخامسة، لكن الفريق السوفييتي قرّر العودة إلى بلاده.