أنهى الاتحاد المغربي لكرة القدم، أول أمس الجمعة، 13 يناير/كانون الثاني، بشكل رسمي، الجدل حول إمكانية مشاركته في بطولة إفريقيا للمحليين الجارية حالياً في الجزائر "الشان".
وأعلن الاتحاد المغربي رسمياً تعذر تنقله لمدينة قسنطينة الجزائرية عبر خط مباشر وعلى متن طائرة الخطوط الجوية المغربية، لعدم تلقيه ترخيصاً يُتيح إقلاع الطائرة مباشرة من مطار سلا الرباط إلى الجزائر.
وأغلقت الجزائر مجالها الجوي في 22 سبتمبر/كانون الأول 2021 أمام جميع الطائرات المدنية والعسكرية المغربية، بعد قطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط.
هل تُفرض عقوبات بعد انسحاب المغرب من الشان؟
ينص الفصل 80 من النظام الداخلي لبطولة كأس إفريقيا للأمم، أو كأس إفريقيا للاعبين المحليين، على أن "الانسحاب من البطولة قبل انطلاق المسابقة أو أثنائها تتبعه غرامة مالية بقيمة 150 ألف دولار أمريكي".
بالإضافة إلى ذلك، تُفرض على الدول المنسحبة عقوبة المنع من المشاركة خلال النسختين اللاحقتين من البطولة، باستثناء الانسحاب بسبب قوة قاهرة، التي يملك المكتب التنفيذي لـ"الكاف" النظر في وجاهتها وقبولها أو رفضها.
ويعتبر المغرب أن عدم مشاركته في "الشان"، جاء بسبب "قوة قاهرة"، بعد أن تعذر عليه السفر بسبب رفض السلطات الجزائرية منح الترخيص لرحلته على متن طائرة مغربية.
وتقدم الاتحاد المغربي منذ يوم 22 ديسمبر/كانون الأول 2022، بطلب إلى الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، باعتباره الجهاز المسؤول على تنظيم "الشان"، من أجل الحصول على ترخيص لرحلة جوية عبر الخطوط الملكية المغربية من الرباط إلى قسنطينة، وتم قبول الطلب من حيث المبدأ.
ومن خلال مراسلة رسمية من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم على هذا الأساس، قام الاتحاد المغربي بعدد من الإجراءات، أولها إشعار "الكاف" بمسار الرحلة المغربية والإحداثيات من أجل الحصول على الترخيص النهائي لرحلة الخطوط الملكية المغربية من الرباط إلى قسنطينة، وهو الترخيص الذي لم يحصل عليه "كاف".
اطمئنان مغربي
كشف عضو في الاتحاد المغربي لكرة القدم، في حديثه مع "عربي بوست" أن الاتحاد درس الوضع جيداً قبل اتخاذ قراره، وقلب جميع أوجهه القانونية والرياضية.
وأضاف المتحدث أن الاتحاد رأى اشتراط التنقل المباشر يخدم مصلحته، من حيث اتقاء غضب الأندية التي لا تريد فقدان جهود لاعبيها في الفترة المقبلة، وأيضاً لكسب نقاط في ملف احتضان كأس إفريقيا للأمم.
مشدداً على أنه من الصعب جداً تصور المنتخب المغربي رابع كأس العالم، يغيب عن العرس القاري للأسباب ذاتها في حال أسند كاف التنظيم للجزائر".
وختم المتحدث أن "الاتحاد الإفريقي يعرف جيداً أن المغرب بلد مضياف يرحب بجميع ضيوفه، ويسهل تنقلهم في أي مطار شاؤوا النزول به، ولا يقحم السياسة في الرياضة".
وأشار المتحدث ذاته إلى أن الدليل على ذلك أم المغرب استقبل مباراة المنتخب الجزائري أمام جيبوتي لحساب الدور الثاني تصفيات كأس العالم قطر، بعد أن حلوا في طائرة جزائرية عبر رحلة مباشرة بالمغرب، لأن إغلاق الأجواء هو قرار اتُّخذ من طرف واحد.
"الكاف" فشل في استصدار ترخيص لرحلة مباشرة
أفاد عضو بالاتحاد المغربي لكرة القدم أن الأخير، ومنذ البداية لم يخاطب الجزائر، وإنما وجه مطالبه إلى الكونفيدرالية الإفريقية "كاف"، باعتبارها الجهة المشرفة على البطولات المجمعة.
وأضاف المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست" أن الاتحاد المغربي عبّر عن رغبته بشكل واضح في المشاركة في نهائيات "الشان"، من خلال تجميع اللاعبين وأعضاء البعثة، ونقلهم إلى مطار الرباط سلا، في ساعات مبكرة، ووضع رهن إشارتهم طائرة الخطوط المغربية.
وقال المصدر نفسه إن "الوفد كان ينتظره ترخيصاً من السلطات المعنية لنزول الطائرة في الجزائر، لأن بنود دفتر تحملات بطولة الشان تُلزم البلد المنظم تسهيل نقل المشاركين، وتيسير إجراءات الدخول، وهو ما لم يحصل".
واستبعد المتحدث معاقبة الاتحاد المغربي بسبب عدم مشاركته، لأنه حرص منذ البداية على إشراك الكاف في مواكبة جميع الإجراءات التي اتخذها للمشاركة، بداية من إرسال قائمة لاعبيه في الآجال المحددة، كما حمل "الكاف" مسؤولية ضمان رحلة مباشرة.
أيضاً عقد المنتخب المغربي معسكراً إعدادياً تخللته مباراتين وديتين أمام إثيوبيا، وحضر إلى المطار وجهز طائرة وانتظر حصوله على الترخيص في إطار "تسهيل التنقل" الذي يفرضه الكاف على البلد المنظم للتظاهرات القارية.
وقال عضو الاتحاد المغربي لكرة القدم: "للأسف لم يتسنّ للمغرب المشاركة، ورفضت الجزائر دخول طائرة مغربية أجواءها لما تعتبره احتراماً لسيادتها".
غير أن ذلك يعارض لوائح الكاف ويُعرقل تنقل منتخب مشارك، ما سيكون له أثر على ملف الجزائر لتنظيم نسخة 2025 لكأس إفريقيا للأمم، التي يتنافس على احتضانها مع المغرب، بسبب تأثير السياسة على التنظيم، وهو التأثير الذي يرفضه الاتحاد الدولي والافريقي معاً.
إنفانتينو وموتسيبي "شاهدا إثبات"
تزامن وجود بعثة المنتخب المغربي الأولمبي في المطار مع وصول طائرة جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، وباتريس موتسيبي، رئيس الكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم، إلى مطار الرباط سلا.
وقال مسؤول الاتحاد المغربي إن "إنفانتينو وموتسيبي شاهدا إثبات على رغبة المغرب في المشاركة في "الشان"، غير أنه لم يتمكن من ذلك، بسبب رفض السلطات الجزائرية الترخيص للطائرة المغربية للمشاركة في ثاني تظاهرة قارية من حيث القيمة، بعد كأس الأمم الإفريقية.
وتابع المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست" أن "إنفانتينو وموتسيبي شاهدا الوفد المغربي في بهو مطار الرباط سلا، وهو جاهز للانتقال إلى قسنطينة، وينتظر فقط الترخيص لإقلاع الرحلة".
ويعتبر الاتحاد المغربي، حسب المتحدث نفسه، أن المغرب كان مستعداً للسفر إلى الجزائر، للدفاع عن اللقب الذي فاز به في الدورتين الماضيتين، وأكد رغبته في إنجاح هذه التظاهرة القارية، لكن الأمور سارت في منحى آخر.
وأكمل: "الاتحاد المغربي استهدف من خلال إصراره على شرطه، أن يضع الاتحاد الإفريقي على المحك، وطلب منه ضمان رحلة مباشرة كما تنص على ذلك قوانينه ودفتر تحملات تنظيم البطولات القارية، وهو ما لم ينجح فيه الكاف، رغم تدخلاته في الأيام الماضية لدى الاتحاد الجزائري، الذي تشبث برفض دخول طائرة مغربية إلى أجوائه".
وحل إنفانتينو وموتسيبي بالمغرب، صباح الجمعة لحضور قرعة مونديال الأندية، المقرر إجراؤها بالمغرب في الفترة بين فاتح و11 فبراير/ شباط المقبل.
عين المغاربة على "الكان"
وقال المصدر ذاته، رداً على من يتساءل عن إصرار المغرب هذه المرة، على التنقل عبر خط مباشر بطائرة مغربية للمشاركة في "الشان"، إن المغرب كان يتجنب حرمان رياضييه من المشاركة في محافل دولية مهمة.
وأضاف المتحدث: "الشان لم تعد له أهمية كبيرة لدى الاتحاد المغربي بعد أن أعلن فوزي لقجع الصيف الماضي حلّ المنتخب المحلي بصفة نهائية، والمشاركة فقط بمنتخب أقل من 23 سنة".
وتابع: "السياق مختلف اليوم، فالمغرب هو بطل النسختين الماضيتين من الشان، وهو أيضاً، على المستوى الرياضي، أيقونة القارة السمراء بعد إنجازه غير المسبوق في مونديال قطر، وعلى البلد المنظم تسهيل تنقله، تقيداً بالقوانين".
وأضاف المتحدث: "يعقل أن يخوض المنتخب المغربي رحلة شاقة عبر تونس، في حين أن المسافة من الرباط إلى قسنطينة قصيرة جداً، فضلاً عن وجود عقد يربط الاتحاد بشركة الطيران المحلية، تلزم المنتخبات المغربية لكرة القدم بالتنقل عبر طائراتها، وجب احترامه أيضاً".