ينذر تعيين الجنرال "سيئ السمعة"، أحمد رضا رادان، رئيساً جديداً للشرطة الإيرانية، يوم السبت، 14 يناير/كانون الثاني، باستمرار الحملة القمعية التي تشنها السلطات على الاحتجاجات، والتي شهدت حتى الآن مقتل 481 متظاهراً وإعدامات عديدة.
تعصف المظاهرات بإيران منذ سبتمبر/أيلول، بعد أن توفيت مهسا أميني، فتاة كردية تبلغ من العمر 22 عاماً، في حجز الشرطة بعد اعتقالها لارتدائها "حجاباً غير لائق". وأثارت وفاتها إدانة واسعة النطاق لقواعد اللباس الإلزامية في البلاد، حتى أنَّ بعض رجال الدين في إيران اقترحوا تخفيف القوانين وحل "شرطة الأخلاق" التي تطبقها.
لكن تعيين رادان من قِبل المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي يُظهِر أنَّ الحكومة مصممة على عدم التهاون في قمع الاحتجاجات أو الاستماع إلى مطالبهم الإصلاحية، كما يقول تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني.
من هو رئيس الشرطة الإيرانية الجديد؟
اكتسب أحمد رضا رادان سمعة سيئة عن موقفه المتشدد تجاه المعارضين عندما كان نائب رئيس الشرطة خلال الحملة الحكومية على احتجاجات "الحركة الخضراء" لعام 2009، التي أشعلها التزوير المزعوم للأصوات في انتخابات ذلك العام، كما كان ينتقد رادان على الدوام الملابس "المنحرفة".
وسُمِع رادان يقول في تسجيل صوتي مُسرّب عام 2009: "اضربهم … كل ساق مكسورة [من المتظاهرين] … [سوف تجلب لك] مكافأة [في العالم الآخر]".
وفي الثمانينيات، كان رادان عضواً في فيلق الحرس الثوري الإسلامي، لكن ابتداءً من التسعينيات انضم إلى قوة الشرطة التي كانت وقتها مُؤسَّسة حديثاً في إيران.
وفي عام 2006، وُظِّف لقيادة الشرطة في العاصمة طهران؛ حيث فرض بحماس قواعد اللباس المحافظ، وأمر الشرطة باحتجاز الشباب ذوي "تسريحات الشعر الغربية المنحرفة". وقال في ذلك الوقت إنَّ الرجال الذين يرتدون قمصاناً "غير لائقة" سيُعتقَلون أيضاً.
وأصدر إنذاراً نهائياً، حذّر فيه "الشركات والمستشفيات الخاصة" من منع موظفيها من ارتداء ربطة العنق، زاعماً أنَّ ارتداء ربطة العنق هو "ترويج لرمز الغرب".
"مهمة رادان في الإشراف على طهران كانت فظيعة بالنسبة للنساء"
في عام 2008، حصل رادان على ترقية إلى منصب نائب قائد الشرطة الإيرانية الجنرال إسماعيل أحمدي مقدم. وخلال تلك الفترة، عمل على تعزيز "شرطة الآداب" المثيرة للجدل، وزيادة الدوريات في المدن الكبرى.
وقد سبق له "مضاعفة عدد الدوريات لتغطية جميع طرق وشوارع طهران، وكذلك الحدائق". كما أمر رادان باحتجاز النساء اللاتي يرتدين أحذية طويلة أو حجاباً قصيراً.
وقالت رويا (35 عاماً)، وهي صحفية فضلت عدم ذكر اسمها الكامل لأسباب أمنية، لموقع Middle East Eye، إنَّ مهمة رادان في الإشراف على طهران كانت فظيعة بالنسبة للنساء.
وأوضحت: "خلال فترة رادان، تعرضت للاعتقال من شرطة الآداب 4 مرات، وكان ذلك لأشياء بسيطة؛ مثل أنَّ جزءاً صغيراً من شعري كان خارج الوشاح. وأينما مررنا في طهران، كانت هناك هذه الدوريات وكنا خائفين ومرعوبين جداً. أينما ذهبنا في الشوارع، كنا نخشى وصول هذه الدوريات".
ما قصة فضيحة "كهريزاك" التي اتُّهم بها رادان؟
في أعقاب الانتخابات الرئاسية لعام 2009 وإعلان الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد رئيساً، رفض المرشحون الإصلاحيون النتائج، قائلين إنَّ بطاقات الاقتراع مزورة. نزل المتظاهرون إلى الشوارع في جميع أنحاء البلاد – فيما صار يُعرَف باسم الحركة الخضراء – احتجاجاً على ما اعتبروه إنكاراً للديمقراطية.
أثارت حملة القمع، التي أشرف عليها رادان، إدانة دولية؛ إذ أفادت تقارير بمقتل العشرات. وفي أعقاب الاحتجاجات، كانت هناك أيضاً تقارير عن التعذيب ومقتل العديد من المتظاهرين في مركز احتجاز كهريزاك، الذي أشرف عليه رادان أيضاً. وأكدت الجمهورية الإسلامية مقتل 3 أشخاص على الأقل هناك.
وقال رادان عن الاحتجاجات "لم أندم قط على أدائي خلال فتنة 2009، وإذا حدثت فتنة أخرى فسأتعامل معها بحزم مرة أخرى". ومع ذلك، في عام 2011، طبّقت الولايات المتحدة عقوبات ضد رادان لانتهاكه حقوق الإنسان خلال الاحتجاجات. وبعد سنوات قليلة، أشار رادان إلى أنه خضع للاستجواب والتحقيق لدوره في كهريزاك.
وصرح لاحقاً لوكالة تسنيم الإخبارية التابعة للحرس الثوري الإيراني: "أثناء الفتنة، نزلت إلى الشوارع في النهار وتعاملت مع مثيري الفتنة، وفي الليل خضعت للاستجواب".
ثم في عام 2014، بعد عام واحد من انتصار الإصلاحي حسن روحاني، الذي تعهّد بوضع حد لدوريات شرطة الأخلاق، أُقيل رادان من منصب نائب قائد الشرطة وأُرسِل لرئاسة مركز الدراسات الاستراتيجية للشرطة.
وقال مصدر مقرب من المحافظين لموقع Middle East Eye إنَّ رادان أُقيل بعد ضغوط من حكومة روحاني لأنه كان لا يزال مصرّاً على مواصلة دوريات شرطة الأخلاق في الشوارع. وكشف المصدر: "عندما فاز روحاني في الانتخابات عام 2013، اتصل شقيقه برادان بسرعة، ووبخه وأمره بوقف شرطة الآداب – لكنه قاوم إلى حد ما".
"إيران غير مهتمة بالتجاوب مع مطالب المحتجين"
يقول موقع MEE إنه يُنظَر إلى تعيين رادان، بسمعته، على أنه علامة واضحة على أنَّ المؤسسة الحاكمة في إيران غير مهتمة بالتجاوب مع مطالب المحتجين.
في غضون ذلك، أعلن عبد الصمد خرم آبادي، نائب المدعي العام، أنَّ مكتب النائب العام أمر الشرطة بـ"التعامل بحزم" مع النساء اللواتي لم يعدن يرتدين الحجاب في جميع أنحاء البلاد.
وقال أحد المُعلّقين السياسيين، الذي لم يرغب في الكشف عن اسمه، لموقع Middle East Eye: "إضافة إلى القمع، سيواجه رادان هؤلاء النساء اللائي تحدَّين مؤخراً قانون الحجاب في الجمهورية الإسلامية ولا يرتدين أي وشاح في الشوارع".
وأضاف أنَّ مثل هذه التعيينات من المؤسسة الحاكمة تشير إلى أنها لا تستمع لاحتجاجات الناس، وستكون لذلك تداعيات خطيرة على الجمهورية الإسلامية على المدى الطويل إذا رفضوا أية إصلاحات. وتابع المُعلّق السياسي: "من الواضح أنَّ تعيين [رادان] يشبه تلويح المؤسسة بقبضة من حديد في وجه المتظاهرين".