وسط وضع سياسي استثنائي، من المتوقع أن يصل إلى لبنان، اليوم الإثنين 9 يناير/كانون الثاني 2023، وفد قضائي أوروبي من أصل ثلاثة وفود ستحط رحالها في بيروت الأسبوعين المقبلين.
وكشفت مصادر دبلوماسية أوروبية لـ"عربي بوست"، أن الوفد الأول، الذي سيصل بداية هذا الأسبوع، يتألف من قضاة ومحققين متخصصين، وعناصر من الشرطة القضائية من ألمانيا.
وستكون مهمة هذا الوفد التحقيق مع متهمين ومشتبه بهم في عمليات فساد وتبييض أموال نفذها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بالتعاون مع أفراد من عائلته ومقربين منه ومساعدين له ومصرفيين.
وتشير المصادر نفسها إلى أن اسم رياض سلامة لا يزال موجوداً ضمن لائحة المطلوب الاستماع إليهم؛ لكونه العنصر الأساسي في التحقيق الذي تقوم به ألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ.
في الإطار نفسه تقول المصادر نفسها إن القاضية الفرنسية أود بوروزي طلبت الاستماع إلى رياض سلامة وإلى آخرين، ويفترض أن تستجوبه مباشرة مطلع الأسبوع المقبل.
كما أن مدعي عام التمييز في لبنان، القاضي غسان عويدات، حسب مصادر "عربي بوست"، تلقى مراسلة قضائية أوروبية تضمنت طلب استجواب لائحة بالأسماء.
وعلى رأس هذه اللائحة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وشقيقه رجا وهو مؤسس شركة "فوري" التي تتهمها الدول الثلاث بتهريب الأموال من مصرف لبنان إلى أوروبا لصالح مسؤولين سياسيين.
أيضاً يوجد في اللائحة مساعدا سلامة وهما ماريان الحويك، ومروان عيسى الخوري، إضافة إلى مديري عدد من المصارف المتعاملة مع مصرف لبنان وهي: الاعتماد اللبناني، بنك عوده- بنك لبنان والمهجر، بنك البحر المتوسط، فرنسبنك، بنك بيروت والبلاد العربية، وبنك مصر ولبنان.
ويشير المصدر إلى أن المحققين والقضاة الأوروبيين طلبوا الاستماع أيضاً إلى وليد نقور، الذي يترأس منذ 2007 فريق التدقيق المالي في حسابات مصرف لبنان عن شركة "أرنست آند يونغ".
وأبلغت الجهات اللبنانية في الرسالة أن الوفود ستعمد إلى تكليف خبراء للاستحصال على مستندات، علماً أن الاستجوابات ستجرى في قصر العدل بإشراف قاضيَين مكلفَين من القضاء اللبناني هما: غسان خوري وإيميلي كلاس.
تبييض الأموال قبل أي شيء
بالمقابل تؤكد مصادر قضائية لبنانية لـ"عربي بوست"، أن الجهات القضائية الأوروبية أبلغت نظيرتها اللبنانية أن حضورها إلى لبنان يأتي تطبيقاً لمعاهدات واتفاقات كان لبنان قد وقّع عليها في مراحل سابقة.
وأضافت المصادر نفسها أن الوفد الذي سيصل إلى بيروت معنيّ بمتابعة ملف تبييض الأموال، إذ تسببت ظروف لبنان المصرفية في تدفق الأموال النقدية للعملات الأجنبية- خصوصاً الأمريكية- إلى المصارف اللبنانية ومنها إلى الأسواق المالية العالمية.
ويؤكد المصدر أن المراسلات مع الجهات الأوروبية تشير إلى أن بعض هذه الأموال تأتي من سوريا وإيران أيضاً، ما يفتح الشبهات حول حصول عمليات تبييض واسعة لأموال غير شرعية.
وتشير المصادر القضائية إلى أن الأشخاص المطلوب الاستماع إليهم من قبل الوفد القضائي الأوروبي سيكون من حقهم الحضور أو التغيب عن التحقيق، الذي سيكون بحضور قاضٍ لبناني.
كما أن الوفد، وحسب المصادر ذاتها، قادر على أن يطّلع على الملفات المقصودة الموجودة لدى القضاء اللبناني والحصول على بعض الأوراق منها، وهو ما لا يؤثّر على سرّيّة التحقيق وفقاً لتقدير القضاء اللبناني.
ويتوقع المصدر القضائي اللبناني تغيب رياض سلامة، خاصةً أن المعلومات تشير إلى أن الجانب الفرنسي سيستجوبه بصفة مشتبهاً به، وقد يعمد القضاء اللبناني إلى الادعاء عليه فوراً.
وفي هذه الحالة، يكون حاكم مصرف لبنان في وضع أكثر من مشتبه به، لأن على القاضية الفرنسية بعد إعداد تقرير عن تحقيقاتها إحالته إلى هيئة اتهامية تتولى تحويله إلى المحكمة واتخاذ الإجراءات التنفيذية بحقه لضمان مثوله.
المرفأ ضمن أولويات الوفد
في إطار متصل يؤكد المصدر القضائي أن الوفد الأوروبي سيرافقه محقق عدلي فرنسي مهمته الاطلاع على خفايا ملف انفجار مرفأ بيروت والعرقلة التي يشهدها هذا الملف، وسيلتقي المحقق الفرنسي بالقاضي طارق البيطار الموكل إليه هذا الملف.
ويشير المصدر إلى أن تحريك هذا الموضوع مرده اهتمام دولي وأوروبي كبير بإعادة إحيائه بعد قيام المسؤولين في البلاد بمحاولات إغلاقه؛ لكونه يستهدف وزراء ونواباً ورؤساء حكومات كانوا على اطلاع واسع على وجود المواد المتفجرة داخل عنابر مرفأ بيروت.