يحتضن المغرب كأس العالم للأندية، في الفترة الممتدة من الأول إلى الـ11 من شهر فبراير/شباط القادم، بتوافق مع الاتحاد الدولي "فيفا" بعد إحجام دول العالم عن تقديم ترشيحها لاستضافة هذه التظاهرة الرياضية، ليلعب المغرب دور "المنقذ"، ويضمن إجراء المسابقة التي تجمع بين الأندية أبطال القارات الخمس.
فقد فشل الاتحاد الدولي لكرة القدم في الاتفاق مع كل من الصين والإمارات اللتين كانتا مرشحتين لاحتضان البطولة، قبل أن يبرز اسم الولايات المتحدة الأمريكية، لكنها أيضاً تراجعت عن استضافة هذا الحدث الذي سبق أن استضافة المغرب في مناسبتين، فما الذي ستربحه الرباط من خلال موافقتها على احتضان البطولة وعلى شروط "الفيفا"؟
دبلوماسية رياضية
انقسمت آراء الملاحظين والخبراء حول أهمية احتضان التظاهرة بالنسبة للمغرب، باعتبارها "بطولة بعائدات مالية ضعيفة"، رغم مشاركة نجوم عالميين فيها، فيما يرى آخرون أن المملكة المغربية تتطلع إلى مكتسبات من جوانب أخرى من خلال تنظيم هذا الحدث.. فما حقيقة استفادة المغرب من تنظيم "المونديال الصغير؟".
حسب المحلل الرياضي المغربي، إدريس عبيس، فإن استضافة مونديال الأندية تدخل ضمن الاستراتيجية الكبرى للمغرب، التي من ضمنها احتضان المنافسات الرياضية العالمية، التي يشتغل خلالها على الشق المتعلق بالدبلوماسية الرياضية وتسويق صورته لدى العالم، واستعراض قدراته التنظيمية وبنيته التحتية، والفندقية والطرقية، وكل ما هو لوجيستيكي.
تابع عبيس، في تصريح لـ"عربي بوست" قائلاً: "المغرب يواصل منذ سنوات سياسة تنظيم التظاهرات الرياضية ذات الطابع الدولي، ففي الصيف الماضي احتضن بطولة إفريقيا للأمم للسيدات، ودوري أبطال إفريقيا للأندية النسائية، كما سينظم في أغسطس/آب المقبل كأس إفريقيا للمنتخبات تحت 23 سنة المؤهلة إلى أولمبياد باريس".
كما شدد إدريس عبيس، المدير الفني السابق للعديد من الأندية المغربية والعربية، على أن هناك إرادة سياسية وتعليمات من أعلى مستويات السلطة في البلاد، لاقتحام الهيئات الرياضية وانتزاع تنظيم التظاهرات الرياضية الكبرى.
البحث عن حضور دولي
وأوضح أن المغرب يسعى من وراء ذلك لتحقيق حضور دولي للمملكة، لافتاً إلى أن سياسة المغرب لا تقتصر على المنافسات الرياضية فقط، بل احتضن العديد من المؤتمرات العالمية ذات الطابع الاقتصادي أو البيئي أو الحقوقي، يضمن من خلاله توجيه أنظار الإعلام في العالم إليه، والتعريف بقدراته في جميع المجالات، واعتباره وجهة آمِنة بموقع استراتيجي قريب من أوروبا ومن الشرق الأوسط.
ويشارك في النسخة الـ19 من بطولة كأس العالم للأندية كل من ريال مدريد الإسباني بطل أوروبا، وفلامينغو البرازيلي بطل أمريكا اللاتينية، بالإضافة إلى سياتل ساوندرز الأمريكي، وأوكلاند سيتي النيوزيلندي، مع الوداد المغربي بطل إفريقيا المحتضن للمنافسة، والهلال السعودي بطل آسيا، وفريق الأهلي المصري وصيف بطل إفريقيا.
وأشار المتحدث إلى أن مونديال الأندية سيساهم في دوران العجلة الاقتصادية بالمغرب، من خلال خلق فرص عمل للعديد من الشباب، وتحريك المقاولات التي ستسهم في التنظيم والمؤسسات الفندقية، وغيرها من المؤسسات المرتبطة بالحدث، التي ستنتعش بحضور جماهيري من أوروبا بالنظر للقرب الجغرافي من القارة العجوز.
خسائر اقتصادية.. ورهان على المونديال
ستكون النسخة المقبلة من كأس العالم للأندية، الثالثة بالمغرب بعد نسختي 2013 و2014، ما يعني أن المغرب يعي جيداً تبعات احتضان المسابقة، وانعكاسها على الاقتصاد سواء بالسلب أو بالإيجاب، فهل استفاد اقتصادياً من الدورتين السابقتين؟
كشف مسؤول سابق في وزارة الشباب والرياضة، تحفَّظ عن كشف اسمه، أن بلاده لم تستفِد كثيراً من ناحية الأرباح المالية بعد تنظيمها لنسختي العامين 2013 و2014 من "الموندياليتو".
وأوضح لـ"عربي بوست": "نظم فيها المغرب مونديال الأندية في عامين متتاليين، وأستطيع أن أؤكد أنه لم يكن رابحاً من الناحية الاقتصادية، فتكلفة التنظِيم قُدرت بحوالي 70 مليون دولار، تنضاف إليها 21 مليون دولار، رصدت للتظاهرتين معاً، من أجل اكتساب حق التنظيم، زيادة على ضمانةٍ قدرها 32 مليون دولار لدى الاتحاد الدولِي لكرة القدم، مما يعنِي أن المغرب غير رابح فِي العملية، وأنه كان في حاجةٍ إلى 11 مليون دولار، ليحقق توازنه المالي".
وأوضح المتحدث أن "المملكة، من خلال تنظيمها لمثل هذه التظاهرات تتطلع إلى ما هو أبعد، حيث يعتبر إنجاح مونديال الأندية اختباراً حقيقياً لقدرات المغرب، واستخدامها كورقة من أوراق رابحة لطلب استضافة كأس العالم، مستقبلاً، على اعتبار أن إفريقيا لديها الحق أيضاً في تنظيم المونديال بعدما جرى في القارة السمراء مرة واحدة في العام 2010".